الجمعة، 27 سبتمبر 2013

الاكتفاء الذاتى من شاكيرا





قبل سنوات ليست بعيدة طلعت علينا من غابات كولومبيا المغنية السيدة "شاكيرا" امرأة تلبس ما يكفى بالكاد لستر ما لا يجوز كشفه علنا، ترقص وكأنها سامية جمال فى عز شبابها، تتمتع بلياقة بدنية وكأنها المصارع كرم جابر، باختصار٠٠ السيدة شاكيرا لها خصر أوروبى وأرداف عربيًة٠

ونظرا لعروبة أردافها فقد تبناها الإعلام العربى فأصبحت أغانيها مقررة على كل الفضائيات العربية الراقصة، وقد ترسخت مكانة شاكيرا بعد اكتشاف جذورها العربية اللبنانية ومعروف عنا نحن العرب أننا مثل القرعاء التى تتباهى بشعر ابنة أختها.

ظلت شاكيرا ردحا من الزمان متربعة على عرش الفضاء العربى، ثم رويداً رويداً راح صوتها يخفت وأردافها تهدأ.

طبعا لم يكن فى الأمر خصام -لا قدر الله- بين الفضائيات العربية وبطن شاكيرا العارى كل ما هنالك أن النخاسين الجدد تجار أغانى الفيديو كليب قالوا إن جحا أولى بلحم توره، وعليه فقد جلبوا العشرات من بنات العرب، ليلعبن نفس دور شاكيرا، فإن كانت هى تهز ردفا فهن يعرين الردف والبطن والنهد معا، وإن كانت شاكيرا قد غنت وهى تتمرغ فى الوحل، فهن يغنين وهن يداعبن "العجلة والحصان والكلب أيضاً".

لنا أن نعترف أن تجار الرقيق الأبيض وجهوا لشاكيرا ضربة معلم وتم بحمد الله الذى لا يحمد على كليب سواه الاكتفاء الذاتى من السلعة شاكيرا مع وجود فائض يسمح بالتصدير.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت بجريدة صوت الشعب - 3 مايو 2005


الخميس، 26 سبتمبر 2013

متى نشعر بالعار؟!





أكد تقرير صادر عن جهاز التعبئة العامة والإحصاء أن نسبة الأمية فى مصر (أم الدنيا) قد بلغتْ 30% من مجمل عدد السكان، أى أن نحو 17 مليون مصرى فوق سن الخامسة عشرة لا يعرفون الكتابة ولا القراءة!

ثم توسع التقرير الذى نقلت بياناته بدقة زميلتنا بجريدة «التحرير» حنان الجوهرى، فقال إنه على الرغم من أن نسبة الأمية يتم رصدها بدءًا من سن الخامسة عشرة فإن هناك رقما يشير إلى أن معدل الأمية بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين سن العاشرة والخامسة عشرة قد بلغ 25%.

وعن الصعيد (السعيد) قال التقرير إن المنيا تحتل المرتبة الأولى بين المحافظات الأكثر أمية بنسبة بلغت 36،7 % تليها محافظات بنى سويف والفيوم وسوهاج بنسبة بلغت 35% أما أسيوط وقنا فإن نسبة الأمية بهما هى 31%.

لا تظن أن الأمور وردية بالنسبة للقاهرة (مصر المحروسة) لأن نسبة الأمية بها 17،4%، أما الإسكندرية (عروس البحر الأبيض المتوسط) فنسبة أمية أولادها بلغت 16،5%.

لا داعى لذكر نسب ما بقى من محافظات، لأن شهاب الدين مثل أخيه، والكل فى المصيبة سواء.

ولكن هل هى مصيبة؟ هل نشعر بعارها؟

لقد أصبح خبر استفحال الأمية فى مصر من الأخبار الموسمية كأنه خبر عن اختفاء أنابيب البوتاجاز فى الشتاء وانقطاع الكهرباء فى الصيف، أصبح الخبر مألوفا لا يثير دهشة أحد، بل لا أبالغ إذا قلت إنه لم يعد يستوقف أحدا. من الرئيس إلى الخفير، كلنا نقرأ الكارثة ثم يكتفى صاحب المروءة منا بقلب شفتيه استنكارا وامتعاضا.

