الخميس، 28 مايو 2015

أسامة أنور عكاشة




فى الذكرى الخامسة لرحيل عميد الدراما العربية
 نكشف الأبطال الحقيقيين لمسلسلات أسامة أنور عكاشة



اليوم (28 مايو 2015) تحل الذكرى الخامسة لرحيل عميد الدراما التليفزيونية أسامة أنور عكاشة.

ولا أقول عميد الدراما من باب مجاراة وصف شاع ولقب جرى إطلاقه على الراحل الكريم، ولكن من باب معايشة ودراسة لرواياته المصورة، التى أنجز من خلالها ما أنجزه محفوظ فى الرواية المكتوبة، الرجلان حملا عبء الريادة وتحملا مسؤولية التطوير والتحديث، نعم كانت قبلهما أسماء بارزة، ولكن بسطوعهما توارت الأسماء حتى كأنهما بدآ كتابة التاريخ الجديد للرواية المكتوبة والمصورة.

المعدة الفارغة


كأن الكتابة ضربًا من ضروب الرياضة البدنية العنيفة، التى لا يمكن ممارستها والمعدة خاوية فارغة تشكو الجوع، كذا الكتابة تحتاج إلى معدة وقلب ووجدان ورأس لا يشكو كل أولئك من الجوع شيئًا، لقد كانت معدة أسامة متخمة بألف تجربة وتجربة، ولد ابنًا لتاجر ماهر (سنعود إليه فى ما بعد) فى 26 يوليو 1941، كانت الحرب العالمية الثانية تحفر فى الوجدان العالمى خندقًا من خنادقها التعسة، لا جدال فى أن قلب الطفل الصغير قد توشح بوشاح من دم ولو من خلال ما تلتقطه أذن الطفل من حكايات أسرته فى ليالى الشتاء، عن قتلى الحرب ومشرديها.

بعد نهاية الحرب بأربعين سنة سيعود أسامة وقد نضج تماما لكى يقص أخبارها فى عشرات الحلقات من رواياته المصورة.
تقول «ويكيبيديا» إنه حصل فى العشرينيات من عمره على ليسانس الآداب من قسم الدراسات النفسية والاجتماعية، وعمل بعد تخرجه إخصائيا اجتماعيا فى مؤسسة لرعاية الأحداث، ثم عمل مدرسًا فى مدرسة بأسيوط ثم انتقل إلى العمل فى إدارة العلاقات العامة بديوان محافظة كفر الشيخ، انتقل بعدها للعمل فى رعاية الشباب بجامعة الأزهر وذلك من عام 1966 إلى عام 1982 ثم قدم استقالته ليتفرغ للكتابة.

هل تشير كل هذه الوظائف إلى شىء؟
نعم تشير، ونعم سيظهر أثرها جليًّا فى روايات عكاشة التى ستجعل الشوارع تخلو من المارة وقت إذاعتها.

مقالات «الأهرام»


قبل رحيل عكاشة بسنوات قليلة عادت جريدتنا الكبرى «الأهرام» إلى عريق تقاليدها وضمت عكاشة المحسوب على أرضية اليسار المترامية الأطراف إلى كوكبة كتابها.

كتب عكاشة لـ«الأهرام» مئات المقالات التى تناولت شتى القضايا، لكن قضية بعينها ظلت هى الأثير لديه، كان دائما يحوم حولها كما يحوم الفراش حول الضوء، إنها قضية «خبرته هو الحياتية».

استعار خلال المقالات ألف وجه ووجه، ونسب كلامه مرة إلى صديق «مناكف» ومرة إلى الصديق «أبو العريف»، ولكن ظل وجه عكاشة يلوح من خلف القناع الشفاف الذى يتقنع به.

تلك المقالات سيضمها كتاب سينشره أسامة تحت عنوان «على الجسر» وقد ضمنه أبرز مقالاته بعد أن جعلها على قسمين رئيسيين، الأول يضم المقالات ذات التوجه العام، والأخير يضم تلك السلسلة التى نشرها تحت عنوان «تلك الأيام».

هل أجازف وأقامر وأقول إن كتاب المقالات هذا هو فى حقيقته ليس إلا صورة من صور السير الذاتية؟

نعم أجازف ولدى الأدلة.
كأن أسامة نفسه كان يعرف أن خاطرا كهذا سيعرف طريقه إلى ذهن قارئه، لذا راح يثبته ولو بالإيحاء وذلك عندما يهدى كتابه «إلى صاحب الأيام.. الأستاذ العميد».

استدعاء طه حسين وأيامه الشهيرة لا أراه مجانيًّا بحال من الأحوال، عكاشة فى إهدائه كان يغازل روح أيام العميد لكى تبوح له أيامه هو بأسرارها الدفينة.

مرة ثانية ليس من المجازفة أن أقول إن تلك المقالات هى سهام إشارة إلى الينابيع الأولى التى اغترف منها عكاشة فنه الخالد.

