الخميس، 30 يوليو 2015

الأرشيف السري للثقافة المصرية (2)

صالح جودت عدو «يوليو» يمدح عبد الناصر


فى الحلقة الأولى التى نشرناها عن كتاب «من الأرشيف السرى للثقافة المصرية» توقفنا عند فكرة صاحبه غالى شكرى الرئيسية التى تقول: إن الثورات تهزم نفسها بنفسها عندما تستعين بنخب الثورة المضادة أو عندما تترك لهم المجال لكى يعملوا على هدم الثورة من داخلها. فى حلقة اليوم، وهى الثانية والأخيرة، سنكمل سرد الوقائع التى دلّل بها الأستاذ غالى على صحة فكرة كتابه.


العملية «مديحة»!


مات رأس الثورة ومفجرها يوم 28 سبتمبر 1970، وله ما له وعليه ما عليه، كانت مصر الشعبية حزينة، وكذا قطاعات من مصر الرسمية، أما أحزن العرب على وفاة ناصر فكان سمو الشيخ سالم الصباح، أمير دولة الكويت الشقيقة.


كان الشيخ سالم هو آخر مَن ودّعهم عبد الناصر من الحكام العرب بعد انفضاض مؤتمر القمة الطارئ الذى دعا إليه عبد الناصر لإنقاذ الأمة من مذابح أيلول التى جرت بين الأشقاء الفلسطينيين والأردنيين، ويُقال إن سموه كان أول حاكم عربى يعرف بخبر رحيل ناصر، فسارع بالعودة إلى القاهرة بعد أن كان غادرها بساعات قلائل.


صاحب السمو كان محبًّا لناصر عارفًا بفضله، فرأى أن يفتح خزانة دولته لتكريم ذكرى الزعيم الراحل.


أفتح قوسى الافتراضى لأقول من خارج مادة الكتاب الذى نقرؤه معًا إن رجلًا من أبرز رجال «أخبار اليوم» هو جلال الدين الحمامصى، شنّ حربًا شعواء على يوليو، انتهت باتهامه لناصر بأنه اختلس عشرة ملايين جنيه من الخزانة العامة، كان الاتهام ظالمًا جدًّا وقاسيًا للغاية، وهنا أقسم الشيخ سالم بالله إنه سيدفع من ماله الخاص المبلغ الذى تحدده القيادة المصرية متى قدّمت الأدلة على صدق ما قاله الحمامصى.


طبعًا فشل الحمامصى ومحرضوه وفشلت وكالة المخابرات الأمريكية فى تلطيخ سمعة أمير الفقراء، وثبت للجميع أن القصة هى قصة رأس يوليو ذاتها وليست قصة ذمة ناصر المالية.


نغلق قوسنا ونعود إلى سياقنا.


كان النشاط الفنى للفنانة مديحة يسرى، قد تقلّص، فرأت أن تؤسس شركة للتسجيلات الفنية تحت اسم «شركة الموارد الثقافية والفنية»، شركاؤها كانوا من الكويت، ولذا فإن المقر الرئيسى للشركة كان فى الكويت.


ذات يوم هاتفها رجل من جهاز أمنى مصرى طالبًا منها الاتصال بالشاعر الأستاذ صالح جودت.

هنا انتبه: صالح جودت ليس عابرًا فى كلام عابر، إنه شاعر غنت قصائده أم كلثوم، وتغنى هو بكل الحكام من فاروق إلى السادات!


أحسنت يوليو لجودت (وهنا خطيئتها القاتلة)، فكان صحفيًّا لامعًا ورئيس تحرير وشاعرًا بالعامية والفصحى، هل سمعت أغنية وردة العذبة «روحى وروحك حبايب من قبل دا العالم والله»، إنها من تأليفه ومن ألحان فريد الأطرش، اختصارًا لم تؤذِ يوليو جودت أدنى أذى، ولكن ما فى القلب يظل فى القلب وقلب جودت كان ممتلئًا حتى حافته بكراهية يوليو، فما إن مات عبد الناصر حتى اندفع جودت يهجو كل فعلٍ يوليوىّ حتى لو كان فى عظمة بناء السد العالى، جودت كان يخمّر لفتنة أهلية عندما كتب معادلته الشهيرة التى تقول: «الماركسيون ملحدون، والمصريون متدينون، إذن الماركسيون ليسوا مصريين».


نعود إلى سياقنا فنرى أن مديحة يسرى قد اتصلت بصالح جودت كما أمرها رجل الأمن، فرد عليها جودت قائلًا: «لقد ألّفت كتابًا عن الرئيس الراحل، وبيقولوا ممكن تنشريه وتسجّليه كمان بصوتى، ماتفكريش فى الفلوس من ناحيتى».


كانت الدهشة ستشق مديحة إلى نصفَين، صالح جودت عدو يوليو ومفجرها كتب كتابًا فى مدح عبد الناصر، بل سيسجله بصوته على أشرطة كاسيت!


جودت الحريص على حقوقه المادية لا يهتم بالفلوس!


اللهو الخفى الذى كان قد اتصل بمديحة كان بطبيعة الحال قد رتّب الأمر مع جودت، وجاء له بحقوقه، اثنا عشر ألف جنيه مصرى. (انتبه نحن فى مطلع السبعينيات عندما كان الدينار الكويتى بجنيهَين وليس بخمسة وعشرين جنيهًا).


فى نوفمبر 1970، ظهرت نسخة الكتاب الجودتى ومعها شريطا كاسيت سجل عليهما صالح جودت كتابه المادح فى حياة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر البطل المغوار القائد الضرورة و.........

وكما تم التأليف والتسجيل بسرعة، جرى إخفاء جثث النسخ والأشرطة.

حفظ الله مقامك فلا تسل وأين ذهبت النسخ والأشرطة؟

يا صاحبى وأين ذهبت نسخ مذكرات سوزان مبارك التى تم طبعها بأغلفة مزيّنة بماء الذهب؟


هذه كتلك يا صاحبى.

هل كفّ صالح جودت بعد تلك الواقعة الموثقة بالصوت والكتابة عن مهاجمة يوليو؟

بالطبع لا، لكل ظل حتى رحيله ويوليو له كجلد الأجرب للأجرب، لا يعرف الراحة حتى يحكه وتتفجر منه الدماء.

الأخوان أمين


يعد علِى ومصطفى أمين من أصحاب التجارب الفارقة والنوعية فى تاريخ الصحافة المصرية، بل والعربية، ويصح أن نؤرخ للصحافة بما قبل مصطفى وعلِى أمين وبما بعد مصطفى وعلِى أمين.


كانا شيئًا ضخمًا قبل ثورة يوليو، وبقيا كذلك بعدها، ولكن ما فى القلب يظل فى القلب، ولم يكن فى قلبيهما سوى العداء لثورة يوليو ولمفجّرها جمال عبد الناصر.


صحت مصر يومًا على دعوة خطيرة جدًّا أطلقها علِى أمين، يقول ملخصها: يجب أن ينظم الشيوعيون أنفسهم فى حزب علنى تعترف به الدولة!


ويبرر أمين دعوته بكلام من عينة أن ظهور الشيوعيين إلى العلن سيظهر قوتهم الحقيقية وسينزع عنهم إغراء العمل السرى.

هذا هو ظاهر الدعوة، أما باطنها فكان كما يؤكّد الأستاذ غالى هو أن الأخوَين أمين كانا يريدان استكمال أرشيفهما الخاص عن الشيوعيين.


هذا الأرشيف كان مهمًّا جدًّا لهما، فقد اعترف مصطفى أمين فى أثناء محاكمته فى عام 1965 بتهمة الجاسوسية، بأن دار «أخبار اليوم» تمتلك جهازًا يعتمد على مصادر موثوق بها محلية وأجنبية، وأن هذا الجهاز يتبادل المعلومات مع الأجهزة الأخرى المحلية والأجنبية!


أفتح أنا كاتب هذه السطور قوسًا افتراضيًّا لأضيف أن الأستاذ هيكل له كتاب يحمل عنوان «بين الصحافة والسياسة»، وبه كل الوثائق التى تدين مصطفى أمين بالجاسوسية، وأهمها كتبه مصطفى بخط يده هو نفسه، ثم أضيف أن المخابرات العامة المصرية تحتفظ فى متحفها حتى يوم الناس هذا بوثائق قضية تجسُّس مصطفى أمين، بوصفها القضية الأكمل من حيث فنية عمل أجهزة المخابرات، ثم أختم بأن السادات الذى كان حاضنًا لكل أعداء يوليو أفرج عن مصطفى بعد توسُّط العالمين إفراجًا صحيًّا.


مدرسة الأخوَين أمين كانت قائمة على نوع من الصحافة ذائعة الصيت، التى تفرغ كل معنى جليل من محتواه، فعندما كان الوطن يبنى نفسه بعد العدوان الثلاثى، عاد أنيس منصور وهو أحد أبرز تلاميذ مدرسة الأخوَين من زيارة له إلى الهند، لكى يشعل فتنة «تحضير الأرواح فى سلة»، أيامها استطاع دجل منصور إلهاء الشعب عن معركته، حتى كانت الناس تستوقفه فى الشارع لتلتقط معه الصور التذكارية!


كل هذا التخريب للثورة ولمضمونها يتم دائمًا من خلال أدوات ثقافية وإعلامية (انظر حولك لتتأكّد من صحة كلامى).


قدّم سلامة موسى وهو مَن هو، يكفى أنه الذى قدّم لنا نجيب محفوظ، للأخوَين كتابًا عن «الصحافة حرفة ورسالة»، لكى يصدراه فى سلسلة كتاب «أخبار اليوم» الشهرى، وهى سلسلة كانت الأبرز فى تلك الأيام، فجأة مات سلامة موسى قبل ظهور الكتاب، الذى ظهر فى طباعة أنيقة وبثمن زهيد للغاية، واكتسح أرصفة الشوارع، لأنه كان مصحوبًا بحملة إعلامية جبارة، وجرى بيع عشرات الألوف من النسخ فى خلال أسبوعين فقط!


كان غالى شكرى قد قرأ الكتاب مخطوطًا، لأنه كان يعد كتابًا عن سلامة موسى، وقد وقعت عليه النسخة المطبوعة من «أخبار اليوم» وقوع الصاعقة، لأنها كانت نسخة مزوّرة ومزيّفة، قاما الأخوان أمين بإعادة تأليف الكتاب لكى يكون كتابًا عنهما وعن نجاحهما هما!

عندما عرفت أسرة سلامة موسى بما جرى لتراث رائدها رفعت الأمر إلى القضاء الذى حكم لصالحها، وأمر الأخوَين أمين بإعدام النسخ التى زوّرا وزيفا مضمونها!


هل رأيت أن نقض وهدم الثورات يتم دائمًا بأدوات ثقافية؟

هل رأيت مدى صدق صلاح عبد الصبور عندما قال: «الدودة فى أصل الشجرة؟».
ثم جاء حاتم..



الدكتور عبد القادر حاتم، رحل قبل أسبوعين بعد أن عاش كنوح وتمتع كسليمان (عليهما السلام). لماذا استعانت يوليو بالدكتور حاتم تحديدًا فى أبرز المواقع الثقافية؟


وماذا سنقول لثورة تريد أن تخرب بيتها بيدها؟

جاء حاتم وجرى الإفراج عن الكتاب الشيوعيين، فى بادرة ظنّها الجميع بداية الفرج، حتى قال لهم عبد الناصر بعدها بسنوات: «لقد كان قرار الإفراج عنكم قرارى الشخصى رغم أنف النظام!».


كان حاتم يستقبل الكتاب الشيوعيين فى مكتبه بالوزارة ويقول لهم إنهم فى روسيا نفسها يعيبون عليه تطرفه الشيوعى!


شيوعى من أولاد البلد رأى كتبًا ماركسية نادرة فى مكتبة حاتم، فطلب منه أن يعريها له لكى يزداد ثقافة!

بعد أن خرج الشيوعى ابن البلد ورفاقه من مكتب حاتم، ضحك وهو يقول لهم: إن الكتب التى فى مكتبة حاتم هى كتبى، صادرتها منى المباحث وقدمتها إلى حاتم.


فى تلك الأيام كان شعراء قصيدة التفعيلة، من أمثال حجازى وعبد الصبور ودنقل ودرويش والعنتيل وعبد المنعم عواد يوسف و...... كانوا كلهم يقفون بجوار الثورة، كانوا ينقدونها لصالحها ولم يكونوا ينقضونها من داخلها.


شنّ عليهم صالح جودت حربًا لا هوادة فيها، وأطلق عليهم لقب «القرامزة» وهى جمع قرمزى، وكل قرمزى عنده هو أحمر وكل أحمر فى معجمه هو شيوعى.

ثورة يوليو التى كان يجب أن تحتضن أولادها ولو كانوا معارضين، احتضنت حاتم وجودت وتركت لهما الحبل على الغارب.


فما كان من حاتم سوى أن أمر المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب (هو نفسه المجلس الأعلى للثقافة) بأن يتصدّى لهؤلاء الشعراء، وعلى الفور اجتمعت لجنة الشعر بالمجلس وأصدرت بيانًا لا تغيب عنه روح صالح جودت، المضحك إن كان فى الأمر ما يضحك أن الذى صاغ البيان صياغته النهائية كان رجل الفلسفة الدكتور زكى نجيب محمود، والآن أتركك يا صاحبى مع مواد البيان.


1- إن البلاد عرفت فى الآونة الأخيرة موجة من الإلحاد والوثنية فى الشعر، ذلك أن الذين يسمون أنفسهم بالشعراء «الجدد» ليسوا إلا حرابًا مسمومة موجهة إلى صدر الإسلام، فهم يسمحون لأنفسهم باستخدام إشارات ورموز مستوحاة من ديانات غير موحدة بالله.


2- إن هذه الموجة ليست معادية للإسلام فحسب، بل هى ضد العروبة أيضًا، لأنها تهدم قواعد اللغة والعروض التى ورثناها عن الآباء والأجداد وأجداد الأجداد، وهم يجمحون فى العودة بالمخيلة إلى أمجاد إقليمية، فهم شعوبيون جدد، لا يأنفون من استخدام العامية أحيانًا وكسر عنق البلاغة العربية فى أغلب الأحيان.
إن اللغة هى تراث الأمة وأخطر مقوماتها. وهؤلاء الذين ينتحلون صفة «الشعراء» قسرًا هم أعدى أعداء لغتنا وأمتنا.


3- إنهم قرامزة لا علاقة لهم بالتراب المقدس لهذا الوطن، لأنهم يمجدون بطولات حمراء فى بلاد غيرنا، ولأنهم يحضون على الحرب بين الطبقات ويحرضون سائر الناس على البغى والمنكر وانعدام الأخلاق السوية التى ورثناها عن الأقدمين.


4- إن لجنة الشعر بالمجلس الأعلى وقد تأسست لصون تراث هذه الأمة ولغتها وشعرها من حقّها أن تشرف على وسائل النشر كافة، والإذاعة التى تصل عبرها هذه السموم إلى المواطنين، وهى الأولى بالإشراف على مجلة الشعر بالذات، لأنها تصدر عن دولة لها تقاليدها وقيمها لا عن بضعة أفراد لهم مطلق الحرية فى التعبير عن أنفسهم بوسائلهم الخاصة.


انتهى بيان المجلس فتمكّنت نخبة الثورة المضادة من كل المنابر الإعلامية والأدبية وبقيت مجلة الشعر حتى يوم الناس هذا تصدر عن الإذاعة والتلفيزيون!


ثم هل وضعت الثورة عقلها فى رأسها وعرفت أولادها من أعدائها، لا والله، لقد جاءت بيوسف السباعى وزيرًا للثقافة، وكان قبل الوزارة نافذ الكلمة فى الشأن الثقافى كله، وما صنعه السباعى بالثقافة المصرية وبالمثقفين المصريين يندى له الجبين، كان يا صاحبى يبلغ عنهم الأمن!


ولعل أشهر ضحاياه الذين على قيد الحياة، الكاتبة الأستاذة صافى ناز كاظم، والكاتب الأستاذ صلاح عيسى، فليسألهما مَن شاء معرفة كيف نقضت الثورة المضادة ثورة يوليو من داخلها.



انتهى عرضى لأبرز فصول الكتاب، ولعلنا ندرك خطورة الثورة المضادة على ثورتنا الوليدة 25 يناير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشر بجريدة التحرير في 30 يوليو 2015

الأربعاء، 29 يوليو 2015

القبض على 100 ألف جاسوس مصرى!













وفقا لكل التصريحات الرسمية جدا تعد العلاقة بين جمهورية مصر العربية وجمهورية السودان العربية وثيقة جدا ومتينة للغاية، حتى كأن مصر هى السمن والسودان هو العسل، وقد وصلت متانة العلاقات إلى أن مصر العربية قد اتفقت مع السودان العربى على تكوين شركة مصر والسودان للتكامل الزراعى، وتكون المهمة الأولى للشركة هى استصلاح وزراعة مئة ألف فدان بالسودان لصالح البلدين.


وبالفعل زار وزير الزراعة المصرى، يرافقه نظيره السودانى، الأرض المزمع استصلاحها وزراعتها، وصدرت عن الجانبين كل التصريحات الودية المحبة للزراعة وللخير والحق والجمال، فجأة يا سيدى انقلبت التصريحات البناءة إلى حرب حرمان وفقد وتجويع وهلع، فكيف كان ذلك؟


قالوا إن 101 صياد مصرى «بعضهم يقول 99» كانوا فى طريقهم إلى دولة إريتريا لممارسة عملهم، ومن غير أسباب منطقية، قامت الأجهزة السودانية المختصة بإلقاء القبض على الصيادين المصريين.


قبل أن نكمل القصة أطرح سؤالين يقفان مثل الشوكة فى حلقى.


الأول هو: لماذا يهاجر الصيادون المصريون إلى أطراف الدنيا وبلدهم تطل على بحرين ويجرى خلالها نهر عملاق وتمتلك إحدى عشرة بحيرة؟ ألا يوجد سمك فى كل هذه المياه المصرية؟


الثانى: ما الدولة التى لم تحتجز صيادين مصريين؟

للأسف لن تجد إجابة عن سؤالى الثانى.


نعود إلى سياق القصة فنجد أن السودان قد اتهم المصريين باختراق مياهه الإقليمية، طبعا ذهب المصريون إلى السجن السودانى الذى هو أسوأ بمراحل من نظيره المصرى، ثم تكرمت النيابة السودانية وأفرجت عن الصيادين، ولكن المخابرات السودانية طعنت على قرار الإفراج، وقالت، فى حيثيات طعنها، إن الصيادين المصريين متهمون بالتجسس، لأنهم كانوا يصورون منشآت عسكرية سودانية.


هكذا دخلنا إلى نفق العبث العربى الفاخر «ليس هناك عبث كالعبث العربى».


هل أحرز السودان تقدما عسكريا يغرى المصريين بالتجسس عليه؟


هل فقدت المخابرات المصرية -لا قدر الله- كل خبرائها وضباطها وكوادرها حتى تلجأ إلى الاستعانة بسلاح الصيادين؟


ثم أين أجهزة وأدوات التجسس التى جرى ضبطها لدى الصيادين؟ أم أنهم سيتجسسون باستخدام شباك صيد إف 16؟


هو العبث العربى فلا داعى لمزيد من الأسئلة.

نقيب الصيادين شكّل وفدا من أهالى الصيادين المحتجزين لدى السودان وجاء بهم إلى مقر وزارة الخارجية المصرية، وزير الخارجية قابل الوفد وقال إنه يتابع الموقف ساعة بعد ساعة.

جهة مصرية مختصة أمرت بصرف إعانات عاجلة لأسر المحتجزين و........

ثم بعد وقت سيطول أو يقصر سيتم الإفراج عن الصيادين المصريين، وسيختفى الحديث عن قضية التجسس العبثية، وسننسى نحن قضايا الصيادين المأساوية، إلى أن يتم القبض على جماعة منهم، فنذكرهم ساعتين من نهار، ويتم الإفراج عنهم، فنعود وننساهم وهكذا إلى ما شاء الله.


حسنٌ (بلهجة الأفلام المترجمة) أو طيب بلغة الزهق المصرى، مَن الذى سيشرف على زراعة المئة ألف فدان سالفة الذكر؟


لو أرسلت الحكومة المصرية مصريا واحدا لكل فدان فسترسل مئة ألف مصرى، طيب من الذى يضمن لنا اعتدال مزاج الحكومة السودانية فى أثناء تعاملها مع المئة ألف مصرى؟


ماذا سيحدث لنا لو صحونا يوما على خبر يقول: السودان يلقى القبض على مئة ألف جاسوس مصرى؟



لدى العبد لله حل سحرى للقضاء على هذا العبث العربى، وهو أن تتم زراعة المئة ألف فدان بنبات المزاج أو الكيف، وساعتها سنعيش جميعا أحسن من السمن البلدى على العسل البلدى أيضا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشر المقال بجريدة التحرير في 29 يوليو 2014

الاثنين، 27 يوليو 2015

الأرشيف السري للثقافة المصرية





كيف تهزم الثورات نفسها
قال الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور يومًا: «الدودة فى أصل الشجرة».

إن جاز لى أن أنزِّل كلمة عبد الصبور إلى أرض واقعنا المعاش، لقلت إن الشجرة وأصلها هما «الثورة» ودودتها هى «النخبة».

أما كيف كان ذلك، فهذا ما يرويه لنا الكاتب الأستاذ غالى شكرى، فى كتابه «من الأرشيف السرى للثقافة المصرية».

مصرى بثلاث رئات



ولد غالى شكرى لأسرة مسيحية صعيدية، هاجرت أولًا إلى الإسكندرية، ثم تركتها لتقيم فى منوف بالمنوفية، كان ميلاده فى عام 1935، وكان رحيله فى مستشفى باريسى فى عام 1998، وبين الميلاد والرحيل تعلَّم وعلَّم وكتب عشرات الكتب ومئات المقالات، وأمضى حياته مدافعًا عن «فكرة الثورة».


فى طفولته تلقَّى تعليمه الابتدائى فى مدرسة إنجليزية تابعة لإرسالية، كان من ملحقاتها مستشفى وكنيسة إنجليكانية. كان والده حارسًا للمستشفى، وبذلك نجا غالى من مقصلة رسوم المدارس. والده المنتمى مثل الأغلبية المسيحية إلى الكنيسة القبطية المصرية، كان يحذره من ارتياد الكنيسة الإنجليكانية الملحقة بالمدرسة، لكن غالى كان يرتادها من خلف ظهر أبيه، وفيها تعرَّف على السينما وصادق من خلالها الصبى جورج البهجورى، الذى سيصبح من علامات فن الكاريكاتير.


بعد وقت المدرسة كان الطفل غالى شكرى، يذهب إلى بيت أستاذ اللغة العربية «الشيخ حافظ» الذى حفظ على يديه القرآن وجوَّده! ولذا كانت تتم الاستعانة به فى إلقاء الخطب المتعلقة بالمناسبات الإسلامية، مثل مولد الرسول.


بعد مدرسة الكنيسة سيلتحق بمدرسة المساعى المشكورة (مدرسة طفولة مبارك)، وفيها سيعرف التلميذ مكرم محمد أحمد، الذى سيرشده إلى عالم القراءة والكتابة والصحافة، بل إن مكرم سيعرفه على عالم نجيب محفوظ الذى لم يكن غالى قد سمع باسمه، بعد ذلك بسنوات سيكتب غالى عن محفوظ كتابه «المنتمى» الذى يعد أهم الدراسات التى كتبت عن محفوظ. من تلك الترجمة الموجزة يتبيَّن لنا أن غالى عاش بثلاث رئات، واحدة مسيحية قبطية، وثانية مسيحية إنجليكانية، وثالثة إسلامية.


ملف توفيق الحكيم



كتاب غالى الذى بين أيدينا والذى سيكشف عبر صفحاته عن الدودة التى فى أصل الشجرة، كتبه زمن إقامته فى بيروت فى عام 1975، وقد أعادت نشره مشكورة مكتبة الأسرة قبل أسابيع.


فكرة الكتاب المركزية تقول: «إن الثورة، أى ثورة، ستهزم نفسها بنفسها عندما تستعين أو حتى تترك عصابات الثورة المضادة تتسلل إلى حديقتها».


فى مئة وأربعين صفحة يقدّم غالى الأدلة على صدق فكرته التى ينطلق منها.

نعم هو كان يكتب عن الثورة التى عاشها وعرفها وذاق نعيمها وتجرَّع مرارة سجونها، ثورة 23 يوليو 1952، لكن لو شِئت مد الخيط إلى منتهاه، لرأيته يكتب عن ثورتنا (25 يناير 2011)، وتأمَّل ما حولك تجد كلامى صائبًا بإذن الله.


لم يكن الأستاذ توفيق الحكيم بخيلًا ولم يكن مقيمًا فى عزلة برجه العاجى، ولم يكن عدوًّا للمرأة، تلكم كانت شائعات عابث بها هو زملاءه وعابثوه بها.

الحقيقة أن الحكيم كان غارقًا من رأسه حتى أخمص قدميه فى الشأن السياسى العام، وكان قريبًا ومقربًا جدًّا من رأس الثورة وقائدها جمال عبد الناصر، الذى قال علانية إن «رواية الحكيم (عودة الروح) كانت ملهمة له ولجيله من الثوار»، وإنه أى عبد الناصر أراد أن يكتب رواية على غرارها، ثم بعد الثورة جرى فصل الحكيم من عمله مديرًا لدار الكتب، وكان صاحب القرار هو وزير المعارف الدكتور إسماعيل القبانى. وعندما عرف عبد الناصر بالأمر أعاد الحكيم إلى عمله وأخرج القبانى من الوزارة.


ثم وقف عبد الناصر مع الحكيم (وقفة العمر كله)، وذلك عندما كتب الناقد الأستاذ أحمد رشدى صالح، مقالات فى جريدة الثورة «الجمهورية»، اتهم فيها الحكيم بأنه سرق مادة كتابَيه «حمارى قال لى» و«حمار الحكيم» من الأديب الإسبانى «خمينيث»، فتدخَّل عبد الناصر وأوقف المقالات وأنعم على الحكيم بقلادة النيل، وهى أرفع وسام مصرى!


ثم قام عبد الناصر بإرسال الحكيم إلى باريس، لكى يكون على مقربة من أعلام الثقافة الغربية، لعله يصطاد جائزة نوبل، التى كان عبد الناصر يحلم بها له ويراه جديرًا بها.

ثم وهنا مربط الفرس، حدث أن ركب الجنون أدمغة أجهزة الأمن فى مطلع عام 1959، فقامت باعتقال العشرات من الكُتّاب والمثقفين، كانت الضربة موجعة جدًّا، حتى إن هيكل وهو مَن هو خاف من تأثير الضربة على سمعة نظام عبد الناصر، فسعى سعيه لكى يجمع فى لقاء مغلق بين عبد الناصر وكاتبه المفضل توفيق الحكيم، وكان هيكل الذى يعرف مدى تأثير الحكيم على عبد الناصر يؤمن بأن الحكيم سينسف قوائم المعتقلين نسفًا بكلمة منه لعبد الناصر.


نجح هيكل فى سعيه واتصلت الرئاسة بالحكيم، طالبة منه شرب الشاى مع السيد الرئيس بعد الظهر.

الحكيم يتهرَّب من لقاء عبد الناصر



نعم فعلها الحكيم وتهرب من اللقاء الذى كان سينقذ مئات الضحايا من قهر المعتقل، واتصل بهيكل الذى تفهّم الأمر، فقام هيكل بالاعتذار نيابة عنه لعبد الناصر، محتجًّا بأن الحكيم كبير فى السن ولا يريد توريط نفسه مع المعتقلين!


ليلتها، كما يروى الأستاذ غالى شكرى، اتصل الأستاذ نجيب محفوظ بالحكيم وناشده وهو يكاد يبكى أن يتدخّل لإنقاذ الناس ولإنقاذ سمعة النظام، فما كان من الحكيم إلا أن رد: «يا نجيب دول (يقصد أجهزة الأمن) بيقبضوا عليهم لأسباب مالهاش علاقة بالفكر، دول (يقصد المعتقلين) ليهم صفتين، صفة المثقف وصفة السياسى، إحنا ندافع عن المثقفين، لكن الناس اللى عايزة السلطة مالنا ومالهم».


انتهى كلام غالى، لأقول أنا، غنى عن الذكر أن الحكيم عاش عمره لا يدافع لا عن هؤلاء ولا عن أولئك!


ثم مات عبد الناصر الذى كان الحكيم أديبه المفضل، والذى كان يراه جديرًا بأن ينتزع «نوبل» العصية، فدارت مطابع دار الشروق لصاحبها محمد المعلم، لتقذف من قلب بيروت الأرصفة العربية بكتاب الحكيم «عودة الوعى»، الذى كان رأس الحربة فى الهجوم على ثورة عبد الناصر، لم يترك الحكيم نقيصة إلا رمى بها الثورة، الثورة التى كان مفجرها ينتظره لكى يأخذ برأيه فى أمر مصيرى كأمر المعتقلين!


فى الكتاب الذى كان فى بدايته مقالًا (ثم كبر!!!!) دعا الحكيم من موقعه كـ«حكيم» إلى فتح ملفات الثقافة المصرية.

هنا يرد غالى شكرى على الحكيم فى صفحات مطولة ملخصها بتصرف يقول: «إن أولى الناس بتلبية الدعوة هو مطلقها، وأنت دعوت إلى فتح الملفات ولم تفتح ملفًّا واحدًا، أنت أطلقت كلامًا عامًّا لم تشر خلاله بكلمة إلى قربك من دائرة النفوذ الضيّقة جدًّا، أنت كنت غارقًا فى صناعة ثقافة يوليو وفى ملفاتها، ولكن ها أنت تغسل يديك من عارها، وكأنك الطفل البرىء الذى كان يلهو بينما جحيم المعتقلات كانت يفترس أصدقاءك وتلاميذك».


بعدما قرأته، هل ترى معى أن عبد الصبور كان صادقًا وهو يقول: «الدودة فى أصل الشجرة؟».

يلا يا عم


فى شتاء عام 1972 (لاحظ قبل العبور بسنة)، سيتصل توفيق الحكيم بغالى شكرى، ويقول له: «أنا باعت لك آنسة ظريفة، مصرية من أمريكا، تريد أن تتعرّف عليك وعلى الجماعة فى الطليعية (مجلة كانت ذائعة الصيت، تصدر عن (الأهرام)، وكانت منبرًا لليسار المصرى) الآنسة بتحب الثقافة والسياسة، دكتوراه من هارفارد، يلَّا يا عم، ابسط».


قابلت الآنسة الطريفة «سناء حسن» غالى شكرى الذى عرف منها أنها قابلت أبرز رجال الدولة، مثل محمد فوزى، وزكريا محيى الدين، وعزيز صدقى، وعرف غالى منها أنها تعد دراسة للجامعة عن «مواقف الثقافة المصرية المعاصرة من أهم القضايا التى تعنى الإنسان المصرى وتقلق مصيره حتى ولو لم يكن واعيًا بها».


الآنسة الظريفة كانت «واصلة لفوق»، لدرجة أنها أهملت دعوة محمد حسنين هيكل لها!


الآنسة التى عرّابها توفيق الحكيم، ستتزوّج من تحسين بشير، مساعد المستشار الصحفى لرئيس الجمهورية أنور السادات.


الآنسة الظريفة المغمورة ستنشر لها جريدة أمريكا الكبرى «النيويورك تايمز» مقالًا بصورة!


تضمن:

آن الأوان ليفهم العرب أن إسرائيل أمر واقع.

آن الأوان ليفهم العرب أن الحرب لا تحل المشكلات.

لقد أخطأ العرب فى الحضارة والتاريخ والتقدُّم عندما رفضوا تقسيم فلسطين.

الحل الواقعى هو توطين الفلسطينيين فى الدول العربية مع الاعتراف العربى الشامل بالدولة اليهودية.


ثم إن الآنسة التى نشط توفيق الحكيم فى تقديمها للمصريين ستذهب إلى تل أبيب (دماء النكسة لم تكن قد جفَّت بعد)، وهناك ستواصل التبشير بدعوتها المقدسة!


الغريب بل المريب أن دعوة الآنسة الظريفة قد جهر بها توفيق الحكيم وحسين فوزى قبل العبور وفى قلب «الأهرام» وبحضور هيكل والقذافى الذى كان أيامها من صقور العروبة.


ثم ويا محاسن الصدف ستتبنى جماعة من المثقفين الفلسطينيين دعوة الآنسة الظريفة، ويكتبون وعلى رأسهم سميح القاسم، بيانًا يحمل الأفكار ذاتها، وسينفرد سميح بكتابة مسرحية تذهب فى نفس الاتجاه، ستتم ترجمة مسرحية سميح إلى معظم لغات العالم، وستقابله سناء حسن، لتبارك خطواته.


من الذى سلّط علينا الآنسة الظريفة؟ إنه توفيق الحكيم لا غيره، الحكيم الذى كان أيامها مشغولًا بالسؤال عن كيفية تحويل 40 ألف ليرة لبنانية، وهى ثمن كتابه «عودة الوعى» الذى سبّ فيه ناصر وثورته!


قلتُ لك إن دماء قاصمة الظهر (5 يونيو 1967) لم تكن قد جفّت بعد، ويقول لنا غالى شكرى إن «الجيش المصرى كان يستعد لخوض معركة الكرامة، بينما الأسماء البارزة فى الثقافة المصرية كانت تمضى فى طريق مضاد، الحكيم كان مشغولًا بليراته وبسبّ الثورة وصاحبها، وحسين فوزى كان يجهز لانطلاق كتابه (ملاك الإرهاب) فى سبّ عبد الناصر أيضًا، وإحسان عبد القدوس كان يكتب فى (الأهرام) مقالاته القصصية عن حبيبة شبابه اليهودية التى سبحان الله، ظهرت له فى جزيرة مصيفه، وكان يلح فى دعوتها لكى تعود إلى القاهرة»!


الرائد المنتحر



يواصل غالى شكرى فتح الملفات (التى لم يقترب منها الحكيم)، فيقول: «إن أجهزة كانت تعمل على تمهيد الأرض لأمر قادم (ليس الحرب يقينًا)، سنعرف نحن بعد سنوات أن الأرض كانت تمهد لاتفاقيات كامب ديفيد، وفى سبيل التمهيد كانت تعلو أصوات لمغمورين، فإذا بهم بين عشية وضحاها أشهر من نار على علم».


يضرب غالى مثلًا موجعًا بقصة وجيه غالى، مؤلف رواية «بيرة فى نادى البلياردو»، والذى كان طالبًا فى كلية الطب، وكان ينتمى إلى إحدى الحركات اليسارية، ولكنه استطاع الهرب إلى لندن، وهناك تلقفته إحدى «الجهات»، وكانت تعرف ميوله الصحفية وموهبته الأدبية، واستطاعت أن تغريه بالسفر إلى إسرائيل، فسافر وعاد ليكتب مجموعة من التحقيقات المثيرة لجريدة «الصنداى تايمز» إلى جانب إسرائيل.


وزيادة فى التكريم والغواية نشرت له رواية فى سلسلة بنجوين عن التعذيب فى سجون مصر. وما زالت الرواية فى المكتبات، وعلى ظهر غلافها تعريف بوجيه غالى، يقول إنه أول مصرى شجاع يزور إسرائيل ويكتب عنها بحرية كاملة.


ولكن هذا «الرائد الشجاع» وجد منذ عامين منتحرًا فى إحدى غرف البنسيون الذى يقيم به فى لندن! وترك رسالة بخط يده اعترف فيها بخطيئة العمر، وأشارت إليها الصحف الإنجليزية بصورة عابرة، لأن البوليس احتفظ بها.. فلم تكن موجهة إلى أحد بالذات.


وينهى الأستاذ غالى شكرى الفصول الأولى من كتابه بحكاية لا تقل وجعًا عن سابقاتها، يقول: «إن فتاة مصرية بالجامعة تدعى سناء هاشم، أرسلت إلى إحسان عبد القدوس، مكتوبًا يقول (إننى طالبة أقرأ لك بانتظام، وأعد رسالة عنوانها (الإنسان العربى فى الرواية اليهودية)..»، ويبدو أننا أكثر تحضرًا -أو كذبًا- من اليهود، فنحن نصورهم كما قرأت لك أمس بطريقة فنية راقية.. بينما قراءاتى لأدبهم جعلتنى أقشعر وأنا أجمع الصفات الحيوانية الشيطانية التى يلصقونها بالإنسان العربى.. الأدب معركة يا أستاذ، وهم فى مواقع الهجوم دائمًا، ونحن بأمثالك فى مواقع الدفاع دائمًا، لماذا؟».


ولن يجيب كاتبنا الكبير عن سناء هاشم، لأنه قد اختار أن يكون فى صف سناء حسن، غير أنه ينسى أن بنت الحاج هاشم هى صوت مصر الحقيقى.. الصوت الباقى.


أما صوت سناء بنت حسن باشا فهمى الصوت المزيّف، والذى سرعان ما يزول.


نُكمل فتح الملفات فى الأسبوع القادم بعون الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشر في جريدة التحرير في 23 يوليو 2015
لينك الموضوع:http://www.tahrirnews.com/posts/262069