نُشر الخبر فما قرأنا حملة صحفية تستنكر وتدين وتعرى وتفضح المسؤولين عن تلك الكارثة، لم نشاهد برنامجا تليفزيونيا يخصص ولو فقرة من فقراته لمناقشة الأمر، لم نسمع برنامجا إذاعيا يضع الفأس فى عنق الجانى، كما لم يصلنا أن مسؤولا واحدا اهتم بالأمر وانشغل به.

من زاوية من الزوايا تبدو قضية الأمية فى مصر من القضايا العبثية التى تدفع لذلك النوع من الضحك الذى ينتهى بالدموع، فكل حكومة منذ محمد على باشا تكفّن الأمية ثم تضعها فى تابوت فاخر، ولا تغفل أبدا عن أن تعطر جثمان الفقيدة لكى لا تفوح رائحته، ثم تقوم بتسليم محتويات التابوت كاملا غير منقوص للحكومة التى تأتى بعدها، وكل جيل مصرى يصنع صنيع حكومته المصرية وكأنه يؤمن فى قرارة نفسه بأنه هو فقط الأحق بالتعليم، أما باقى الشعب فقد خلق للعمل اليدوى الشاق الذى لا يحتاج إلى مهارات المتعلمين، ولكى تكتمل الصورة العبثية رأينا كل حكومة تطلق برامج للقضاء على الأمية، ولكن الحقيقة تكمن دائما خلف ستار التصريحات الرسمية، فما تلك البرامج المزعومة إلا قناع من أقنعة التمويل الخارجى الذى تعيش عليه حكوماتنا، ففى هذا العالم ثمة من يؤمن بحق الناس فى التعليم ولذا يدفع تكاليف محو أمية المصريين، وهذا الذى يسدد الفاتورة لا يعرف أنه ينفق على قضية تحرص كل الحكومات المصرية على أن تخسرها بجدارة، ربما لكى يستمر الجهل الذى يتيح لها حكما مريحا، وربما لكى يستمر التمويل السخى!

وزير يعترف

تفضل المهندس إبراهيم محلب وزير الإسكان وهاتفنى على خلفية ما كتبته الأسبوع الماضى عن تعامل الحكومة مع الفقراء عبر تخصيص شقق لهم تبلغ مساحة الواحدة منها 42 مترا. وافقنى سيادة الوزير فى أن المساحة جد ضئيلة، ولكنه نبهنى إلى أنه لا يتحمل مسؤولية بناء تلك الشقق، فقد تم بناؤها قبل أن تتولى حكومة الدكتور الببلاوى المسؤولية، وأضاف الوزير أنه اختار أن يحل أزمة ستة آلاف أسرة بدلا من أن تظل الشقق مغلقة غير مأهولة، وأكد الوزير أن عهد وزارته لن يشهد بناء شقة تقل مساحتها عن 76 مترا.

أشكر سيادة الوزير على اهتمامه وأدعو له بالنصر على شياطين الإنس، وما أكثرهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت بجريدة التحرير 26 سبتمبر 2013
لينك المقال على موقع التحرير:

الخميس، 19 سبتمبر 2013

42 مترًا يا ببلاوى!





فى صباح جمعة شتوىّ من العام 2006 حملتُ منفردا جثمان طفلتى «فاطمة الزهراء» من مستشفى بالدقى حتى مدفن جدها لأمها فى السيدة عائشة، لم تكن تلك أولى تجاربى مع الموت الذى يعضّ القلب، لكنها كانت أول مواجهة مباشرة مع ساكنى القبور. على بُعد خطوات من القبر الذى ستنام فيه طفلتى كانت غرفة الحفَّار، تقدم منِّى معزيا بآليّة ثم بدأ عمله، كان وسيمًا يرتدى جلبابا ناصع البياض.

عندما هبط إلى جوف القبر طلب منِّى تسليمه «الأمانة» عجزتُ عن حمل ابنتى إليه، رفع صوته مناديا زوجته، جاءت الزوجة، كانت نسخة من بطلات خيرى شلبى، بلطية تسبح فى جلباب بلدى فضفاض لا يستطيع إخفاء علامات أنوثتها، عملا معًا كجرّاح ومساعدته، عندما رأت الزوجة ما أنا عليه، طاب لها أن تخفف عنى بطريقتها الخاصة، جاءت بماء وغسلت وجهها ويديها وكذا فعل زوجها، ثم جاءت بشاى لنا جميعا، ثم نظرتْ مبتسمة إلى زوجها وقالت: «قل للأستاذ». قالت جملتها ثم انصرفت ضاحكة. غمغم الزوج بخجل غريب على هيئته، ثم قال: «دى ولية وشّها مكشوف، عايزانى أقولك يعنى إن ليلة زى ليلتنا إمبارح تخليك تخلف عشر صبيان مش بت واحدة، عوضك على ربنا يا باشا».

هل أبالغ لو قلت إن بؤس هذا المشهد جعل حزنى على طفلتى تافها رخيصا بلا معنى؟

هل رضىَ هؤلاء حقًّا عن حياتهم حتى إن الزوجة تشاكس زوجها أمامى بذكرى ليلة البارحة؟ هل غسلنا نحن أيدينا منهم؟ عن نفسى أعترف: «لم أزر قبر طفلتى قط». كم قلبًا سأحتاج إليه لكى أتحمل مضغ بؤس المقابر وابتلاعه؟

كلنا نخادع قلوبنا ونروِّج لخرافة تزعم أن هؤلاء قد رضوا عن حياتهم وأن حياتهم قد رضيت بهم.

يهاجمنى مشهد المقابر بكل تفاصيله كأنه قد حدث قبل ساعة، وأنا أقرأ بيان حكومة حازم الببلاوى الذى به سينجو ساكنو المقابر والسطوح والعشوائيات والـ... من بؤس مساكنهم. يقول الظالمون فى بيانهم: «فى إطار خطة الدولة لتحقيق العدالة الاجتماعية (لاحظ العدالة الاجتماعية) تعلن وزارة الإسكان عن فتح باب الحجز لعدد 6000 وحدة سكنية بمساحة 42 مترا، للإيجار بمدينة 6 أكتوبر بنظام القرعة العلنية للعاملين أو المقيمين بالقاهرة الكبرى».

يوضح البيان شروط الحصول على الشقة الحلم فيقول: «سيتم عمل بحث اجتماعى على المتقدمين من خلال وزارة التضامن الاجتماعى». نعلم جميعا أن هذا البحث هو اسم التدليل المصرى لشهادة الفقر.

ثم يؤكد البيان: «إن مقدَّم الحجز 1100جنيه والقيمة الإيجارية 125 جنيها فى الشهر، بزيادة 7% سنويا ومدة الإيجار 7 سنوات قابلة للتجديد طبقا لما يسفر عنه البحث الاجتماعى الذى يتم فى حينه».

انتهى البيان الذى يتستر خلف الشعار الأعظم لثورتنا «العدالة الاجتماعية» ليقرر أن 6 آلاف شقة هى كل خطة الحكومة فى تخفيف بؤس الفقراء وساكنى المقابر والعشوائيات والعلب الصفيحية!

هذا بيان مجرم يتحدث عن العدالة الاجتماعية ثم يتيح شقة مؤجرة لمدة سبع سنوات فقط بضمان شهادة فقر، كل مساحة تلك الشقة التى يدللونها باسم الوحدة السكنية 42 مترا فقط لا غير، يقينًا ستصبح المساحة 38 مترا بعد خصم المنافع!