رقية وأخواتها

فى مقال حمل عنوان «امرأة مؤجلة» كتب عكاشة عن بنت الأكابر المنعمة التى أحبت الشاب البسيط الذى يدربها على لعبة التنس، قالت بطلة المقال لعكاشة إن أهلها قد رفضوا رفضا باتا زواجها من حبيبها، ثم لانوا بعد إعلانها: «هو أو لا أحد».
تقول البطلة التى عن عمد لا يحدد لها عكاشة اسما: «ثم صدر القرار النهائى (تزوجيه) إذا أردتِ ولكن لن تكون لك بعدها أسرة».. ولم أتراجع.. خرجت من فيلا أبى المليونير بحقيبة ملابسى وعبرت النيل إلى دوران خلوصى.. حيث كان رشاد (الحبيب) ينتظرنى.. وصحبنى إلى بيت أسرته.. وفى مساء اليوم نفسه عقد قرانى عليه.. وكان وكيلى الشرعى فى العقد عمى الذى كان على خلاف قديم مع أبى.. وحددنا للزفاف يوما يوافق انتهاء (الترزى) من إعداد فستان الزفاف.. وليلتها.. ضاع نصفى الآخر.

قتلوه! نعم لم يكن حادثا عرضيا بالمرة كما لفقوه وصدقهم البوليس.. كانت خطة محبوكة وما زلت على يقين من أن اللورى الذى صعد وراء رشاد على الرصيف وحشره فى الحائط وحطم ضلوعه.. كان بشكل أو بآخر واحدا من أسطول النقل الذى يملكه أبى، رغم الأوراق المزورة التى دست على جهات التحقيق».

تنهى بطلة المقال بوحها لعكاشة بأنها رغم مرور أكثر من عشرين سنة على مقتل حبيبها فهى لم ولن تتزوج ولم ولن تقترب من رجل، لقد مات رجلها الذى يقف دائما بينها وبين الرجال وعالمهم، لقد أصبحت امرأة مؤجلة.
والآن هل يذكرك هذا النموذج بشىء؟

أليست تلك كحكاية «رقية البدرى» إحدى بطلات «ليالى الحلمية»؟
ألم تصرخ رقية كثيرًا فى وجه شقيقها لأبيها «سليم البدرى» وهى تتهم آل البدرى طواغيت زمن ما قبل 23 يوليو 1952 بأنهم قتلوا حبيبها ليلة عرسهما لأنهم لم يرضوا به صهرًا لهم.

وبعده عاشت امرأة مؤجلة لا تصنع شيئًا سوى البكاء على حمامة بيضاء كانت تحط على شباكها ثم طارت راجعة إلى أهلها.

ثم أليست حادثة قتل الحبيب هى عماد إحدى درر تاج عكاشة أعنى «الشهد والدموع» عندما تأكدت «زينب» من غياب شهدها ومجىء زمن دموعها بعد أن قتلوا «شوقى» حبيبها، حتى لو كان القتل قد جرى بيد أخيه «حافظ» أو بتوصية منه ولصالحه؟

ثم هناك قتل ثالث كان داميًّا وفتت عالما بأكمله، أذكرّك أن بطلة «عصفور النار» وشقيقها كانا يبحثان على مدار حلقات المسلسل عن حادث القتل الغامض الذى راح أبوهما ضحيته، وكانا يلمحان إلى أن عمهما عمدة القرية قد تخلص من شقيقه، أبيهما، لكى يغتصب مقعد العمودية.

المرأة المؤجلة تقف خلف كل تلك النماذج التى قدمها عكاشة فى عدد من أبرز وأجمل رواياته، لقد اغترف من الينبوع غرفة ثم صنع هو بموهبته الفذة الجداول التى حملت إلينا فنه.

ظهور الخواجات


يبدو ولع عكاشة بتقصى حقيقة الوجود الأجنبى على أرض مصر واضحا، بل واضحا جدا، حتى إنه أفرد رواية بكاملها لمناقشة سؤال الهوية ومدى كون مصر قادرة دائما على تمصير حتى الوافدين إليها ولو كانوا مستعمرين غزاة النماذج التى قدمها عكاشة فى روايته «زيزينيا» لا تأتى من فراغ، إنها قادمة من عالم حقيقى عاشه عكاشة فى طفولته وباكورة شبابه.

فى مقال حمل عنوان «فى المغارب» يرفع عكاشة الستار عن الخواجة الأول فى حياته، يقول: «كان للخواجة تودرى دكان بقالة كبير يحوى (خمارة) يلجأ إليها هؤلاء الأشخاص الذين يصفهم الأب وأصحابه بأنهم (خمورجية).. وكان تودرى يبيع فى محله أيضا تلك اللحوم المصنعة ذات الأسماء المريبة التى يحذره الأهل من أكلها.. وكان يسمع لفظ (البسطرمة) فيشعر بمزيج من الفضول والتشوق والخوف معا.. وحين أخبره طفل آخر صديق بأنه سيصطحبه لبيته ليذاكرا معا ووعده بأن يقدم إليه طبقا من (البسطرمة بالبيض) أصيب بالهلع وكاد يولى هاربا لولا أن غلبه فضوله فمضى إلى بيت صديقه..و(استبيع) وأكل البسطرمة لأول مرة.. ولكنه اعترف لأبيه باكيًّا بسقطته.. وفوجئ حين رأى الأب يضحك ويهش له:

- وماله؟.. البسطرمة واللانشون والبولوبيف مش حرام».
الخواجة تودرى اليونانى سيظهر بشحمه ولحمه ولكن بعد نحو نصف القرن فى رواية «زيزينيا» سيكون كما وصفه عكاشة فى مقاله، وسيحمل الاسم ذاته، وسيصاحب المصريين كأنه مصرى، وسينفر من الاحتلال البريطانى كأنه واحد من أولاد البلد الذين تزدحم بهم أحياء الإسكندرية الشعبية.

وإلى جوار تودرى سيظهر باقى الخواجات وعلى رأسهم عميد الجالية الإيطالية سنيور «جوفالى» الذى ستحب شقيقته الحاج عبد الظاهر التاجر المصرى اللعوب المزواج وتلد له ابنه الهجين «بِشر» نصفه مصرى معجون بتراب كوم الشقافة والأنفوشى والسيالة، ونصفه إيطالى حيث لا تكف موسيقى فيردى عن مزاحمة ألحان سيد درويش.

الكتاب ممتلئ بذكر الأب التاجر بحيث لا يخلو مقال من ذكره صراحة أو تلميحا، هذا الأب الذى يحدد الكتاب مهنته هو الأصل والينبوع الحقيقى الذى استقى منه عكاشة شخصية الأب الحاج «عبد الظاهر» أحد أبطال رواية «زيزينيا».

الأب فى الكتاب أو الرواية، رجل ماهر حنكته التجارب، يعلم أن التجارة كالدنيا يوم لك ويوم عليك، يشقى حتى كأنه لا يعرف الراحة، ثم فجأة يتذكر حظه من الدنيا فيسعى خلفه، يحب عبد الناصر ويقدر له طرد المحتل وتأميم القناة، لكنه لا يغفل هواه الوفدى.

الحاج عبد الظاهر هو صورة عكستها مرآة أسامة أنور عكاشة لوالده الحقيقى.

ارتباط أسامة بوالده التاجر هو الذى دفعه إلى تقديم نموذج التاجر فى معظم أعماله، حتى لا تكاد تخلو رواية من تاجر، بداية من التاجرة المتوحشة «فضة المعداوى» وصولًا إلى تاجر الأنتيكات فى «لما التعلب فات» ونهاية بالعم «لطفى» صاحب كشك السجائر فى «أرابيسك».

كل هذا الزخم ما هو إلا تنويعات على نغمة رئيسية عرفها أسامة من خلال معاشرته لأبيه.

جذور كمال خلة


نادرًا ما تجد رواية لعكاشة تخلو من شخصية مسيحية، تؤدى دورا رئيسيا وفاعلا.

وقد سئل عكاشة مرة عن سبب إصراره على تضمين رواياته لأشخاص بل ولأسر مسيحية، فكان من ضمن ما قاله فى الرد على هذه التساؤلات: «إنه يرى حتمية درامية فى وجود المسيحيين فى رواياته، ليس من باب الوحدة الوطنية وباقى تلك الشعارات التى جرى ابتذالها من كثرة استخدامها فى غير موضعها، ولكن لأن المسيحيين مكون رئيسى من مكونات الأمة المصرية، ولا يمكن لروائى مصرى أن يتجاهل تلك الحقيقة بشرط أن يقدمها بعيدا عن التهويل أو التهوين».

المتابع لروايات عكاشة سيتذكر على الفور شخصية «كمال خلة» التى ظهرت فى درة أعمال عكاشة «ليالى الحلمية»، خلة ذلك الضابط الوطنى عروبى الهوى والمزاج، الذى شارك فى عمليات الفدائيين وقت معركة القناة قبل ثورة يوليو 1952، ثم صعد نجمه مع الثورة، ثم جرت فى النهر مياه كثيرة، حتى إن خلة كان يسأل نفسه دائما بعد انفراط عقد الثورة ونكبتها فى الخامس من يونيو: «إزاى إحنا بقينا كده».


ثم هناك سيدة العلم والتعليم «مارسيل» فى رواية «ضمير أبلة حكمت» التى تحالفت مع «حكمت» ليشكلا فريقا واحدا يواجه أطماع مسلمى ومسيحى الانفتاح، هؤلاء المتنطعون الذين يستترون بمزاعم دينية لتحقيق أسوأ مصالحهم الشخصية على حساب وطن يئن مطالبا بالتوحد لا الفرقة البغيضة.

فى المقال سالف الذكر «بعد المغارب سيحدثنا عكاشة بضمير الغائب عن نفسه وعن طفولته التى عاشها بين جيران مسيحيين». يقول عكاشة: «وتعلم أيضا أن بين المصريين أنفسهم اختلافا فى الدين، لكنه أبدا لم يؤثر بمقدار شعرة فى امتزاجهم وتوحدهم.. وفى تلقى الدرس الأول فى البيت الذى جاورتهم فيه (خالتى) أم رمسيس التى كانت تصعد مع بناتها ليشاركن أمه وأخواته صنع (كعك العيد).. وكان هو حين لا يعجبه الصنف المطبوخ فى شقته يهرع إلى شقة أم رمسيس ليتناول الطعام.. وقال له أبوه: الست أم رمسيس لن تقدم لك أبدا طعاما به شبهة.. فكل ولا تخش شيئًا».

فى رواية «امرأة من زمن الحب» سيظهر رمسيس باسمه ورسمه وستظهر عائلته كلها، وسيكون رمسيس فى الرواية مصدرًا للبهجة وللطعام الطيب.


نكتفى هذا الأسبوع بتلك النماذج الدالة، ونكمل الأسبوع القادم بإذن الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشر الموضوع بجريدة التحرير بتاريخ 28 مايو 2015
الجزء الثاني سينشر الخميس القادم بإذن الله

عشيق الليدى تشاترلى وأبناء الزبالين المصريين (2 - 2)


















المسكوت عنه

بشهادة السيدة عضو لجنة الخبراء تم الإفراج عن الرواية التى عرفت طريقها إلى جميع الأسواق العالمية، محققة لكاتبها ولأدب بلاده مجدًا لا يزال يناطح الزمان.

والآن، ما الذى أغضب الإنجليز من رواية ابنهم حتى طاردوها على مدار ثلاثين سنة؟

دعك من حجج الأخلاق، فالرواية وإن أرّخت لخيانة زوجة فهى رواية أخلاقية بامتياز (العبرة دائمًا فى التناول والمعالجة وما خلف السطور يا صاحبى).

الحرب العالمية الأولى (أو قُل الحرب التى فرضتها أوروبا على العالم) هى السبب الأولى فى مطاردة رواية عشيق الليدى تشاترلى.

بريطانيا العظمى تعرف الجرائم التى ارتكبتها فى تلك الحرب، كليفورد، أحد ضحايا تلك الحرب، لقد فقد ذكورته وقلبه وروحه، بل ورجولته بالمعنى العام والنبيل للرجولة فى تلك الحرب المجنونة، قذيفة واحدة حوَّلته إلى حطام يخفى أحزانه تحت قناع من الغطرسة البغيضة!

بريطانيا لا تريد مَن يذكرها بـ«الأجساد المشوهة، المذابح التى جرت فى الخنادق والفقر والبؤس والفراغ التى خلفتها الحرب».
بريطانيا لا تريد أن يتحدَّث أحد عن الذين «عبروا» والذين «هبروا» الجنود الذين عادوا إلى الوطن، عادوا محطمين، بينما الغنائم حصدها الذين لم يمس أحذيتهم غبار المعارك.

الرواية تدين كل ذلك، وتفضح بأدق وصف وأنصع بيان جنون الحرب وخبل قادتها الذين لا يروى عطشهم سوى الدم، ما دام الدم هو دم الآخرين وليس دم أولادهم أو أقربائهم أو حتى أبناء طبقتهم.

بريطانيا راعية الديمقراطية وناشرة التحضُّر تريد دفن عورتها تحت تراب النسيان، ولذا لا تريد أن يكشف سترها أحد، حتى لو كان هذا الأحد من أبنائها، وحتى لو كانت آلة الكشف رواية.

أبناء الزبالين الإنجليز

قبل أسبوعين، تجرَّأ وزير العدل المصرى السابق وتكلَّم فى المسكوت عنه، عندما أكد فى مقابلة تليفزيونية، أن أولاد الزبالين لن يصبحوا قضاة، هاجت الدنيا وتقدّم الوزير باستقالته.

أبناء الزبالين فى بريطانيا كانوا هم أولاد المناجم، يا لجنون وقسوة وعتمة وظلم مناجم الفحم الإنجليزى.
منهم عشيق الليدى شخصيًّا، حارس الغابة والأب الحقيقى لوريث آل كليفورد.

الرواية فى عمقها تتحدَّث عن هؤلاء، عن نظرة السادة لهم، عن اختفاء الطبقة الوسطى بعد الحرب، هناك طبقتان فقط، السادة المالكون وعمال المناجم.

القصة أعقد وأشد مرارة من نظيرتها المصرية، فى مصر تطفو العنصرية والتمييز فوق السطح أحيانًا، ولكن فى عمق الشخصية المصرية لن تعثر بسهولة على برجوازى مصرى يقسم بالمصحف أو الإنجيل على أن السائل الذى يجرى فى عروق أولاد الزبالين اسمه المازوت، هذا النموذج ليس موجودًا فى مصر، لكنه فى بريطانيا، لورانس كان مكدسًا على الطرقات، المالكون كانوا فى دخيلة أنفسهم يؤمنون بأنهم إن جرحوا واحدًا من عمال المناجم فلن يسيل منه الدم، سيسيل منه شىء ما، لكنه حتمًا ليس الدم المعروف، وذلك لأنهم يؤمنون بأن عمال المناجم كائنات من مخلوقات الله مثل الفئران والصراصير وباقى الهوام والزواحف، ولكنهم ليسوا بشرًا على صعيد كان، حتى ولو كانت لهم أسماء البشر وملامح البشر.

كانت كونستانس ترى كل ذلك وتخافه، وكانت تسأل زوجها كليفورد، وهو من ملاك المناجم: إلى متى؟
كان فى كل مرة يراوغها ولا يقدّم إجابة شافية.

لكنها ذات ليلة نقلت إليه خوفها من انتفاضة عمالية تهدم بريطانيا من أدناها إلى أقصاها، خصوصًا والزمن كان زمن الثورة البلشفية، فما كان منه إلا أن صرخ فى وجهها وهو الهادئ دائمًا: هذا سيتمر ويتواصل إلى نهايات الحياة، هؤلاء لن يتقدّموا ولن يترقّوا حتى لو تعلّموا، هؤلاء خلقوا لكى يعيشوا الحياة التى يعيشونها، هكذا عاش أجدادهم وهكذا سيعيش أحفادهم.

تترك كونستانس كليفورد وتحاول مع باركين، عشيقها وأبو جنينها، تغريه بأن يهربا معًا إلى عالم جديد وإلى بداية جديدة، لكنه يرفض بإصرار ويضحك بمرارة، شارحًا أصل القضية.

هو لا يحس معها بأنه رجلها إلا فى اللحظات الخاصة، بعدها تعود الأمور إلى طبيعتها، هى المالكة وهو ابن المناجم، الموضوع ليس موضوع ثراء وفقر، إنه أعقد من ذلك، طبقة كونستانس سحقت بل محقت على مدار أجيال طبقة باركين، تحوَّلت طبقة باركين إلى نوع من الصراصير التى لها ملامح بشرية، لكن الصرصار يدرك أنه صرصار وليس له الخروج من كومة النفايات التى يعيش بداخلها.

هذان هما السببان اللذان جعلا بريطانيا العظمى تطارد رواية على مدار ثلاثين سنة، ولكن بفضل نضال ومقاومة عمال المناجم أصبحت بريطانيا ما هى عليه اليوم، نحن هنا نشكّل لجان خبراء مثلهم لقتل الكتب، وقد تشرق شمسنا ذات صباح فنجد ابن زبال على مقعد وزير العدل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تمت

الاثنين، 25 مايو 2015

عشيق الليدى تشاترلى وأبناء الزبالين المصريين (1-2)


بريطانيا العظمى تطارد رواية لأنها كشفت عن عنصرية الإنجليز



شوَّهوا سمعة الروائى والرواية لكى يغطّوا على صراع الطبقات

بريطانيا العظمى تطارد رواية لأنها كشفت عن عنصرية الإنجليز

شوَّهوا سمعة الروائى والرواية لكى يغطّوا على صراع الطبقات

لماذا وقفت إنجلترا قلعة الحريات وأم الديمقراطيات ضد رواية، مجرد رواية تحمل عنوان «عشيق الليدى تشاترلى»؟
أغلب ما وصلنا من آراء القراء والقضاة والنقاد يؤكِّد لنا بوضوح أن الغالبية الكاسحة من الشعب الإنجليزى المتمرّس منذ قرون على الممارسات الديمقراطية يرفض نشر الرواية، بل لا يسمح بوجود نسخها على أرفف مكتباته العامة؟
ترى لماذا كل هذا العداء؟

الطبعة السرية

قبل الغوص فى عالم الرواية، نقول إن مؤلفها هو الروائى البريطانى ديفيد هربرت لورانس، ولد فى عام 1885، ومات فى عام 1930، رحلة حياة تعد قصيرة، أنجز خلالها نحو خمسمئة قصيدة وعشر روايات، ترجم معظمها إلى العربية، وسنعتمد فى تناولنا لرواية «عشيق الليدى تشاترلى» على الترجمة التى قام بها الدكتور أمين العيوطى، وصدرت عن روايات الهلال فى عام 1989.

كتب لورانس روايته الأشهر فى عام 1926، وقد كتبها أربع مرات حتى استقر على المخطوطة الجديرة بالنشر من وجهة نظره، ولأنه كان يعلم من تجارب سابقة أن بريطانيا العظمى لن تسمح له بنشر روايته من أراضيها، فقد نشر الرواية لأول مرة فى عام 1928، إذ تم طبع الطبعة الأولى فى سرية تامة بمدينة فلورنسا الإيطالية، وذلك بفضل شجاعة الناشر الإيطالى بينو أوريولى.

ما الذى تحمله الرواية حتى تقابل بكل هذا العنف؟
هل تصدقنى لو قلت لك: لا شىء!
ثم هل تصدقنى لو قلت لك: إنها إحدى أخطر روايات القرن الماضى وقد مثَّلت للإنجليز تحديدًا ما يمثّله برميل بارود وضع بجوار نار مشتعلة؟

أحداث الرواية

ضربة البداية تقول: «إن عصرنا عصر مأساوى فى جوهره، ولكننا نرفض أن نجعل منه مأساة».
كان هذا هو حال كونستانس تشاترلى، زوجة كليفورد تشاترلى، الذى تزوجته فى عام 1917، وبعد إجازة شهر العسل عاد ليشارك فى الحرب العالمية الأولى، وفى الحرب أُصيب إصابة جعلته عاجز الجسد والروح والقلب.

عجز الروح والقلب لا شفاء منه حتى لو أكثر كليفورد -وهو القارئ النهم المثقف- من قراءة أمهات كتب الشعر خصوصًا والأدب عمومًا، واستغرق فى الاستماع إلى روائع الموسيقى الكلاسيكية، وأحاط قصره بغابة مترامية الأطراف.

زوجته الشابة التى لم تسعد جسديًّا معه سوى فى شهر العسل، كانت تداوى عجز قلبه وروحه بأن تشاركه فى كل شىء، من الموسيقى حتى النقاش حول محاورات أفلاطون.
أما عجز جسد الزوج فقد وجدت له حلًّا بعلاقة جسدية مع «باركين» حارس الغابة، وقد أثمرت علاقتها بالحارس جنينًا يرقد فى بطنها.

كليفورد كان يؤمن تمام الإيمان أن زوجته كونستانس لن تظل راهبة حتى مماتها، ولذا فقد انتهز جلسة مصارحة من جلساتهما وألقى بكرة اللهب فى حجرها، عندما قال لها: إن رغبتها فى الأمومة حق لا يساويه حق، ولكن بشرط أن لا يعلم شخصية الأب وأن ينسب الولد إليه هو، لكى يكون وريث آل كليفورد.

هذا العرض الجارح لم يباغت كونستانس التى لم تكن قد أقامت علاقتها بعد مع حارس الغابة، تلك العلاقة التى لن تكون استجابة إلى عرض الزوج، ولكن لسبب آخر تمامًا، سنعرف بعد قليل إنه وأسباب دفينة أخرى وقفت فى حلق الإنجليز، فناصبوا الرواية عداءً تاريخيًّا!

الرواية فى المحكمة

فى عام 1960 وبمناسبة مرور ثلاثين عامًا على وفاة مؤلف الرواية لورانس، غامرت بل قامرت «دار بنجوين»، وقامت بالنشر العلنى للرواية، مستغلة تغييرات جدّت على قانون المطبوعات البريطانى.

ما إن ظهرت الرواية فى السوق الأدبية البريطانية، حتى هبَّت النيابة البريطانية وقامت برفع دعوى قضائية لمصادرة الرواية!

برجاء ملاحظة أن هذا حدث فى بريطانيا ولندن وليس فى أحراش إفريقيا.

عريضة الاتهام التى قدّمها ممثل الادعاء جرفث جونس.
تضمنت التهم التالية:
1ـ الرواية منافية للذوق العام.
2 ـ تحض على الفسق والفجور.
3ـ ألفاظها عارية وتخدش الحياء العام.
أظنّك سمعت هذه التهم موجهة إلى أكثر من كتاب فى وطننا العزيز!

دار نشر بنجوين التى غامرت بنشر الرواية لم تقف مكتوفة الدين، فقد أسندت إلى فريق دفاع مكوّن من ثلاثة محامين مهمة الدفاع عن الرواية.

ذهب الجميع (النيابة والدفاع) إلى قاعة المحكمة، تأكد المحامون من أن القضاة يقفون ضد الرواية، فما وجدوا أمامهم سوى الذهاب إلى رأس الدمل لكى ينفتح الجرح كاملًا ويكف الجميع عن التحايل والتلاعب تحت ستار الدفاع عن الفضيلة.

الضرب تحت الحزام

نحن الآن أمام قضية رأى عام، وسيربحها الذى يربح الرأى العام، جلس أعداء الرواية مع بعضهم بعضًا واتفقوا على فضح الروائى لا الرواية، ومتى فضحت الروائى كسدت روايته وانصرف الناس عنها.

فتّشوا تاريخ دافيد هربرت لورانس، وقالوا: إنه يكتب نفسه ويؤرخ لقصته ولا علاقة تربط بين روايته والمجتمع الإنجليزى الشريف العفيف!

الروائية البريطانية «دوريس ليسينغ» الحائزة على جائزة نوبل فى الآداب، عاصرت الأمر كله وكتبت تقول : «إن لورانس كان زوجًا لسيدة ألمانية تدعى فريدا، والزوجة كانت على علاقة مع إيطالى، وكان لورنس على علم بهذه العلاقة، ولم تكن هى باللباقة الكافية لتخفى أمرًا كهذا، كما لم تكن تراعى مشاعره فى أى شىء، وكانت تخبر أصدقاءهما بأن لورانس كان يعانى من العجز الجنسى منذ عام 1926، وذلك نتيجة إصابته بمرض (التدرن الرئوى).

ذلك المرض الذى ينجم عنه أمران متناقضان، الأول هو تصعيد الرغبة الجنسية والتخيلات المرتبطة بها، والآخر العجز عن ممارسة الجنس!

العلاقة بين لورانس وزوجته كانت موضع منازعات علنية ولم تكن هناك أسرار، فجميع الأصدقاء والمعجبين والزوار كان يتم إخبارهم بكل مراحل قصة الحب بينهما وتفاصيل ممارساتهما الخاصة، وكان لورانس يكتب عن جميع التفاصيل، سواء عن طريق الشعر أو النثر، وكانت فريدا تشتكى لدى أخواتها وأصدقائها من عجزه الجنسى».

أولاد بلد

أصبح الموقف ملتهبًا جدًّا بعد تسليط الضوء على الحياة الشخصية للروائى، بهدف صرف الأنظار عن حقيقة الموقف البريطانى من رواية بريطانية!

المحامون تأكدوا أن الاعتماد على الأسانيد القانونية لن يفيدهم بشىء، بل ربما خسروا القضية فى جلستها الأولى.

بطريقة أولاد البلد الذين يمدون الخيط إلى منتهاه، بنى فريق المحامين خطتهم على أساس الفصل التام بين حياة الروائى وروايته، ثم سألوا الحضور عن موقفهم من أعشاب حدائق لندن التى تشهد المطارحات الغرامية العارية والكاملة والمكشوفة.

ثم تحدّوهم أن يستخرجوا لهم من كلمات الرواية الألفاظ العارية المكشوفة التى يزعمون أنها تملأ صفحات الرواية.

ثم تحدوهم أن يجدوا الخط الفاصل والحاسم بين ما هو خادش للحياء العام وبين ما هو جرىء وحقيقى.
هذه الأسئلة وغيرها لم تُقابل سوى بالصمت من جانب الحضور، الذين أسقط بين أيدهم، فهم يعادون الرواية لأسباب أخرى غير التى يستترون خلفها، وتلك الأسباب لا يستطيعون البوح بها، لأنها ستدمر معبد الزجاج كله.

لجنة الخبراء!

بعد مرافعات الدفاع أصبحت الرواية قاب قوسين أو أدنى من الحصول على شرعية الظهور العلنى فى مكتبات لندن، هنا رأت المحكمة أن تحيل الأمر برمته إلى لجنة خبراء!
ضمّت لجنة الخبراء علماء وكتّابًا ومثقفين، وبعد الفحص والتدقيق قالت اللجنة إن «الرواية ذات مستوى فنى رفيع ولا يمكن اعتبارها إباحية بأى حال من الأحوال».
هل حصحص الحق؟ هل ستكتفى المحكمة برأى الخبراء؟ أم أن المحكمة لا يزال فى نفسها شىء تجاه الرواية؟

لقد أحالت الرواية مجددًا إلى رئيس الأساقفة «فير وولويج»، لاستطلاع رأى قداسته.
الرجل كان عادلًا، وقالها صريحة مدوية: «رواية عشيق الليدى تشاترلى ليست مخلّة بالآداب».
العجيب فى الأمر أن سيدة من أعضاء لجنة الخبراء قالت فى شهادتها: «الرواية رفعت العلاقات الجنسية إلى مستوى التقديس».
وعندها ضجّت قاعة المحكمة بتصفيق حاد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجزء الثاني من الموضوع سينشر الخميس القادم
نشر الموضوع في جريدة التحرير في 21 مايو2015

الاثنين، 18 مايو 2015

إيقاف برنامج ريم ماجد …... عودة الطرف الثالث













قبل ثورة يناير كانت ريم ماجد كغيرها من المذيعات ، لا يميزها إلا تمسكها بلونها المصري ،رنين لكنة، ولون عينين ،وشعر وبشرة .

ثم جاء دفء الثورة وحماسها وأملها الذي ضخ في العروق التي تيبست دماءً جديدة طازجة ، فلمعتْ عينا ريم السوداويين المصريتين ، وتألق صوتها بلكنته المصرية القحة ، حتى أنها تجرأت وأعتمدت لنفسها " تحية فلاحي " لمشاهديها قائلة :” فتكم بعافية ".

ومن قلب هذا التغير راحت تتابع نشاطات الثورة والثوار وتبشر بهما وتروج  لقطرات من فن الثورة طامحة أن يساعد ترويجها على أن تصبح  القطرات  أنهارًا جارية تكتسح الماء الآسن الذي طالما تجرعناه ، فمن منا ينسي إطلالة فرقة إسكندريلا بأغنياتها الباذخة " الليلة ثورة وبكرة ثورة و بعده ثورة وننتصر "؟ .

ثم خيم علينا وعلي ريم زمن إخواني بخيل وحارق وأحمق ، خوفنّا جميعًا من مصير أسود إن هو تمدد مثل ثعبان في أرضنا ، قاومت ريم كغيرها من المذيعين والمذيعات ثعبان الإخوان ما استطاعت إلى المقاومة سبيلًا ، وعندما جاء يوم الشعب ( 30 يونيو ) ظنت ريم كما ظننا أننا مقدمون علي دفق الضوء الذي يكنس عتمة زمن الإخوان ، ولكن خاب مسعى العشاق .

كانت ريم خائفة من شيء ما ، شيء ربما كان يسري في الهواء الذي يحيط بها فلا يشعر سواها به ، قالت جملة في برنامج لتوني خليفة ، عارضها فيها كثيرون ، بل عارضتها فيها الأغلبية ، ولكن جملتها التي كانت  تعكس  خوفها من حكم عسكري غضوض ، لم تكن أكثر من جملة عابرة سلمية ، لم تكن جملة مسلحة لا بالرشاش الآلي ولا حتى بزجاجة مولوتوف ، ولكن تلك الجملة السلمية التى هى مجرد كلمات من حروف  وليس من قنابل ، ستقف مثل شوكة في حلوق بعضهم .


ومن يوم الجملة المشؤمة وريم رهينة دارها ، غابت فترة تكفي لكي يتسقط في جب ذاكرة النسيان ، التي لا تري سوي اليومي والملح .

ثم عادت غلى شاشة قناتها " اون تي في " ببرنامج مشترك مع  مؤسسة دوشته فيلا الألمانية ، كان برنامجها حديث الولادة قابضًا على عنوانه  " جمع مؤنث سالم " حريصًا على عدم الاقتراب المباشر من بحر رمال السياسية العامة المتحرك والقادر علي ابتلاع الأفيال فما بالنا بريم عصفورية التكوين ؟
حلقة ثم الثانية ثم هاجت الدنيا وماجت ، وأعلنوا توقف بث البرنامج علي شاشة الأون تي في مع عرضه علي النسخة العربية لموقع دوشته فيله !!

ريم قالت : إن جهات سيادية تقف خلف قرار إيقاف البث .
المشاهد العابر والخبير المحلل لا يعرف هوية تلك الجهة السادية ، لأن المصطلح بلا معني قانوني أو دستوري ، واصبح يطلق هكذا وفي خلفية الذهن ، جهات مثل الرئاسة أو الأمن الوطني أو المخابرات العامة أو العسكرية ، والمعروف أن مثل تلك الجهات لا يصدر عنها بيان إلا في الجلل من الأمور  ، وكأنها تتعمد أن تظل ملتحفة عباءة منسودة  من غموض مثير !!.

لم ترد الجهة السادية ولا كل الجهات السادية علي كلام ريم .
المهندس محلب  رئيس الحكومة المصرية ، تقمص شخصية " جهيزة " التي قطعت قول كل خطيب فقال : إن الحكومة بريئة من أيقاف برنامج ريم ، لأن حكومته لا تتدخل في الشأن الإعلامي .

ثم أنهار من الكلام المتناقض المتضارب التابع لهوي المتكلم ، دون أن يعرف أحد يقنيًا من الذي أوقف برنامجًا يقدم نماذج ناجحة لسيدات مصريات !!


نذكر جميعًا مصطلح " الطرف الثالث " الذي كانوا يضعون في عنقه كل جريمة أو تقصير ، من الواضح أنه قد عاد ليتولي بنفسه إيقاف برنامج ريم ، متي ستم القبض على هذا الطرف الثالث  لكي يعرف القتيل شخصية قاتله ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت في جريدة التحرير بتاريخ 17 مايو 2015

الاثنين، 11 مايو 2015

توابع زلزال سيدة المطار سكت القانون … فهل ستتكلم الثروة ؟






كل ما وصل إلينا عن قضية السيدة ياسمين النرش لامفر من تصديقه ، هناك مواطنة تم ضبطها وبحوزتها مواد مخدرة وذلك أثناء قيامها بالإعتداء اللفظي علي موظف عام وقت تأديته لواجبات وظيفته ، هذا ما  حدث وما كان له أن يحدث لو أن الموظف العام الذي هو هنا ضابط شرطة قد ألقي القبض على المواطنة فور خروجها على السياق العام لسلوك المواطن ، بدلًا من تلك المجادلة التي جرت بينهما وقد اصبحت بفضل الفيديو الذي تسرب عن الواقعة أشهر من أن نشير إليه مجددًا .

سيدة المطار كشفت بفعلتها للمرة الـ …... عن تفشي ظواهر العنف والخروج على القانون والإستعلاء بالمال أو السلطة أو النفوذ ، بل أحيانًا  يجرى الإستعلاء بنوعية الملابس أو حتى أدوات الزينة ، كلنا نرى هذا الإستعلاء ونتعامل معه بطريقة أو أخرى ولكن في إطار أنه شيء مثل القضاء والقدر لا رد له .

القانون تكلم في الواقعة وتم القبض على السيدة وجري ترحليها إلى سجن النساء بالقناطر وإيداعها فيما يعرف بعنبر التحقيقات تمهيدًا لنقلها إلي عنبر المخدرات ، وكل المعلومات الوارد ة من السجن تؤكد أن الأمر جاد جدًا وأن السجينة تعامل كغيرها من السجينات وفق لائحة  وقوانين السجون ، إلى هنا ولا غبار على  دولة القانون ولا على القانون ذاته ، ولكن وما أتعس ما يأتي بعد لكن دائمًا ، هل ستصبر السيدة ياسمين علي السجن وفق عقوبة ستوقع عليها لا محالة ، ستعاقب السيدة علي أمرين ، الا عتداء على موظف عام ، وحيازة المخدرات ، والقانون المصري يجرم الأمرين معًا ، وبعض خبراء القانون أكدوا أن عقوبة السيدة ياسمين قد تتجاوز السنوات الخمس ، فهل ستصبر ؟.

هل سيصبر أهلها ، هل سيصبر أصدقاؤها ، هل ستصبر طبقتها ؟

إن لم يصبروا فكيف سيكون تصرفهم ؟
للثروة خاصة لو كانت طائلة حسابات أخري ، العالم كله ينصت عندما تتحدث الثروة ، العالم الثالث تحديدًا ـ ومصر  من ضم أفراده ـ لايكتفي بالانصات إنه يتبرع بتنفيذ قرارات ومقررات الثروة .


فريق الدفاع يعرف جيدًا ثغرات القانون ، توصيات من أعلى لاسترضاء الضابط ، استعطافات من أجل الطفلة بنت السيدة ياسمين ، كل ذلك سيجري تحت غطاء قانوني محكم ، بحيث لا نشاهد لسان الثروة وهو يتراقص في قفا القانون .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت بجريدة التحرير بتاريخ 10 مايو 2015