الجمعة، 5 مارس 2010

محمد مين؟







أراد الناقد الرياضي الارتقاء بمستوى كلامه فقال لمحاوره: «والله الأستاذ العقاد كتب فى كتابه الشهير عبقرية محمد» وقبل أن يذكر الناقد الجملة التي يرغب فى الاستشهاد بها من كتاب الأستاذ العقاد سارع المذيع اللامع ليقاطعه وبراءة كل الأطفال فى عينيه بسؤال كله ذكاء: «محمد؟ محمد مين؟». 


أسقط فى يد الناقد لأنه علم أن محاوره اللامع لا يعرف من بين كل المحمدين سوى «محمد أبوتريكة» و«محمد بركات» وأخيرا «محمد ناجى جدو». غمغم الناقد فى ضيق قائلا: «الرسول محمد بن عبدالله». 

هذا المستوى من المعرفة الذى يتمتع به المذيع يفرض نفسه على معظم ما تبثه الفضائيات الرياضية أو الكروية بالأحرى، فهؤلاء الذين يخترعون الخلافات ويسعرون الصراعات ويتطاولون على كل إنسان لا يعجبهم أو لا تربطهم به مصلحة شخصية مباشرة هم فى الحقيقة ليسوا سوى متفرجين متعصبين لما يخدم مصالحهم الشخصية ولذا نراهم مع أول بادرة خلاف يستخدمون أسوأ الأساليب فى التعبير عن وجهة نظرهم، فأصبحنا نسمع أحدهم يصف خصمه بألفاظ من عينة «الجربوع» و«الشاذ» و«الجربان»، فيرد الطرف الآخر مؤكدا أنه «سيمسح بكرامة المذكور الأرض»، ووصل الأمر إلى درجة أننى وملايين المشاهدين رأينا أحدهم على الهواء المباشر يشير بأصابعه إشارات يمكن وصفها بالفعل الفاضح. 

هذا الانفلات «الأخلاقى» لم يصبح قاعدة فحسب بل أصبح الطريق الأسهل والأسرع نحو «الشهرة والمال وجلب الإعلانات ورسائل المشاهدين»، حتى إن أحدهم يكاد يشتم نفسه عندما لا يجد من يشتمه، ومع ذلك تتيح له قناة تتبع التليفزيون الحكومى ظهور مميزا.

كل هذه الأمراض التى فى حقيقتها أخطر من إنفلونزا الخنازير سببها أن هذه القنوات لا تستطيع بث النشاط الرياضى الحقيقى ولذا تسلط علينا هؤلاء الذين يشغلون ساعات البث بتوجيه الشتائم لبعضهم البعض. 

ولا حل نواجه به هؤلاء «الفتوات» سوى مقاطعة برامجهم حتى تبور بضاعتهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