نقرّ ونعترف أن حكومة الببلاوى ورثت كل هذا البؤس، ولكن نقرّ ونعترف أيضا أنها تواصل مسلسل الأكاذيب ذاته، وأنها لا تنوى مجرد نية حل أى مشكلة من جذورها، هذه حكومة تواصل مسلسل المسكنات، وليتها كانت مسكنات فاعلة، هل سألت حكومة الببلاوى قلبها فأفتاها مطمئنا بأن نصيب الفقراء من أرض وطنهم يبلغ 42 مترا فقط لا غير؟ كيف استطاعت هذه الحكومة مواصلة مسخ الناس حتى إن أحدا لم يعلق على هذا البيان المجرم؟ بل قرأت ترويجا له بوصفه الحل السحرى لكارثة السكن فى مصر!

يا أيها المصريون استفتوا قلوبكم، أليست المقابر أوسع وأرحب؟


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت بجريدة التحرير - 19 سبتمبر 2013
لينك المقال فى موقع التحرير:

الخميس، 12 سبتمبر 2013

المرجِفون فى القاهرة





يحكى القرآن الكريم عن المرجِفين فى المدينة المنورة فى زمن رسولنا الكريم فيقول: «لئن لم ينتهِ المنافقون والذين فى قلوبهم مرض والمرجِفُون فى المدينة لَنُغْرِيَنَّك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا». ثم جاء المفسرون فقالوا إن المنافقين والذين فى قلوبهم مرض والمرجِفين ليسوا ثلاث فئات بل هم فئة واحدة تجمع الأمراض الثلاثة: النفاق ومرض القلوب والإرجاف، ثم توسَّع المفسرون فى ذكر المرجِفين وأحوالهم فقالوا إنهم هؤلاء الذين كانوا يهوِّنون من قوة المسلمين ويبالغون فى قوة عدوّهم ثم ينشرون الشائعات ويذيعون الأكاذيب بقصد نشر الفزع والرعب. وقد شاءت إرادة الذى لا رادَّ لمشيئته أن لا ينتهى أمر المرجِفين جميعًا إلى المحو النهائى من سجلات الوجود الإنسانى، فهم وإن انتهى أمرهم إلى هزيمة مُذِلَّة فى مدينة الرسول فقد تكاثروا فى مدن أخرى وتناسلوا عبر الأزمنة حتى وصل أحفادهم إلى العيش بيننا هنا فى عاصمتنا القاهرة، وهؤلاء الأحفاد ليسوا أعرابًا بسطاء كأجدادهم الذين كان الواحد منهم يقول كلمته واضحة فيتم اكتشاف أمره بيسر وسهولة، لا يا صاحبى، الأحفاد عصريون جدا ومتمكنون من كل فن من فنونهم وبارعون فى كل علم من علومهم، وتجد الواحد منهم يرطن بلغات شتى وله الباع الطويل فى زخرفة الكلام عن هموم الأمة حتى تحسبه لا ينام الليل من شدة قلقه على مصير الوطن. وعندما تتأمل المرجِفين تجد لهم علامات لا تخطئها عين، يبدأ الواحد منهم كلامه بأن يحذِّرك من خطورة التعامل الجاد الحاسم مع عصابة حسن البنا، يقول لك هامسًا بنبرة متباكية: «لئن تمّت مواجهة الجماعة فهذا سيجعلها تلجأ إلى العمل السرى وتنزل بثقل قوتها إلى تحت الأرض وتشبع الوطن الحبيب إرهابًا وخوفًا، ولذا لا بد من استيعاب الجماعة فى العمل السياسى العام».

فات المُرجِف أن الوطن الذى يتباكى عليه قد أتاح لجماعته فرصة عمرها وسلم لها مقاليد الحكم فلم تكفّ عن سرّيتها يومًا ولم تكفّ يومًا عن غدرها وسفكها للدماء.

وتقول المُرجِفة: «الدم كله حرام».

فات المُرجِفة أن الدم ليس كله حراما، هل يستوى القاتل مع القتيل؟ هل يستوى الجانى مع الضحية؟ هل يستوى المتظاهر الذى كل أدواته حنجرته وصدره العارى بهذا الذى هو مسلح بالمدفع الرشاش؟

ويقول المُرجِف: «لا بد من حل سياسى».

يتجاهل المُرجِف أن جماعته لم تطرح يومًا حلًّا سياسيًّا، وكل حلولها التى تطرحها تحصرنا بين أمرين، إما أن يخضع هذا الشعب لحكمى وإما أن يتجهز للقتل؟ هل طرحت الجماعة حلا غير هذا؟

وتقول المُرجِفة: «لا بد من مصالحة وطنية».

تتجاهل المُرجِفة أن جماعتها لم تدعُ يومًا للمصالحة، ثم كيف تصالح أمة بأكملها فريقًا شذّ عنها وخان مصالحها وتنكَّر لمبادئها؟

ثم كيف تصالِح أمة بأكملها فريقًا منها يحمل فى وجهها السلاح ويقتل أولادها بطريقة عشوائية، لوجه القتل لا لتحقيق شعار أو مصلحة ممكنة.

ويقول المُرجِف: «لئن هُزمتْ الجماعة لَتعودَنَّ الدولة القمعية».

يتجاهل المُرجِف أن جماعته لم تعمل يومًا على تطهير الأجهزة الأمنية من الذين ينتهجون القمع فى أداء عملهم الأمنى، وأن رئيس جماعته المعزول بإرادة شعبية قد أثنى الثناء الحسن الجميل على كل جهاز الشرطة وكذب متعمدًا قائلًا: «إن جهاز الشرطة كان فى القلب من ثورة يناير!!». كما يتجاهل المُرجِف أن الشعب قد صحّ عزمه على عدم الخضوع لأى قمع أيا كانت جهته، لكن هؤلاء المرجِفين يرطنون باسم الشعب ولكنهم فى قرارة أنفسهم يحتقرونه وينظرون إليه نظرة السيد لخادمه.

وعندما يسمعون تفنيدك لكلامهم يحاولون زعزعة ثقتك بنفسك عبر رميك بتُهم من نوعية فقدانك لإنسانيتك «لأنك لا تحترم حقوق القاتل فى أن يقتلك!!».

وعشقك لسفك الدماء «لأنك تنادى بحسم المواجهة مع إرهابيى سيناء مثلًا» ثم يخوفونك بأن الثورة ستفشل لأن كل دول العالم ستقف ضدها.

يا صاحبى لا تغترّ ببريق سطح المرجِفين، ابحث فى قاعهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت فى جريدة التحرير - 12 سبتمبر 2013
لينك المقال بموقع التحرير:

الخميس، 5 سبتمبر 2013

ليس أسوأ من القرضاوى إلا البشرى





يعلم الدكتور القرضاوى أن الرجل إذا أفتى فى مسألة وتحرج فى أختها فقد بطلتْ فتاواه جميعا، ويعلم فضيلته أنه لم يتحرج فحسب، بل أفتى فى كل مسائل الثورات العربية وفق هواه الإخوانى لا وفق فقه هو فيه بارع. ويعلم فضيلته أنه بيمينه قد أدان نفسه عندما كتب شعرا يمدح فيه رفيقه فى عصابة حسن البنا عبد المجيد حسن الذى قام باغتيال النقراشى باشا رئيس وزراء مصر، عندما قال: «عبد المجيد تحية وسلام / أبشر فإنك للشباب إمام / سممتَ كلبا جاء كلبٌ بعده / ولكل كلب عندنا سَمَّام».

هل سمع أحدنا فضيلته يعتذر اعتذارا واضحا لا لبس فيه عن شعره المحرض على القتل؟ الإجابة هى لا يقينا. إذن لا جديد تحت الشمس، فضيلته يواصل فى شيخوخته ما بدأه فى شبابه من تحريض سافر على القتل ما دام يصب فى مصلحة عصابته، وفضيلته يسب الناس بالباطل حتى إنه يصف القتيل النقراشى باشا ومن جاء بعده إبراهيم عبد الهادى باشا بالكلاب ويمنح القاتل صفة الإمام!!

فإن كان الثبات على الباطل ميزة يصبح القرضاوى أحسن من طارق البشرى، لأنه لم يتورط يوما فى معارضة عصابة حسن البنا، فهو دائما يؤيدها ويساندها، أما معالى المستشار البشرى فأمره غريب مريب عجيب، معاليه فضح إعلان مرسى الدستورى ووصفه بالمنعدم فى حوار أجراه معه محمد بصل ونشرته الشروق فى «24 نوفمبر 2012» قال البشرى: «إصدار إعلان جديد يعنى أن الرئيس يقوم بثورة جديدة على الثورة، وأنا الآن أشعر بقلق كبير لأنه فى ضوء صدور هذه القرارات فى شكل إعلان دستورى منعدم، فسوف يصدر الدستور الجديد لمصر فى ظل وضع انقلابى على الشرعية الدستورية، لأن هذا الإعلان يمثل عدوانا على الديمقراطية، وعدوانا على القضاء أيضا، وأؤكد أنه -أى إعلان مرسى- ضربَ السلطة القضائية التى يتعين الحفاظ عليها وضمان استقلاليتها عن السلطة التنفيذية».

هذا كان رأى معاليه فى إعلان مرسى الذى شقّ الأمة شقا، فماذا قال عن دستور عصابة البنا؟ قال فى نقده للمادة الخاصة بالمحكمة الدستورية «الشروق 5 ديسمبر 2012»: «إن بها نوعا من التدليس، والتدليس لغة هو كتمان العيب والمخادعة وإخفاء ما يستوجب الرفض أو الاستهجان. ووجه التدليس أنك تفصل قضاة بأسمائهم فى صيغة نص دستورى شديد العمومية والتجريد، وتختلس عليه موافقة الناخبين».

ثم يقول عن المادة الخاصة بنسبة العامل والفلاحين فى البرلمان إن صياغتها تنطوى: «على وجه من وجوه التدليس فى صياغة النصوص والأحكام، كنت أتمنى أن نعفّ عنه وأن نتنزه عنه».

من الفقرتين السابقتين رأينا معالى المستشار البشرى يقطع بأن إعلان مرسى باطل من كل الوجوه، وما ترتب على باطل فهو باطل، ثم رأيناه يصف دستور عصابة حسن البنا بأنه ينطوى على تدليس فى مادتين من أهم مواده، ونحن الآن لسنا بحاجة إلى أن نذكّر معاليه بأن الذى يسرق النملة يسرق الجمل، وأن الذى يدلس تدليسا صريحا فى مادتين يدلس فى باقى المواد، فقط سننعش ذاكرة معاليه بما خطّه من نقد يهدم به مشروع عصابة حسن البنا لتنمية إقليم قناة السويس. نشر معاليه دراسة وافية حول هذا الموضوع «الشروق 10 مايو 2013» قال فيها: «إن المشروع هو إعلان استقلال لإقليم قناة السويس عن الدولة المصرية، وهو يحول الإقليم إلى ملكية خاصة لأعضاء الهيئة العامة لتنمية إقليم قناة السويس، كما أنه يمنح رئيس الجمهورية سلطات مطلقة فى المنطقة بعيدا عن أية رقابة».

هذا كان كلام البشرى عن إعلان مرسى ودستوره ومشروع تنميته، فإذا ما خرجنا نبطل مرسى بإعلانه ودستوره ومشروع تنميته، لطم البشرى وجهه وشق جيبه حزنا على مرسى، ورفضا لثورتنا التى يصفها بالانقلاب!!

ألم أقل بداية إن موقفه غريب مريب عجيب؟ لا يستدعى مناقشة قدر ما يستوجب رأى الطب النفسى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت بجريدة التحرير 5 سبتمبر 2013
لينك المقال بموقع التحرير: