السبت، 18 أبريل 2015

السيدة بثينة الداعشية










أعرف «مدرسة فضل الحديثة» جيدًا، لأن ابنتى كانت تلميذة بها، المدرسة خاصة بمصاريف باهظة كالعادة، لا تقدم تعليمًا ولا أدبًا يساوى المصاريف التى يتكبدها أولياء أمور التلاميذ ولا تقدم فوضى التعليم الحكومى، هى باختصار تعمل وفق المنهج المصرى الخالد، أعنى «الفهلوة».

ومن المعروف أن «الفهلوة» المصرية تقوم أساسًا على إيهام الزبون بأن كل شىء تمام والأمور منضبطة والعملية التعليمية والتربوية تجرى على قدم وساق.

ظلت المدرسة تعلم تحت سمع وبصر المجتمع وفق المنهج المصرى لمدة تزيد على ربع قرن، ثم حدث صدام المجتمع والدولة مع جماعة الإخوان فتم إدراج المدرسة فى لائحة المدارس المتحفظ عليها بدعوى أنها تابعة بشكل أو بآخر للجماعة المحظورة.

 من ناحيتها لم تقف المدرسة مكتوفة اليدين، وطعنت على قرار التحفظ، ولا يزال الطعن ساريًا وكذا التحفظ، فى لمحة من لمحات ارتباك الإدارة المصرية المعروف عنها أنها تخترع مشكلة لكل حل وحلاً لكل مشكلة!

فجأة وكما فى أفلام حسن الإمام اكتشفت السيدة بثينة كشك، وهى تشغل منصب مدير المديرية التعليمية بالجيزة، أن مدرسة فضل إخوانية وإرهابية وأن مكتبتها تكتظ بكتب تدعو إلى الإرهاب والتطرف.

الاكتشاف المذهل الذى اكتشفته السيدة بثينة وصل إلى إدارة المدرسة التى حاولت توجيه ضربة استباقية لهذا الاكتشاف، فدعت وزارة التربية والتعليم إلى تشكيل لجنة تقوم بفحص المكتبة، وبالفعل تم تشكيل اللجنة التى أفادت بأن كتب مكتبة مدرسة فضل ليست إرهابية ولا متطرفة.

كان يجب أن ينتهى الأمر عند هذا الحد، ولكننا فى مصر أم الدنيا والعجائب يا صاحبى، لقد عز على السيدة بثينة كشك أن تنتهى المهزلة بهذه السرعة، ولذا فقد قامت سيادتها بجولة تفتيش مفاجئة على مكتبة المدرسة واستخرجت وفق علمها الفياض كتبًا ترى هى أنها متطرفة وإرهابية وتدعو إلى العنف.

الكتب الآن تحت قبضة المضبطة القضائية للسيدة بثينة وأمامها عدة خيارات للتعامل مع هذه الكتب الإرهابية:

الأول: تدعو لجنة علمية محايدة لفحص الكتب، فإن أقرت اللجنة أن الكتب إرهابية جاز للسيدة بثينة أن تعاقب المدرسة وفق ما فى لائحة الوزارة من عقوبات.

الثانى: أن تحصل لنفسها ولمنصبها على أعلى درجات الشو الإعلامى، وذلك بأن تأخذ عينات إرهابية من نخاع عظام الكتب وتلف بها على الفضائيات وتفضح المدرسة فضيحة لا تقوم بعدها لها قائمة.

الثالث: تصادر الكتب وتوبخ الإدارة أو تعاقبها وتزود المكتبة بكتب بديلة تشع رقيًّا وتحضرًا وإسلامًا وسطيًّا.

الرابع: تربت بحنان أُم على أكتاف الكتب وتهمس لها: «نامى نوم الأبد، فلا مكتبة هناك ولا تلاميذ يطالعون، والموقف كله عبث فى عبث».

السيدة بثينة المصابة على ما يبدو بإشعاع وطنى حاد وبحروق فكرية من الدرجة الأولى الفاخرة قررت تجاهل وركل كل هذه الاختيارات وقامت مع جماعة لا نعرف من هم بحمل أعلام جمهورية مصر العربية والتمركز بها فى فناء المدرسة، ثم جلب الكتب المغضوب عليها والمشكوك فى حسن سيرها وسلوكها وإشعال النيران بها، كهذا عيانًا بيانًا تحت عيون التلاميذ.

طيب، سيدة تربوية هذا هو مسلكها وهذا هو قرارها واختيارها الأول، كيف نتصرف معها؟ وكيف نطمئن على مستقبل وطن هى إحدى قياداته؟


هذا المسلك الداعشى بامتياز لن يصب إلا فى مصلحة جماعة حسن البنا، التى ملأت الأرض دموعًا على كتب الإسلام التى تحرقها سلطة الانقلاب، أى كلام أو نصح لن يجدى مع الداعشيين، فمرحبًا بالنار التى ستحرقنا جميعًا، فقد تطهرنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت بجريدة التحرير يوم 14 ابريل 2015

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق