الخميس، 21 نوفمبر 2013

ليته كان انقلابًا




إذا كنتَ تريد معرفة كيف تفكر عصابة حسن البنا، فما عليك سوى قراءة ولو عددًا واحدًا من جريدتَى «الحرية والعدالة» و«الشعب».

جريدة العصابة الصادرة فى يوم 14 نوفمبر تزفّ إلى قارئها أخبارًا من عيِّنة أن الدكتور سيف عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة يرى أن القبض على باسم عودة وزير تموين حكومة العصابة ما هو إلا انتقام من شخصه لأنه لم يتواطأ مع الفاسدين. لاحظ أن عبد الفتاح أستاذ جامعى قديم، كان أحد مستشارى مرسى وقدم استقالته من منصبه احتجاجًا على مذبحة «الاتحادية»، وليلتها ظهر باكيًا على شاشات الفضائيات وقال نصًا «قلبى ينفطر على الشباب المصرى، الذى يسقط جراء اختلاف طرفَى الأزمة، سواء النخبة المحنطة، أو الجماعة التى لم تكن على قدر المسؤولية».

الأستاذ الجامعى يسبّ النخبة التى هو أحد رجالها وينكر عليها تصدِّيها للإعلان الدستورى الذى كان الفاشل قد أصدره ليحكم به ويتحكم فى مصائر البلاد والعباد، الأستاذ نفسه يعترف بأن الجماعة ليست على قدر المسؤولية، ولكنه أصبح الآن من عتاة المدافعين عنها بالباطل. إن عقلية الأستاذ الجامعى القديم تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن الانتماء إلى العصابة ولو على مستوى الفكر يضرب دم وعقل وضمير المنتمى بنوع من الفيروسات التى تجعله متخبطًا ولا يستقيم أمره أبدًا.

وعن باسم عودة أيضًا تنقل الجريدة خبرًا عن عائشة خيرت الشاطر قالت فيه «عودة متهم بالشروع فى اكتفائنا الذاتى من القمح، وهو وزير شريف وفّر للمصريين أنبوبة البوتاجاز بخمسة جنيهات ووفر الزيت النقى».

تفنيد كلام السيدة عائشة الشاطر سهل ميسور، لكن لفت نظرها وضميرها إلى خطأ رؤيتها هو الأمر الصعب الذى تكاد صعوبته تصل إلى درجة المستحيل، لا الأستاذ الجامعى القديم ولا السيدة الشابة ولا أى إخوانى ينتمى بأى شكل من أشكال الانتماء إلى هذه العصابة رأى باسم عودة وهو يقود مظاهرات فى شوارع العاصمة الرئيسية تحرّض على العنف وعلى إراقة الدماء.

أما رسالة العدد ودرة تاجه فقد كتبتها السيدة لمياء حسين التى كتبت نصًّا «اللهم انتقم من السيسى ومن قضاة السيسى وحكومة السيسى وشرطة السيسى وجيش السيسى وبلطجية السيسى ومؤيدى السيسى ومفوضى السيسى وأمثالهم من أعوان اليهود فى الداخل والخارج، مصر بريئة من الأشكال دى».

بعيدًا عن لغة السيدة المبتذلة، هل رأيتَ دعاءها بهلاك السيسى وجيشه ومؤيديه ومفوضيه؟ كل هذه الملايين من المصريين تدعو عليهم السيدة لمياء بالهلاك فِداءً لفاشل لم ينجح إلا فى تمزيق حكمه فى أقل من عام واحد فقط!

أما جريدة الشعب لصاحبها مجدى أحمد حسين فهى أسوأ وأضلّ سبيلًا، الجريدة لا تتمتع بعقلية العصابة المنكرة لكل ما حدث منذ يوم الشعب الخالد (الثلاثين من يونيو) فحسب، بل تتبجح باختراع أكاذيب وتنشرها بثقة منقطعة النظير، فقد خصصت صفحتها الأولى من عددها الصادر يوم الجمعة 14 نوفمبر لكى تثبت شيئًا خرافيًّا مضحكًا، هو أن الفنانة ليلى علوى عضو فى لجنة الخمسين! ثم راحت تسبّ كل أعضاء اللجنة فردًا فردًا حتى إنها اتهمت أحدهم بأنه من مُدمِنى ممارسة العادة السرية!

أما صفحتها الأخيرة فقد خصصتها لنشر منوعات رياضية كاذبة بكل تأكيد، فهى تزعم أن أبطال العالم فى مختلف اللعبات يرفعون إشارة رابعة فى كل مسابقة، ثم نشرت «الشعب» غلاف مجلة النادى الأهلى ووضعت بداخله هذا العنوان «لاعبو الأهلى تفجر المفاجأة.. الاعتذار عن مونديال الأندية». هاتفتُ الصديق الأستاذ إبراهيم المنيسى رئيس تحرير المجلة الذى قال غاضبًا «أنا بحمد الله لا أقع فى أخطاء نحوية وإملائية كالتى نشرتها جريدة الشعب التى تقوم بالتزوير العلنى وترتكب كارثة أخلاقية عندما تنسب إلى المجلة ما لم تقُله، لأن المانشيت الرئيسى لمجلتنا كان: (مبادئ الأهلى ترفض تدخُّل السياسة فى الرياضة وتعاقب عبد الظاهر)».

هل بعد سماح النظام الحاكم بطبع الجريدتين وتوزيعهما من حقّ أحد أن يتحدث عن انقلاب عسكرى يقمع الحريات؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت بجريدة التحرير - 21 نوفمبر 2013
لينك المقال بموقع التحرير:

الخميس، 14 نوفمبر 2013

تجريم رابعة وعلامتها




ننقسم إزاء إشارة مرور رابعة وعلامتها إلى ثلاث فرق، فرقة تضم بقايا عصابة حسن البنا، التى تضخم من إشارة المرور حتى تزعم أنها ميدان الشرف والبطولة، وترى فى العلامة (مقطوعة الإبهام) عنوانًا على شرعيتها المغتصبة. وفرقة ثانية تضم الصحفيين والكُتاب والإعلاميين والحقوقيين بل والقضاة بل ورجال الجيش والشرطة، وهؤلاء متى سمع أحدهم شيئًا عن الإشارة والعلامة هز كتفيه قائلا: «نحن مع حرية التعبير بالطرق السلمية».


وفرقة ثالثة وأخيرة تضم الملايين المنسيّة مع أنها كاسحة، الملايين التى يدعى الجميع حبها ويزعم الجميع خدمتها، الفرقة الثالثة تضم الشعب، الذى يبدو مثل عنترة فى قصيدة أمل دنقل الشهيرة (البكاء بين يدىّ زرقاء اليمامة): «أنام فى حظائر النسيان / طعامىّ الكسرة والماء.. وبعض التمرات اليابسة / وها أنا فى ساعة الطعانْ، ساعة أن تخاذل الكماة والرماة والفرسان / دُعيت للميدان / أنا الذى ما ذقتُ لحم الضأن / أنا الذى لا حول لى أو شان / أنا الذى أقصيت عن مجالس الفتيان / أدعى إلى الموت.. ولم أدع إلى المجالسة».

رؤية الشعب (الملايين المنسيّة) لإشارة رابعة وعلامتها تناقض تمامًا بل تهدم رؤية الفرقتين السابقتين، فلا الشعب يرى أن إشارة مرور تمثل البطولة والفداء والتضحية والشرعية مثلما ترى عصابة حسن البنا، ولا هو يشارك الفرقة الثانية رؤيتها فى أن علامة رابعة (تعبير سلمى).

الشعب يضيق بالأمر كله ويعارضه ويفضحه وينزع عنه كل قداسة، لأنه بفطرته السوية التى لم تلوثها حسابات الساسة والسياسة، يؤمن أن رابعة ما هى إلا إشارة مرور تجمع فيها فريق مسلح واغتصبها من بين يدىّ الدولة، وراح ينشر الرعب والفزع والإرهاب فى ما حولها، محاولًا خلق واختلاق شرعية من عدم، لكى يوهم العالم أن الكفتين متساويتان، فإن كان للوطن شرعية عبر عنها من خلال الملايين التى غادرت بيوتها وهبطت إلى الشوارع يوم الثلاثين من يونيو فللعصابة أيضا شرعية يعبر عنها المسلحون المتجمعون فى إشارة رابعة!

وقد قرأ الشعب على الوجه الصحيح محاولة العصابة اقتحام مبنى الحرس الجمهورى الذى كان يقيم فيه رئيسها الفاشل المعزول، فتلك المحاولة لو لا قدر الله كانت قد نجحت لأصبحنا أمام رئيسين وحكومتين وشعبين ولجاز ساعتها للذين يدسون أنوفهم فى شؤوننا أن تصبح لهم كلمة مسموعة.

أما العلامة التى أوحى بها للعصابة رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا المتغطرس فقد تعامل معها الشعب بوصفها علامة للعدو وعلمًا له.

وليس فى موقف الشعب من تلك العلامة أدنى درجة من درجات العنصرية أو رفض الآخر أو إقصاء فصيل سياسى، وذلك لأن الشعب بفطرته يعرف حقًا ما الفرق بين الإنسان والحيوان؟

الإجابة الشائعة تقول: إن الإنسان حيوان ناطق. لكن الشعب له تعريفه الخاص، الذى صاغه ابن من أبنائه، أعنى مفكرنا الكبير الراحل أحمد بهاء الدين، الذى قال فى كتابه الرائع (أيام لها تاريخ): «إن الفرق بين الإنسان والحيوان هو أن الإنسان حيوان له ذاكرة».

يضيف بهاء قائلا: «إن الفأر منذ خلق وهو يدخل بقدميه إلى المصيدة بحثًا عن قطعة الجبن، لم يتعلم الفأر على مدار تاريخه أن المصيدة هى الهلاك المبين كما لم يتعلم أن قطعة الجبن هى مجرد فخ نُصب له من بدايات التاريخ، الفأر لا يبرح مأزقه لأنه لا يتمتع مثل الإنسان بذاكرة المواجع».

من ذاكرة المواجع هذه يمكننا تفسير وقراءة غضبة الشعب من أحمد عبد الظاهر لاعب كرة القدم بالنادى الأهلى الذى عندما سجل هدفًا فى نهائى بطولة إفريقيا للأندية باغت الجميع ورفع علامة رابعة، فتذكر الشعب عصابة تنكرت لوطنها وباعت شرفه وتلاعبت بمصيره وعملت بأقصى ما لديها من جهد على تفكيكه وبعثرته.

لن يغفر الشعب أبدًا لهؤلاء الذين يكذبون باسمه ويتاجرون بمبادئ وأهداف ثورته، ولن يسامح الذين يزيفون قراءته الصحيحة لكل تجمع مسلح تكفيرى، ولكل علامة خائنة.

إن الذين يصرخون ويتصايحون بمصالحة فريق خان ويخون ويتسامحون مع علامة عدوة سيندمون وقت لا ينفع الندم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت بجريدة التحرير - 14 نوفمبر 2013
لينك المقال بموقع التحرير:

فتنة باسم يوسف




صديقى هل تمتلك معلومة مؤكدة سمعتها بأذنيك أو رأيتها بعينيك أو اطمأن لها وجدانك، تكشف لك السبب الحقيقى الذى يقف وراء منع حلقة الأسبوع الماضى من برنامج (البرنامج) الذى يقدمه باسم يوسف؟


إذا كانت إجابتك بـ(نعم) فهيا اطرح معلوماتك للنقاش العام، أما إذا كانت إجابتك بـ(لا)، فأرجوك لا تندفع وتردد كلامًا مرسلًا لا يستند إلى دليل.

الذين يكرهون أو يخافون السيسى يتهمونه بأنه وراء إيقاف برنامج النجم المحبوب.

بربك، هل هذا كلام يدخل دائرة العقل والإنصاف؟ هل رجل مثل القائد العام للجيش الذى لم يتهرب من مواجهة تنظيم دولى تكفيرى مسلح يخاف من برنامج ضاحك؟

هل وزير الدفاع الذى لم يخضع لضغوط دولية جبارة كانت منحازة لرئيس عصابة حسن البنا محمد مرسى سيتهرب من ضحكة طائرة عابرة يطلقها باسم يوسف؟

أسمعك تنشد خلف محمود درويش: «وخوف الطغاة من الأغنيات»!

هل تُلمّح إلى أن السيسى طاغية يستطيع مواجهة جيوش، لكنه يخاف من تغريد البلابل وزقزقة العصافير وموسيقى الأغنيات؟ إذا كانت إجابتك بنعم فقدم لى الدليل على طغيان السيسى، وستجدنى معتصمًا معك أمام مكتبه.

ستقول لى إن بعضهم من الغباء أو النفاق، بحيث يتبرعون بإيقاف البرنامج مجاملة للسيسى. إذن ما ذنب السيسى تحديدًا فى مرض اجتماعى لا ننكره؟ ثم لماذا يجامل المنافقون أو الأغبياء السيسى، علمًا بأن زميلنا الصحفى محمد عبد الرحمن قد حضر تسجيل الحلقة الممنوعة، وكتب تقريرًا وافيًا عنها أثبت فيه أن باسم يوسف لم يتعرض لوزير الدفاع بسوء على مدار الحلقة؟ لكن العجيب بل المريب يا صديقى أن جريدة «الأخبار» اللبنانية التى اختصها عبد الرحمن بالتقرير نشرته تحت عنوان: «السيسى أطفأ شعلة باسم يوسف»، وهو عنوان لم يكتبه عبد الرحمن ولا علاقة له بمتن التقرير.

أرجوك اخرج السيسى وحكومة الببلاوى من المعادلة، ليس لأنهم منزهون مقدسون، لكن لأنك لا تمتلك دليلًا يدينهم ويفضح تدخلهم فى إيقاف برنامج باسم يوسف.

ولعلنى يا صديقى لا أبالغ عندما أقول إننى أشم رائحة كريهة تبعث من كلام ومواقف هؤلاء الذين يهولون فى قدرات الحكومة على المنع والقمع والمصادرة، أليس هذا التهويل يعد بقراءة مخالفة تمهيدًا للأرض التى ينمو فيها الطغيان؟

إن الذين يهولون فى قدرة النظام الحاكم على قمع الشعب لا يعارضونه فى الواقع، لأنهم بتهويلهم وأكاذيبهم يدعون الناس للاستسلام بدون قيد أو شرط، وكأن الشعب لم يدفع دماء أولاده ثمنًا لحريته وقربانًا على مذبح ثورته.

لماذا لا تتسع رؤيتك وتنصت إلى شيخ مشايخ الصحافة الراحل الكريم محمد التابعى، وهو يقول فى كتابه (أسمهان تروى قصتها): «وإنى لأسال نفسى هل أكتب كل ما أعرفه؟ وهل أذكر مثلًا أن التنافس على أسمهان بين مراد محسن باشا مدير الخاصة الملكية وبين أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكى كاد يعطل العمل فى القصر الملكى؟ لو أننى كتبت لأدرك القراء أنه كان لأسمهان أثر، أى أثر، فى سياسة مصر الداخلية، وما كان يجرى بين (الكواليس) فى عام 1940».

كأن التابعى، يرحمه الله، يريد أن يقول لنا إن سياسات وقوانين تصدر وتمس حياة الوطن والمواطن بشكل مباشر قد يكون خلفها قلبٌ مراهق أو نفسٌ حاسدة أو روحٌ حاقدة أو تفاهة متوطنة تعمى عيون المصابين بها، فلا يبصرون لأبعد من أنوفهم.

هل أتجنى عندما أقول ما أشبه الليلة بالبارحة، وما أوثق العلاقة بين ذكرى المطربة أسمهان وحضور الممثلة غادة عبد الرازق التى يتصايح البعض بأن لها يدًا فى إيقاف برنامج باسم يوسف؟

صدقنى، لو قلت لك إننى شاهدت أصحاب فضائية عربية، وهم يصنعون نجمًا من مذيع مغمور، ويعدون له برنامج مسابقات لا علاقة له بالسياسة، ثم عندما حلّق عاليًا وصدّق نجوميته، قصوا جناحيه، فهبط إلى الأرض ليقضى ما بقى من حياته كأنه دجاجة تجتر بمرارة، ذكريات تلك السنوات التى عاشتها كأنها نسر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت بجريدة التحرير - 7 نوفمبر 2013
لينك المقال بموقع التحرير:

الاثنين، 11 نوفمبر 2013

الجمهور




كل الشعارات الفاسدة التى ترفعها السينما هى ذاتها الشعارات التى تؤمن بها الصحافة، ولكى أكون منصفًا أقول إن الصحافة هى التى خلقت الشعارات ثم استضعفت السينما فوصمتها بها.

خذ عندك شعار "الجمهور عايز كدا" ستظن أن هذا شعار سينمائى من كثرة ما قرأته على ألسنة أهل السينما ولكن الحقيقة المرة أن هذا الشعار بالتحديد صحفى الأب والأم والجدود مع ملاحظة أن جميع مستخدميه لا يقصدون من استخدامهم له إلا تبرير ارتكابهم لكل ما هو متسخ ووسخ ومقرف.

الآن وبعد صدور العدد الأول من جريدتنا الجيل تأكل لى فعلاً أن "الجمهور عايز كدا".

ويا أهل السينما والصحافة، الجمهور ليس فرداً واحداً مراهقًا يبحث عن صور الأفخاذ العارية والصدور الناهدة كما أنه ليس رجلاً معقداً لا يحب سوى الشتائم يا أيها الناس، "الجيل" قوبلت مقابلة رائعة وليس بها صورة واحدة عارية وليس بها كلمة واحدة تخرج عن حدود الأدب.. نعم "الجمهور عايز كدا" ولكن من الذى يحدد هذا "الكدا" الذى يبحث عنه الجمهور.. الإجابة عند الصانع لا عند المشترى، فإن كان الصانع مبتذلاً وتافهًا فسوف يقدم "الكدا" الذى سيشتريه الجمهور "الكدا" وإن كان الصانع باحثاً عن طريق آخر يحترم به معانى الشرف فسوف يجد جمهورًا يبحث عن ذات الطريق وحتماً سيلتقى الطرفان ليسطرا معاً كلمة جديدة فى سجل الفن أياً كان نوعه.

بعد صدور العدد الأول تلقيت هذه التعليقات:
 1- قال لى أحد الزملاء إذا لم "يسخن" الجورنال انسحب فوراً من هذه التجربة.. العجيب أن الزميل يشغل موقعاً قيادياً فى زميلة أبرد من برد سيبيريا.
 2- زملاء كثر اعترضوا على عدم وجود صفحة ثقافية.. ويا إخوانى أنا محرر ثقافى ويعز على عدم وجود صفحة ثقافية ولكن العين بصيرة واليد قصيرة وإن كان رئيس التحرير قد وعدنا بإضافة صفحة للثقافة قريباً إن شاء الله.
 3- أحد الزملاء قدمنى لخطيبته قائلاً الأستاذ حمدى بن أبى "طالبان" وذلك رداً على تعهدى بأننا لن ننشر صورًا عارية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت بجريدة الجيل ــ 8 نوفمبر 1998

الخميس، 7 نوفمبر 2013

حكومة ما لذ وطاب





عندما كانت للأمسيات معنى، كانت جماعة من شباب الصحفيين والكُتاب تحرص على الجلوس مساء كل ثلاثاء بين يدىّ الكاتب الأستاذ محمد مستجاب «رحمه الله»، كان مستجاب يلقى علينا دروس الحياة، ويعلمنا فنون الصعلكة ببساطته التى لا نظير لها. ذات مساء كان غاضبًا ومعتصمًا بالصمت على غير عادته، وبعد نجاحنا فى حل عقدة لسانه، زفر غضبه ثم قال: «إياكم والتعاطف مع تلاميذ مدرسة ما لذ وطاب، بل إياكم وقراءة أعمال هؤلاء التلاميذ أصلًا».


لم يتركنا مستجاب ندخل أنفاق التخمين المعتمة، لأنه واصل كلامه قائلًا: «الواحد من هؤلاء يريد مثلًا كتابة مشهد بطله جندى قادم من إجازة أمضاها فى قريته الصعيدية، طبعًا الجندى لا بد أن يحمل معه طعامًا من مطبخ أمه، ولأن كاتبنا البليد لا يعرف شيئًا عن طعام الصعايدة يتخلص من المشهد بجملة عبثية: (وفتح الجندى حقيبة سفره ليخرج لزملائه ما لذ وطاب من الطعام)».

يسلط مستجاب عينيه على وجوهنا ويقول: «لو كان البعيد فالحًا لعرف أن ما لذ وطاب من طعام قرية أسيوطية سيكون مغايرًا لما لذ وطاب من طعام قرية أسوانية، لكن ماذا نفعل وكله عند العرب صابون، وكله عند الكُتاب البلداء ما لذ وطاب؟».

ضحكنا جميعًا، لكن مستجاب لم يضحك، إذ استولت عليه رغبة عارمة فى فضح تلاميذ هذه المدرسة فقال: «إحداهن وهى تشبه جاموسة بيضاء»، كتبتْ: «شكرًا لك يا حبيبى لقد أهديتنى زهورًا ريفية». يضحك مستجاب ويعلق: «بربكم هل يعرف أحدكم ما هذه الزهور الريفية؟ لقد هاتفتُ تلك التى تزعم نفسها كاتبة وسألتها عن الزهور الريفية التى أهداها حبيبها لها فصمتتْ قليلًا قبل أن تجيب: (والله يا أستاذ محمد كان فى ذهنى وصف زهور الصفصاف). يصرخ مستجاب: (يا خلق الله هل شجر الصفصاف أصبح مزهرًا من خلف ظهورنا نحن الذين زرعناه مذ كانت الترع والقنوات؟)».

ثم ختم أديبنا الراحل كلامه قائلًا: «إذ رأيتم الكاتب يُجِمّل ما يجب تفصيله فاعلموا أنكم، أمام واحد من تلاميذ مدرسة ما لذ وطاب».

ما الذى دفع بذكرى أمسية مستجاب إلى سطح ذاكرتى؟

إنها حكومة الدكتور الببلاوى، بأمنها وإعلامها واقتصادها. لقد أقسمت حكومة الببلاوى أنها ستتصدى لشر عصابة حسن البنا، أقسمت هكذا فى المطلق دون تفصيل خطة وتحديد خارطة.

انظر إلى تلك الحكومة، وهى تواجه الكوارث التى تقترفها عصابة الشر فى حق الوطن، لقد ألقت الحكومة القبض على قيادات العصابة، ثم نامت مطمئنة هادئة البال قريرة العين محتمية فى شعبية جارفة يستحوذ عليها رجل واحد من وزرائها هو وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسى!

بطريقة ما لذ وطاب تعالج الحكومة الملف المتفجر لعصابة الشر تلك، ففى الوقت الذى يمرح فيه طلاب العصابة فى أرجاء الجامعات المصرية، معطلين الدراسة ومزعزعين الأمن نجد الحكومة تفكر فى طرح قوانين للحد من العمل السياسى بداخل الجامعة!

وفى وقت تستخدم فيه العصابة أفكارها التكفيرية وأسلحتها الثقيلة فى القتل العشوائى لجماهير الشعب، هادفةً إلى حسم صراع سياسى بقوة السلاح، نرى الحكومة لا تقف موقفًا جادًا وواضحًا من التسريبات المتتالية عن مصالحة تاريخية يجرى إعدادها على نار هادئة.

إن أسبوعًا واحدًا أمضيته مع عائلتى فى مركز القوصية بمحافظة أسيوط جعلنى أرى القاهرة بمساوئها جنة الله على أرضه قياسًا بما يعانيه أهلى من غياب يكاد يكون كاملًا للخدمات التى يجب على أى حكومة تقديمها لمواطنيها، فلا أمن ولا طرق ولا مواصلات ولا سماد للزراعة ولا علف للمواشى، بل إن وصول الجرائد للموزع يعتمد على الحظ والفأل الحسن، يجرى كل هذا فى منطقة هى الأولى برعاية الحكومة التى يبدو أنها لا ترى الظلم التاريخى الذى جثم على قلب الصعيد بمختلف محافظاته على مدار سنوات حكم المخلوع مبارك، إن منهج ما لذ وطاب الذى تعتمد الحكومة عليه لن يحصد ثماره إلا عصابة الشر التى لا تزال تبث سمومها فى ربوع الصعيد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت بجريدة التحرير 31 أكتوبر 2013
لينك المقال بموقع التحرير:

الاثنين، 4 نوفمبر 2013

صافى – يا لبن - كاظم





الرجال فى مصر كثر وأرجل رجل عرفته يتخفى تحت اسم أنثوى ويسمى نفسه "صافى نازكاظم" فهذه السيدة الجميلة الجليلة رجل بمعنى الكلمة إذ أن "الرجولة" لا تعنى أبدًا "الذكورة" بل تعنى "النبل والجمال، والإخلاص والوفاء والمحبة".

ولكى أكون صريحًا أقول إننى لا أعرف سببًا واحدًا يجمعنى بهذه الأم الجليلة فأنا وهى "نتعارك" حول جميع تفاصيل حياتنا من جمال عبدالناصر إلى أسامة أنور عكاشة مرورًا بموسيقى عمار الشريعى وصوت على الحجار ولطفى بوشناق، فهى ترى هؤلاء بعين غير التى أراهم بها، إذا ما الذى يجمعنى بها؟

إنه منهج صافى ناز فى الحياة.. فكثيرًا ما قالت لى: "خذ الناس مرة بالجملة ومرة أخرى بـ "القطاعى" وساعتها ستكتشف مناطق لقاء لم تكن تتوقعها".

ثم هناك شىء آخر غير منهجها فى التعامل مع "الحجريين" من أمثالى إنه حسها الشعبى الذى يهيمن على جميع تفاصيلها فلو قدر لك ودخلت بيتها، فلن تجد فيه غير رائحة النظافة، هل للنظافة رائحة؟.

نعم نظافة بيت صافى ناز لها رائحة، كتب وقرآن وتواشيح وأغانى نجم وإمام وقصائد عبدالوهاب بالتأكيد كل هذه الأشياء لابد أن تكون لها رائحة، ثم هى سيدة تجيد الرطن مثل الخواجات ولكنها تموت صبابة فى أغنية "كعبه محنى وكفه محنى" ولا تستنكف أن تعلن عشقها للكشرى ولقصص كامل الكيلانى وتكشيرة نبوية موسى، وكل هذه التفاصيل تتجمع داخلها وتحتشد ثم تغادر قلبها، وتأخذ شكل مقالات وكتب، تقبل أنت ما بها أو ترفضه، أنت حر ولكنك لن تستطيع الفكاك من سحر هذه الكتابات التى تتدفق مشحونة بكل ما هو مسلم وعربى ومصرى أنها وبـ "الجملة" واحدة منا شاء لها الله أن تكتب فقررت أن تكتب عنا وعنا فقط.

والآن ما مناسبة هذا المقال؟

الإجابة هى الحياة أقصر مما نظن ولن نخسر شيئاً لو قلنا للذين نحبهم يا أيها الأحباب نحن نحبكم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت بجريدة الجيل ــ 20 ديسمبر 1998