الثلاثاء، 20 سبتمبر 2011

الشرطة خرجت ولن تعود



قبل ثورة 25 يناير كنت مبعثرا فى الشوارع ، أبدا لم أشاهد الشرطة فى مواقف ميكروباصات (عبد المنعم رياض، فيصل، عبود، شبرا، مدينة نصر، الشيخ زايد،

المعادى، البساتين، دار السلام، الجيزة، العمرانية، أكتوبر و...) أبدا لم أشاهدها فى حمى أية مشاجرة، أبدا لم أشاهدها تحضر مسرعة أثناء نشوب أى حريق، للحق كانت الشرطة ولا تزال حاضرة وبقوة فى مجال قمع الحريات وفض المظاهرات.

متى كانت الشرطة موجودة ومنفذة للقانون وحامية للمواطن حتى نبكي غيابها أو تغيبها بدم القلب ودموع العين؟

الشرطة يا خلق الله غائبة مذ كانت، هى لا تتحرك إلا عندما يمس أحد عقيدتها، وعقيدة الشرطة مكونة من جملة واحدة وهى «الشرطة فى خدمة نظام الحكم» أيا كان هذا النظام، ملكى مستبد أو ملكى يتمحك فى الدستورية أو جمهورى جبار كما حال جمهورية عبد الناصر أو جمهورى حرباء كما حال جمهورية السادات أو جمهورى لص قاتل مجرم كما حال جمهورية المخلوع، تأكيدا لتعميم خطأ قاتل ولكنها عقيدة الشرطة فى مجملها.

من هنا بدأ الفتق الذى يستعصى على الراتق ، نحن الشعب فى بلد وشرطتنا فى بلد آخر ، هم يحمون النظام ونحن نحاول هدمه ولذا يعاقبوننا بإطلاق بلطجيتهم الذين تربوا على أيديهم. إن مشاعر الشرطة المصرية تجاه المصريين الثوار منهم خاصة هى كمشاعر الجيش المصرى تجاه الكيان الصهيونى غداة يوم خمسة يونيو 1967، عداء مطلق وشعور بالذل والهوان، ولم يغادر الجيش مشاعر الهوان حتى ضرب ضربته يوم العاشر من رمضان عندما اقتحم ببسالة وبراعة قناة السويس وحطم خط بارليف.

هذه المشاعر الحاكمة لتصرفات الشرطة وسلوكها تجاه الثورة والثوار لا تبشر بأى خير، الشرطة انهار نظامها القديم وهى لا تريد التسليم بهذا الانهيار وهى تسعى صباح كل يوم لاستعادة الأرض التى فقدتها ولذا فهى لا تعترف بالثورة وطبعا لا تحبها وتأكيدا لن تدعم نجاحها بل تحاول بكل قوة «تكريه» الجماهير فى الثورة.

الكرة الآن فى ملعب الشعب، وله وحده حق الاختيار، هل يريد شرطة قامعة تحمى النظام أيا كان ، أم يريد شرطة تحمى المواطن وتنفذ القانون وتلتزم بمواثيق حقوق الإنسان. إن اختار الشعب الأولى فليس له التباكى على حقوقه المهدرة. وإن كان اختياره لصالح الشرطة الحامية للمواطن، فعليه أن يدفع ثمن إعادة بناء وزارة الداخلية كاملا، لأن الغيلان المتنفذين لن يستسلموا بسهولة ولن يمكثوا فى بيوتهم بمحض إرادتهم.

ظنى أن الشعب جاهز لدفع ثمن بناء وزارة جديدة مثلما سبق له أن دفع ثمن بناء جيش العبور، وإلى أن يحدث هذا فلا داعى للبحث عن الشرطة فقد خرجت ولن تعود.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الثلاثاء، 13 سبتمبر 2011

وما الثورة إلا مظاهرة.. وكبرت




خرجت من بيتى يوم الجمعة الماضي للمشاركة فى مظاهرة «تصحيح المسار»، كان ميدان التحرير مبهجا كعادته، المشاركون كانوا قلة قياسا على مظاهرات سابقة، بعيد العصر تدفق «الألتراس» فامتلأ الميدان ببهجة أغانيهم، مع انكسار حرارة الشمس زاد عدد المشاركين،كانت كل اللافتات والشعارات والهتافات مندرجة تحت بند «المتوقع» اللهم إلا لوحة رسمها فنان فطرى لفت نظرى إليها الصديق الصحفى خالد عبدالرسول، كانت اللوحة تصور جملاً مقطوع الذيل يبكى وهو يصيح: «بعد براءة الجميع واضح إنى أنا اللى هشيل الليلة». بعد صلاة العصر رفع أحدهم شاكوشاً وصاح: «إلى السفارة لهدم الجدار» تبعه حوالى خمسمائة من الثوار، أنقسم الواقفون بجوارى إلى ثلاث فرق، فرقة ترى أن الذهاب إلى السفارة كارثة، والثانية تؤكد أن هدم ولو جزءاً من السور هو عمل رمزى عظيم يجب إشهاره، الثالثة ترى أن الذاهبين لهدم السور ما هم إلا مجموعة من شيعة المجلس العسكرى يوحى إليهم بارتكاب الحماقات لكى يثبت للعالم أن الشعب المصرى لن يستقيم حاله إلا بحكم ينتهج سياسات حديدية.

 غادرت موقع المختلفين ورحت أفكر فى خطوة هدم السور. أطمأن ضميرى إلى أن الهادمين ما هم إلا جماعة من شباب الثورة الذين يريدون مد الخيط إلى منتهاه، هم يرون أن الثورة لن تكتمل إلا بإنهاء علاقاتنا بكيان العدو، إنهم هم أنفسهم الذين غادروا بيوتهم صباح الخامس والعشرين من يناير وأعلنوا اعتصامهم فى ميدان التحرير حتى يرحل الرئيس ولم يتراجعوا قيد أنملة عن هدفهم رغم دمائهم النازفة ورغم تراجع السلطة أمامهم ورغم الابتزاز العائلى الذى وقعوا تحت وطأتهم. هؤلاء يؤمنون بأن الثورة ما هى إلا مظاهرة ثم تكبر وتتعاظم وتكتسب أنصاراً وتحدد أهدافاً جامعة ويصبح فيها الجميع على أتقى قلب رجل واحد. السيطرة على هؤلاء إن لم تكن مستحيلة فهى فى غاية الصعوبة، لقد جربوا التفاوض مرات عديدة، وجربوا رفع الشعارات المنددة بعلاقاتنا بكيان العدو، جربوا كل فعل سلمى ولكنهم لم يربحوا شيئاً ولم يستمع إليهم أحد من المسئولين فقرروا فى وجدانهم أن الحقوق تؤخذ عنوة وأنهم إن سكتوا اليوم فمن يدرى فقد يصبح السور الخرسانى سوراً فولاذياً ولذا فقد قرروا الهجوم الآن وليس غداً. فى تمام السادسة بعد العصر هاج الميدان وارتفعت التكبيرات معلنة أن الثوار قد حطموا الجزء الأكبر من السور. جماعة من الثوار المرابطين فى الميدان قالت: «هذه فرصتنا لكى ندمر السفارة بمن فيها حتى نتخلص بضربة واحدة من الوجود الصهيونى على أرض وطننا» وعلى ذلك اندفع حوالى ألفى ثائر لمساندة هادمى السور. بعد أقل من ساعة جاءت الأخبار مؤكدة أن بعض الثوار قد أنزلوا مجددا علم العدو وقد اقتحموا مكاتب تابعة للسفارة ووضعوا أيدهم على أوراق تخص السفارة، راحوا يقذفون بها من النوافذ.

بقية القصة نعرفها جميعا لكن فصلها المهم يجب ألا يغيب عن أعيينا وأذهاننا.. الشعب لا يريد سفارة للكيان الصهيونى فى مصر وهو مرحب بأن يدفع الثمن.. دعوا الشعب يدفع ثمن إرادته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الثلاثاء، 6 سبتمبر 2011

مليونية لصبغة سيادته



 
كان محمد سعيد الصحاف وزير إعلام صدام حسين يكذب كما يتنفس بينما شعره الحريرى يلمع سواده تحت أضواء الكاميرات، ثم وقعت بغداد الحبيبة تحت احتلال هولاكو عصرنا الذى يعرف إعلاميا باسم الولايات المتحدة الأمريكية، صفقة ما جرت بين اهولاكو وبين الوزير الكذاب ذهب بمقتضاها إلى منفاه الناعم مثل شعره.


من منفاه وبعد احتجاب شهور أطل علينا ثانية عبر شاشة فضائية العربية، لم أصدق أنه هو هو الصحاف إلى أن يقسم لى صديق بالطلاق والعتاق بأننا نشاهد محمد سعيد الصحاف، فى إطلالة المنفى كان الرجل كعادته يكذب ولكن ثمة ما طرأ عليه، إنه شعر رأسه لقد أصبح فى بياض الثلج، لا لم يصبح، الحقيقة أنه قد عاد إلى لونه الطبيعى بعد أن ذهب كذب الصبغة واندحر افتراء الخداع. من يومها أصبحت أعانى من «فوبيا» الصبغة.

تمكنت منى «فوبيا» الصبغة، حتى أصبحت كأنها علم يجب تدريسه فى المعاهد والجامعات.

كيف يكذب المسئول العربى حتى على شعر رأسه ومرآة حمامه؟ كيف ينفق وقته فى تصفيف شعره وصبغه بينما شعبه يتضور جوعا ويهلك جهلا ويموت تخلفا؟هل يمكن اعتماد الصبغة بوصفها مقياسا لنجاح الحاكم العربى فى قمع شعبه؟ لماذا لا يصبغ أوباما وهو الشاب شعر رأسه بينما يهتم مخلوع تونس بصبغته وهو يلقى بيانه الأخير؟ من يتولى الآن صبغ شعر رأس القذافى؟ أتخيل مجرم ليبيا وقد أسلم شعره للصابغ، فإن أحسن الصابغ صبغته منحه المخبول مجلدين فاخرين يضمان هلاوسة القصصية وإن كانت الأخرى قطع رأس الصابغ المسكين بوصفه من الخونة فئران الثورة المتآمرين على مكانة الجماهيرية الاشتراكية العظمى!!

هل لصبغ شعر الرأس علاقة بالبلادة؟ أطرح سؤالى وعيناى تتابعان مخلوع مصر فى قفص حبسه، المخلوع طاعن فى السن، تحاصره اتهامات خطيرة جدا لو ثبتت بحقه فسيذهب إلى المشنقة، ثم هو كان قبل قليل من الزمان لا يأمر فيطاع بل يشير فتخر له الجبابرة ساجدين، كيف لرجل هذا حاله وقد ذهب عنه سلطانه وتنكر له الأقارب والأباعد أن يظل حريصا على صبغ شعره؟ ألا يشعر بفداحة جرائمه؟ ألا يخاف من عقاب ربما وقع عليه؟ ألا يفكر فى مفارقة الكذب وقد أصبع على بعد شبر من القبر؟ هل الصبغة تعطى لهؤلاء إحساسا بالخلود والشباب الدائم؟ عن أى خلود يبحث هؤلاء وقد اجرموا فى حق شعوبهم، وعن أى شباب يبحثون وقد بلغوا من الكبر عتيا؟ إنهم كذبة أدمنوا الكذب حتى كتبوا عند الله من الكذابين.

ترى هل سنقع ثانية فى فخاخ الصابغين؟ من حسن حظنا أننا فى هذه المرة نعرف أعمار المرشحين ولون شعر رؤوسهم، من العوا إلى حمدين صباحى، كلهم أصحاب شعر أبيض يلقى عليهم هالة من الوقار كان المخلوع يفتقدها، فمن بدل منهم لون شعر رأسهم فليس له عندنا سوى مليونية تكشط صبغته ثم نطلى فروة رأسه بـ «الجير الحى» حتى يصبح عبرة لمن يعتبر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