الخميس، 27 أكتوبر 2022

أبو الفرج الأصفهاني وكتاكيته الخرافية




هل تعرف الفيلم، المسرحية، الأوبريت، الأغنية، القصة، الرواية، الحدوتة، المسلسل التلفزيوني، رسمة الكاريكاتير، حكايات المصطبة؟

 نعم تعرف كل هذه الأشياء ولا تستغني عنها، كأنها احتياج بيولوجي مثل الطعام والشراب، فلم يخلق الله بشرًا لا يحبون الحدوتة التى هي أصل الرواية، ولا الترنيمة التي هي أصل الشعر، ولا المبالغة في رسم الأشياء التي هي أصل الكاريكاتير.

العرب في زمن تحضرهم لم يكن لديهم لا السينما ولا المسرح ولا التليفزيون، كان لديهم الكتاب الذي يقوم مقام كل تلك المخترعات، ومن تلك الكتب التي قدمت كل هذه الفنون، كتاب  الأغاني "لأبي فرج الأصفهاني" الذي  تظلمه الأغلبية عندما تتعامل معه تعاملها مع كتب الحديث والتفسير والفقه، الكتاب كما أراده صاحبه كتاب في الأغنيات والألحان ثم إطلالة سريعة علي حياة الشعراء أصحاب القصائد التى جرى تلحينها وغنائها، ثم حكايات مسلية يفرضها السياق العام لكتاب موسوعي من هذا النوع.


أبو فرج القرشي

بدأ الخلط عندما نسبوا الرجل إلى الفرس، وذلك لأنه ولد في مدينة أصفهان الفارسية الشهيرة، وتجاهلوا أن كل تلك الدول والأقاليم لم تكن سوى ولايات إسلامية من حق أي مسلم الإقامة بها، بل يكاد لا يوجد عالم من علماء ذلك الزمان ولد وعاش ومات في بلد واحدة، لقد كانوا يرتحلون بكل يسر وسهولة طلبًا للعلم أو الرزق، بل بعضهم كان يرتحل لوجه الارتحال.

إذّا الأصفهاني ليس فارسيًا بل هو عربي قح واسمه هو "علي بن الحسين بن محمد بن أحمد بن الهيثم بن عبد الرحمن بن مروان بن عبد الله بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية القرشي"، وهذا يعني أن الرجل من العائلة المالكة أو الملكية، وقد نسبوه إلي التشيع لأن أخواله كانوا من الشيعة، وليس في كتب الرجل دعوة إلى التشيع، وقد كتب كتابه الفذ "مقاتل الطالبين" عن الشهداء المنتسبين لأبي طالب وللبيت الهاشمي عمومًا، ليس تشيعًا لهم، ولكن إنصافًا لبيت لم يقدم سوي العلماء والفرسان والشهداء والنبلاء.

وقد بالغ البعض في ذم الرجل فزعم أن أبا الفرج كان وسخًا لا يعرف النظافة في جسده ولا ثيابه، وتلك واحدة من الأكاذيب التى حاولوا بها تشويه عالم شهير لم يكن يجالس سوى الملوك والقادة، ولا نعرف ملكًا يرضي بأن يكون جليسه نتن الرائحة متسخ الثياب.


لماذا الأغاني ؟

من الواضح أن أبا الفرج كان مولعًا بالغناء عارفًا لمقامه في سلم حضارات الأمم، ومن الواضح أيضًا أن أبا الفرج كتب الكتاب لنفسه أولًا، لقد مكث يجمع مادته على مدار نصف قرن، ثم عندما رضي عن كتابه أهداه إلى سيف الدولة الحمداني فوهبه سيف الدولة ألف دينار، ولا تظنن أن الألف دينار قليلة، لأن ثمن الحصان العربي الأصيل في تلك الفترة لم يكن يتجاوز العشرة دنانير، والحصان كان يقوم مقام السيارة الحديثة في أيامنا هذه، يعني الألف دينار كانت ثروة خرافية، إلا أن الأديب الوزير الصاحب بن عباد كان يرى أن سيف الدولة الحمداني قصّر في حق الكتاب والكاتب، لأن الأغاني ومؤلفه كانا يستحقان أكثر من الألف دينار.



أشعب الخرافي

مر بك أن أبا الفرج قد جمع مادة كتابه الأشهر في خمسين سنة، هذه الخمسون وإن استدعت تدقيقًا وتمحيصًا فقد تستدعي ملء الصفحات بالشارد والنادر من القصص والحكايات بهدف التسرية عن القارئ، المشكلة أن أبا الفرج لم يفصح عن هدفه في رواية تلك النوادر التى لا تستقيم مع أدني درجات العقل، والمشكلة الأكبر أن الأغلبية تعاملت مع الكتاب بوصفه كتاب تاريخ كتبه مؤرخ مدقق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، هذا التهويل من قيمة الكتاب التاريخية جلب الإساءة إلي أبرياء وبريئات كما سترى.

من ضمن أبرز قصص الكتاب قصة عن "أشعب الطامع" وأشعب هذا سيكون المدفعية الثقيلة التي سيتم توجيه نيرانها إلي صدر المسكينة البريئة السيدة سكينة ابنة الإمام الحسين بن على بن أبي طالب رضى  الله عن السادة والسيدات آل البيت جميعًا.

في التاريخ الذي هو تاريخ لا وجود محقق لأشعب هذا، إنما مثله مثل "جحا" شخصية تخترعها الأمم اختراعًا لتروى من خلالها النكات والطرائف والمواعظ التي تريدها، ولقد قرأت بحثًا يؤكد صاحبه أن جحا مجري الأصل، وبحثًا يقطع بأنه تركي وثالث يزعم أنه  مصري!

هذا التناقض الواضح في النسب والزمن يقطع بأنه شخصية مخترعة تؤدى دور الراوي على مسرح الزمان.

أشعب من هذه النوعية، وقال عنه أبو الفرج إنه من موالي عثمان بن عفان (المولى فوق الخادم ودون الصاحب) وقال إنه شهد موقعة قتل عثمان وكان يحمل السيف ويتلقط السهام، ثم فجأة نري أشعب هذا موجود وحي يرزق ويتفاعل في زمن الخليفة المهدي بن المنصور!

أبو الفرج نفسه يستهول كل هذا العمر، ويقول إن بين قتل عثمان وخلافة المهدي أكثر من مائة وأربعين سنة !

ثم ترى هذا الأشعب الذي لا ينشغل سوي بطمعه وبملء بطنه من أطايب الطعام يجالس، بل يجادل رجلًا مثل عبد الله بن العباس وعبد الله بن عمر وأبان بن عثمان بن عفان، ولا ندري كيف لهذا الصعلوك الذي تعترف أمه بالزنا علانية مجالسة هؤلاء ومجادلتهم؟

المؤكد أن تسلية الأصفهاني هي التي جاءت بهذا الصعلوك بين هؤلاء الملوك.




قصف سكينة بنت الحسين

أشعب الذي هو اختراع شعبي سيخترعون له ولدًا يواصل سيرة أبيه في التسلية التي بعضها غاية في الشناعة والأذى، ومن ذلك ما رواه أبو الفرج (دون تدقيق أو مراجعه) عن أمير من أمراء البيت العباسي وهو إبراهيم بن المهدي، يقول أبو الفرج إن عبيدة بن أشعب الطامع، كان من سمّار الأمير إبراهيم، وذات ليلة سأله الأمير: "هل لك قرابة في المدينة" أهل ونسب يعني؟

فرد عبيدة: "اللهم غفرانك، لي بالمدينة قرابات وأي قرابات".

فسأله إبراهيم: هل هم عشرات؟"

فرد عبيدة: "اللهم غفرانك، لا تذكر العشرات ولا المئات وتجاوز عن ذكر الألوف".

الأمير العباسي يعرف يقنيًا عائلات المدينة المنورة ولذا لم يصدق كلام عبيدة الذي قص قصة طويلة عريضة انتهت بالتشنيع علي السيدة البريئة سكينة ابنة الإمام الحسين بن علي.

قال عبيدة إن سكينة كانت زوجة لزيد بن عمر بن عثمان بن عفان.

هنا نتوقف لنشير إلي أن أغلب من كتب عن سيرة السيدة سكينة، قال إنها تزوجت مرة واحدة وليس سبع مرات كما ذكر أبو الفرج، وإن زوجها المعروف هو ابن عمها عبد الله بن الحسن بن علي.

واجمع المؤرخون علي فضلها وزهدها وعلمها وانصرافها إلى العبادة، ولكن تسلية الأصفهاني كان لها رأي آخر!

يقول عبيدة بن أشعب المخترع إن السيدة سكينة كانت تغار على زوجها زيد بن عمرو كل الغيرة، وكان لزيد هذا (ضيعة = عزبة) بها المئات من جواريه، وكانت سكينة تمنعه من الاقتراب من الضيعة لكي لا يعاشر جارية من الجواري، واستمر الحال على هذا المنوال حتى جاء يوم وقال فيه زيد لسكينة إن الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك سيحج وهو لا يستطيع تجاهل هذه المناسبة ولابد أن يشاركه رحلة الحج هذه، فوافقت سكينة على مضض واشترطت عليه ألا يذهب إلي الضيعة وأن يصحب معه أشعب الطامع لكي يكون عينا لها عليه.

وافق زيد على الشرطين، وبعد انتهاء شعائر الحج قدم أربعمائة دينار رشوة لأشعب لكي يسمح له بالذهاب إلى الضيعة ومعاشرة الجواري ثم لا ينقل ذلك إلي سكينة عندما يعودان إليها.

أشعب الطامع أو الطماع قبل الرشوة بل وفرح بها، وترك زيدًا يعاشر جواريه كما يحلو له، بل فى فترة غياب زيد انتحل أشعب شخصيته وركب فرسه ولبس ملابسه وتصرف في الحياة كأنه زيد حفيد عثمان بن عفان وليس أشعب ابن الزانية.

يواصل عبيدة قص حكاية أهله الكثيرين بالمدينة المنورة فيقول لإبراهيم المهدي: عندما عاد أبي مع سيده زيد، سألته سكينة عن تفاصيل الرحلة، فقص كل شيء إلا خبر معاشرة زوجها لجواريه، استوقف ذلك الكتمان السيدة سكينة التي راجعته لكي يشهد بما حدث فحلف بكل قسم بأنه لم يمكن سيده من الذهاب إلي الجواري.

هنا وقف زيد حفيد عثمان بين يدي زوجه السيدة سكينة وقال لها: "أي بنت عم، يا بنت رسول الله ، لقد كذبك هذا العلج، وقد أخذ مني أربعمائة دينار مقابل أن يأذن لي بالذهاب إلي الضيعة، وقد ذهبت وأقمت بها يومًا وليلة وعاشرت عدة من الجواري، وها أنا ذا تائب إلى الله تعالى مما كان وقد جعلت توبتي هبتهن لك، وهن موافيات المدينة في عشية هذا اليوم، فبيعهن أو عتقهن بيدك".

يكمل عبيدة قصة أبيه مع السيدة سكينة فيقول: إن السيدة سكينة قد غضبت الغضب كله وأمرت أشعب الطامع أن يعيد لها الأربعمائة دينار التي هي رشوة زوجها له، فقدم لها أشعب صاغرًا المال، فقامت ببناء بيت كبير من الخشب تكلف ثلاثمائة دينار(لاحظ أن هذه المبالغ كبيرة جدًا في ذلك الوقت) والمائة الباقية قسمتها بين النجارين الذين صنعوا ذلك البيت الخشبي، وبين شراء البيض!

وأمرت أشعب الطامع أن يرقد علي ذلك البيض، ففعل، حتى فقس البيض وخرج منه ألوف الفراريج.

يكل عبيدة القصة فيقول: عن هذه الفراريج هم بالنسب أخوته لأنهم أولاد أبيه ومن هنا فهو له عائلة كبيرة جدًا بالمدينة.

تنتهي القصة بضحكة مدوية من الأمير العباسي الذي قدم عشرة ألاف دينار هدية لعبيدة علي قصته المضحكة!

هذه الحدوتة وغيرها من الحواديت التي جاءت في كتاب الأصفهاني ليست علمًا وليست تاريخًا، إنها ليست سوى حدوتة قد يطرب لها مترف من المترفين، ولكن لا يمكن التعامل معها بوصفها حقيقة تاريخية تقام علي أساسها محاكمة لأخلاق السيدة سكينة، التى قدمها أبو الفرج بوصفها ثرية مشغولة بجسدها وجمالها وصاحبة صالون أدبي تجتمع فيه مع أمجن شعراء زمانها، ومن ذلك قصة رواها أبو الفرج ودارت حول لقاء جمع بين السيدة سكينة وشاعر من الشعراء، ودخلت عليهم جارية من جواري السيدة لتقديم واجب الضيافة إلي الشاعر الذي رأت السيدة سكينة في عينيه الإعجاب بالجارية فقالت له: " تمنى علىّ".

وفي خاطرها أنه سيريد أن تهبه الجارية، فما كان من الشاعر إلا أن قال للسيدة سكينة:  أتمني إن مت أن تدفنوني في حر هذه الجارية".

وما الحر ـ حفظ الله مقامكم ـ إلا الاسم القديم لفرج المرأة!

هذا الكلام العاري المكشوف بل البذيء لا يمكن أن يتفوه به شاعر معاصر في حضور راقصة، فكيف نصدق أن سكينة بنت الحسين بن علي الزاهدة المنصرفة للعبادة تسمح لشاعر أيًا كان بأن يتحدث في حضورها بهذه الطريقة؟

الكتاب ممتلئ بحواديت خرافية كالتي توقفنا عندها وإن كان هذا خطأ قد ارتكبه أبو الفرج، فنحن نرتكب الجرم الأشنع عندما نقدس كل تراث ونصدق كل رواية ونتشنج دفاعًا عن أي قصة.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

منشور بجريدة التحرير 19 أبريل 2015

الخميس، 20 أكتوبر 2022

أبونا آدم رجل وحيد .. في مواجهة الحياة



مَنْ منا إذا سمع اسم أبينا آدم عَقّب قائلًا: "صلى الله عليه وسلم؟".

مّنْ منا إذ ذكرت أمنا حواء تمتم قائلًا: "رضى الله عن أمنا حواء" أو "عليها السلام؟".

أليس تجاهل  السلام على هذين الأبوين الكريمين يعد من العقوق؟ 

بل الأمر يتجاوز العقوق ليذهب إلى سوء الأدب مع هذين الأبوين الكريمين الجليلين، ألا تسمع أحدهم وهو يصب اللعنات على حواء وبناتها، ثم ألم يأتك صوت الجهول وهو يتحدث عن الأب الكريم الجليل آدم عليه الصلاة والسلام حديثه عن جليسه في المقهى.

لماذا خف عند أكثرنا وزن هذين الكريمين؟

ربما تكون الألفة هي السبب، فكل ألفة تهدر شيئًا من المهابة، وربما تكون السنوات بل القرون المتطاولة هي السبب، فتباعد الزمان يفعل فعله في النفوس.

على كل حال، يجب أن نعيد النظر في قلوبنا لكي ننزل أبانا آدم عليه صلى الله وعليه وسلم وأمنا حواء عليها الرضوان والسلام منزلة تليق بهما.

عندما نتحدث عن الأب آدم عليه السلام فنحن نتحدث عن البدايات المتعلقة بالبشر، البدايات الحاكمة لكل سلوك ولكل سبيل، شاء ربنا عز وجل أن يخلق الأرض فخلقها، ثم شاء أن يعمرها لا بالوحوش ولا بالملائكة ولا بالجن، لقد شاءت إرادته أن يعمرها بالإنسان، مخلوق اسمه الإنسان، سيخلقه الله من مادة هي بين المواد في المرتبة الدنيا، سيخلقه من التراب، ليصبح سيد الكائنات، ثم سيسخر له الله كل ما يصلح شأنه، وسيجعله يغلب الأرض بجبالها وبحورها وسهولها وصخورها ووديانها، ثم سيجعله يرقى إلى السماء حتى يصل إلى القمر، ثم سيجعله يكتشف الكواكب المجهولة والقارات المنسية، فأي معجزة تلك؟ وأي نعمة أنعم الله بها على الإنسان؟ 

الإنسان الأول الذي علمه الله كل شيء كان أبونا آدم عليه السلام، ولكي نستشعر النعمة التي أنعم بها الله عليه، نقرأ قول الحق عز وجل وهو يوبخ ويبكت إبليس اللعين : "يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ".




آدم خلقه الله بيديه المباركتين وقد نص سبحانه على مراحل وترتيب  عملية الخلق، وقد أحسن العلامة الأستاذ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله  عندما قال:"اعلم أن الله جل وعلا أوضح في كتابه أطوار هذا الطين الذي خلق منه آدم، فبين أنه أولاً تراب، بقوله: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ) ثم أشار إلى أن ذلك التراب بُلَّ فصار طيناً يعلق بالأيدي (إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ) وبيَّن أن ذلك الطين أسودَّ، وأنه متغير بقوله: (حَمَأٍ مَسْنُونٍ).

وبيَّن أيضاً أنه يبس حتى صار صلصالاً، أي تسمع له صلصلة من يبسه (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ).

وجاء في الحديث الشريف  الذي رواه الترمذي وصححه الألباني: "إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ، فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الْأَرْضِ، جَاءَ مِنْهُمْ الأَحْمَرُ وَالأَبْيَضُ وَالْأَسْوَدُ وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَالسَّهْلُ وَالْحَزْنُ، وَالْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَبَيْنَ ذَلِكَ".

ثم كانت النفخة الإلهية فكان آدم ولم يكن قبله إنسان، ودع عنك ما قاله الدكتور عبد الصبور شاهين في كتابه "أبي آدم" من وجود بشر قبل آدم، فما ذهب إليه الدكتور شاهين غفر الله له يعارض منطق آيات كثيرة تحدثت عن فرادة أبينا آدم، ويعارض أحاديث شريفة هي في أعلى درجات الصحة تقطع بأن آدم هو أب البشر ولا أب له ولا أم.

وقد شاهدت قبل سنوات مناظرة تليفزيونية بين الدكتور زغلول النجار والدكتور شاهين، وفيها فنّد النجار منطق شاهين حتى أنه سأله سؤالا مباشرًا: "ألم تقل لتلاميذك إن آدم كان له بابا وماما مثلكم؟".

فلم يرد الدكتور شاهين وتهرب من الإجابة.

إذن الكلام عن أولية آدم مقطوع به، أما غيره من كلام عن السلالة الأولى التي تطورت فأصبحت بشرًا فلا شأن لنا به ولا بقائليه ولا بمصدقيه.

خلق الله أبانا آدم عليه الصلاة والسلام فأصبح الرجل الأول الوحيد الفرد الذي بلا أهل ولا ولد، المتصدي بمفرده لكل صعوبات الحياة.




ضع في قلبك دائمًا أن آدم مخلوق للأرض وليس للجنة، ومهمته أثقل من أي مهمة، مهمته هى خلافة الله في الأرض، مهمته كانت حمل الأمانة التي أبت أن تحملها الجبال والسموات والأرض، لقد خافت تلك الكائنات العملاقة العظيمة من حمل الأمانة وأشفقن على أنفسهن منها، ولكن قدر آدم كان أن يحمل هو الأمانة.

وتحمله للأمانة يؤكد بأنه كان نبيًا ورسولًا،  فعن أَبُي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَجُلا  قَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَبِيًّا كَانَ آدَمُ؟ قَالَ: نَعَمْ، مُعَلَّمٌ مُكَلَّمٌ" أخرجه ابن حبان وصححه الألباني.

هذا عن كونه عليه السلام نبيًا أما عن كونه رسولًا فقد قال جمهور العلماء: "إن آدم وشيث عليهما السلام، كانا نبيين مرسلين قبل نوح عليه السلام إلا أن آدم أرسل إلى بنيه ولم يكونوا كفاراً بل أمرهم بتعليم الإيمان وطاعة الله، وأما شيث فكان خلفا له فيهم بعده، بخلاف نوح فإنه مرسل إلى كفار أهل الأرض".

وبعد آدم كانت الأم العظيمة الجليلة حواء عليها السلام، وتلك البعدية ليست مقدرة بزمن فلا يليق بنا الخوض في تحديد الفترة الفاصلة بين خلقه عليه السلام وخلقها عليها السلام، ولكن عملية خلق أمنا حواء جاء فيها كلام كثير يمكن اختصاره إلى ثلاثة أقوال.

القول الأول ما قاله جمهور العلماء ومن بينهم الشيخ الشعراوي رحمه الله.

وملخصه أن أمنا حواء قد خلقها الله من ذات الطينة التي خلق منها أبانا آدم، وفي هذا السياق قال الشيخ الشعراوي في كتابه "قصص الأنبياء" كلامًا غاية في اللطف والدقة عن سبب "التنافس" الذي بين الرجل والمرأة ، فكلاهما من أصل واحد فلا يسمح أحدهما للآخر أن يستطيل عليه بشيء ولا أن يمن عليه بمنة.

القول الثاني يقول به بنو إسرائيل وبعض علماء الإسلام، وهو أن الله خلق حواء من ضلع آدم يعني من جسد آدم.

لبني إسرائيل أن يقولوا كما شاءوا، فلسنا في سياق مناقشتهم، أما علماء الإسلام فقد اعتمدوا في كلامهم على حديث شريف تعسفوا في التعامل معه، الحديث رواه الإمام البخاري ونصه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ".

كل علماء الحديث أصحاب البصيرة بهذا العلم الصعب المتين قالوا: إن معنى الحديث قائم على المجاز وليس الحقيقة، فالرسول الكريم كأنه يقول استوصوا بالنساء لأنهن مخلوقات مختلفات عن الرجل فكأنهن خلق من ضلع، الكلام هنا مجازي وليس حقيقي، وليس به أدني درجة من درجات التهوين من شأن المرأة بل العكس هو الصحيح، فالمنطوق النبوي الشريف يوصي بالنساء ويؤكد أنهن مختلفات على الرجال ويجب على الرجل أن يعامل المرأة لا كما يعامل أخاه الرجل.




ثم تبقي منطقة ملتبسة في النشأة الأولى، وهى الخاصة بالجنة التي عاش فيها الأبوان الكريمان.

بعضهم يقول: هي جنة الخلد التي وعد الله بها عباده المتقين، والكثرة من العلماء تقول: بل هي جنة أرضية، وقد أحسن الأستاذ أبو سعيد الغامدي عندما اختصر لنا أهم ما قاله الإمام ابن القيم في كتابه "مفتاح دار السعادة"، ولدواعي المساحة سأقوم باختصار للاختصار، ومن شاء الاستزادة فعليه بالرجوع إلى كتاب الإمام ابن القيم. 

يقول الإمام ابن القيم :

1 ـ  الجنة التي تدخل بعد القيامة هي من حيز الآخرة وفي اليوم الأخر تدخل ولم يأت بعد.

2 -  وصف الله عز وجل الجنة في كتابه بصفات لم تكن موجودة في جنة آدم، من تلك الصفات، وصفه لها بأنها دار المقامة ولم يقم آدم فيها.

3 ـ  ووصفها بأنها جنة الخلد ولم يخلد آدم فيها.

4 ـ ووصفها بأنها دار جزاء ولم يقل إنها دار ابتلاء وقد ابتلى آدم فيها بالمعصية والفتنة.

5 ـ ووصفها بأنها ليس فيها حزن وأن الداخلين إليها يقولون الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن وقد حزن فيها آدم.

6 ـ ووجدناه سماها دار السلام ولم يسلم فيها آدم من الآفات التي تكون في الدنيا.

7ـ وسماها دار القرار ولم يستقر فيها آدم.

8 ـ وقال فيمن يدخلها وما هم منها بمخرجين وقد اخرج منها آدم بمعصيته.

9 ـ وقال لا يمسهم فيها نصب وقد ند آدم فيها هاربا فارا عند إصابته المعصية وطفق يخصف ورق الجنة على نفسه وهذا النصب بعينه الذي نفاه الله عنها.

10 ـ وأخبر انه لا يسمع فيها لغو ولا تأثيم وقد أثم فيها آدم واسمع فيها ما هو اكبر من اللغو وهو انه أمر فيها بمعصية ربه وأخبر أنه لا يسمع فيها لغو ولا كذب وقد اسمعه فيها إبليس الكذب وغره وقاسمه عليه أيضا بعد أن اسمعه إياه. 

11 ـ وقد شرب آدم من شرابها الذي سماه في كتابه شرابا طهورا أي مطهرا من جميع الآفات المذمومة وآدم لم يطهر من تلك الآفات.

12ـ  وسماها الله تعالى مقعد صدق وقد كذب إبليس فيها آدم ومقعد الصدق لا كذب فيه.

وعلى ما سبق  فجمهور العلماء يؤكدون أن جنة آدم عليه السلام ليست جنة الخلد. 

ثم تأتي مرحلة الذرية البشرية، وفيها قتل أحد ابني آدم شقيقه، وأنت إذا نظرت إلى حجم ونوعية الابتلاء الذي تعرضه له الأب الكريم آدم عليه السلام ستحمد الله على أنك لم تكن آدم.

نحن أمام الرجل الأول بكل ما تعنيه الأولية من متاعب، ثم هذا الرجل الأول يتعامل مع المرأة الأولى، ثم  يتربص به إبليس اللعين ويكاد يفسد عليه حياته ، ثم يمن الله عليه بالذرية، ثم يأتي اثنان من أولاده فيقتل أحدهما الآخر.

أي قلب يتحمل كل هذا الابتلاء؟

اقرأ معي الآيات الكريمة التي تقص قصة ابني آدم: "وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ  قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ  إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ  قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي  فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ".

ستشعر بحرارة المأساة، شقيقان يقتل أحدهما الآخر ظلمًا وعدوانًا، والشقيقان هما ابنان لنبي مرسل، فلو لم يكن سيدنا آدم مرسلًا فمن أين عرف ابنه الصالح كلمات مثل (يتقبل الله من المتقين، أخاف الله رب العالمين، أصحاب الجنة، أصحاب النار، جزاء الظالمين؟) هذه كلمات تعلمها من رسول أُرسل إليه فدعاه الرسول فصدقه وامن به وبرسالته.

هذا أولًا، أما ثانيًا فالآيات الكريمة تؤكد بوضوح أن المتحاربين هما من صلب آدم وليس من ذريته، فلو كانا من ذريته لكانا قد شاهدا مرارًا وتكرارًا عملية الدفن، ولكن كونهما من صلبه عليه السلام يفسر كيف لم يعرف القاتل كيف يدفن شقيقه القتيل، وعلى ذلك فقد تعجبت وأنا أسمع الشيخ الأستاذ خالد الجندي وهو يحاول إثبات أن ابني آدم الوارد ذكرهما في القرآن ليس من صلبه وإنما هما من ذريته.

لا يتبقى من المساحة سوى أن نرفع العقوق عن قلوبنا ونقول: اللهم صل وسلم وبارك على أبينا آدم وعلى زوجه أمنا حواء وعلى ذريتهما من الرسل والأنبياء والصالحين والعلماء والشهداء وسلم تسليمًا كثيرًا.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

منشور بجريدة صوت الأمة أغسطس  2017


الخميس، 13 أكتوبر 2022

هل يخاف مجتمعنا من الصادقين ؟




إذا قُدّر لك قراءة كتب مثل "البداية والنهاية" لابن كثير و"الفهرست" لابن النديم و"حلية الأولياء" لأبي نعيم و"وفيات الأعيان" لابن خلّكان و"العبر في خبر من غبر" للذهبي، ستجد كل هؤلاء العلماء يقدمون ترجمة وافية لعبد الرحمن بن عمرو بن يُحْمَد الأَوْزَاعِيُّ، ويشيدون بعلمه وفضله وتقواه، ويؤكدون أنه قد انفرد بمكانة لم ينافسه عليها منافس.

بعد القراءة قد تسأل نفسك: أين ذهب كل هذا العلم؟

بل ستسأل أين هو الأوزاعي الآن بين علماء الدين؟ 

تقول ترجمة الأوزاعي المختصرة إنه ولد في بعلبك بلبنان في العام 88 هجرية، ومات ببيروت في العام 157 هجرية، وما بين مولده وإلى موته ملأ الدنيا وشغل الناس بفقه ومواقفه.

 لقد ولد الأوزاعي يتيمًا فقيرًا، وكانت أمه تنتقل به بين البلدان لضروريات الحياة، ثم علّم نفسه بنفسه وجالس علماء زمانه، فما مضت سنوات كثيرة حتى دخل مكة للحج، وسفيان الثوري آخذ بزمام جمله، ومالك بن أنس يسوق به، والثوري يقول: "أفسحوا للشيخ"، حتى أجلساه عند الكعبة، وجلسا بين يديه يأخذان عنه. 

يعني رجل يسير في موكبه، بل في خدمته أمثال سفيان الثوري ومالك بن أنس كيف يكون؟

الرجل لم يكن فقيهًا محليًا يفتي لأهل بيروت والبقاع، لقد طار صيت فقهه حتى سيطر على الشام كله وأصبح الأوزاعي الفقيه المعتمد لكل الشام لأكثر من مئتين وعشرين سنة، ومن الشام انطلق فقهه إلى الأندلس وأصبح مذهبًا لأهل الأندلس لعقود طويلة.

 ولكن في معمعة هذا الصعود وقع أمر عجيب جدًا، بدأ مذهب الأوزاعي يتراجع بل يتقهقر حتى أصبح أثرًا بعد عين أمام مذهب الشافعي في الشام ومالك في اليمن.

فهل العيب كان في الفقه الذي لم يصمد أمام المذاهب الجديدة، أم في الفقيه الذي لم يحشد لنفسه التلاميذ والمؤيدين، أم في السياسة؟

في سياق الإجابة سنجد أن فقه الأوزاعي ما زال يملًا بطون الكتب، وقل أن تجد كتابًا جادًا يخلو من ذكر فتوى أفتى بها الأوزاعي أو رأي قاله، أما مسألة حشد التلاميذ وتنظيم صفوفهم ليكونوا درعًا لشيخهم حتى بعد موته، فهذه المسألة لم يتعمدها الأوزاعي لكنها وقعت بحكم الظرف التاريخي والعلمي فما أكثر تلاميذه الذين عرفوا فضله ونوهوا بذكره.

إذًا بقي الاحتمال الثالث ألا وهو السياسة، الأوزاعي لم يكن يشتغل بالسياسة بمعناها العام ولكنه كان لا يهاب الساسة خاصة الحكام الطواغيت منهم، نعم لم يكن يتعمد الاصطدام بهم ولكنه لم يكن يتلجلج إذا تحدث أمامهم.




 مشكلة الأوزاعي الرئيسية هي أنه كان يمد الخيط إلى منتهاه، وأمثاله لا يرحب بهم الحكام، ويحدث أن يخشاهم المجتمع، خاصة إذا كان المجتمع ميالًا لنوع من أنواع نفاق الحكام ومداهنتهم تحت أي شعار كان النفاق ولغرض أي هدف كانت المداهنة، وعندما يكون الحال كذلك، يبدأ المجتمع نفسه في إزاحة العالم من هؤلاء من فوق قمته ويظل يواصل إزاحته إلى أن يسقط في السفح ويتوارى عن الأنظار فيرتاح الحاكم والمجتمع من صوت الضمير المؤنب والموبخ.

أظن، من خلال تتبعي لسيرة الإمام الأوزاعي أن أمر إزاحته وإسقاطه قد تم بعد محادثة شديدة جرت بينه وبين الأمير العباسي عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس، كان الأمير من سفاكي الدماء وكان جبارًا لا يلين، وقاسيًا لا يلتفت لرحم أو ذمة وقد قامت دولة بني العباس تحت ظلال سيفه ، فهذا الأمير قتل في يوم واحد خمسين ألف أثناء معركته مع أخر حكام بني أمية.

أمير بهذه الصفات يستدعي الأوزاعي ويسأله:"يا أوزاعي، ما ترى فيما صنعنا من إزالة أيدي أولئك الظلمة عن العباد والبلاد؟ أجهادًا ورباطًا هو؟ 

فيجيبه الأوزاعي: أيها الأمير، لقد قال الرسول: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه".

يغضب الأمير من إجابة الأوزاعي فيعود لسؤاله ما تقول في دماء بني أمية؟

فيرد الأوزاعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة".

يشتد غضب الأمير الذي يصر على أن ينتزع تأييدًا ولو باهتًا لأفعاله من إمام الشام فيسأله: ما تقول في أموالهم؟ 

يرد الأوزاعي: إن كانت في أيديهم حرامًا فهي حرام عليك، وإن كانت لهم حلالاً فلا تحل لك إلا بطريق شرعي.

 تأكد الأمير السفاح أن الأوزاعي ليس من الذين يبيعون فتواهم خوفًا من العصا، فلجأ الأمير إلى الجزرة وأمر بصرف عطية للأوزاعي، الذي أخذها وتصدّق بها .

ثم لو نظرت حولك ستجد تصديقًا لكلامي، عندما ترى فلانًا وفلانًا يتصدرون المشهد بينما يفرض التعتيم على فلان وفلان حتى تنساهم الناس فيرتاح الحاكم والمحكوم من صوت الضمير.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

منشور بجريدة المقال - الخميس 9 سبتمبر 2016