الخميس، 5 مايو 2016

ضحكة المصريين أمن قومي











يعد المسلسل التليفزيوني القديم  " حلم الجنوبي " بيضة ديك مؤلفه " محمد صفاء عامر "  لأنه وضع في ذلك المسلسل يده على تصور جامع لما يعتقد أنه يمثل الهم المصري العام .
في ذلك المسلسل كان الحاج عمران الجارحي لص أثار ونابش قبور ، وكان يبيع الثمين الذي يحصل عليه من نبشه لمقابر الفراعنة إلى لص أثار أوربي .

وفي يوم من الأيام حصل عمران على بردية ظن بخبرته أنها خطيرة ، ولكي يتأكد من صدق ظنه أرسلها إلى مدرس التاريخ وعالم المصريات الشاب " نصر وهدان القط ".

ولأن نصر كان يجيد اللغة المصرية القديمة فقد قرأ البردية بتمعن وعرف منها السر الخطير الذى تكشفه وهو أن قبر الإسكندر الأكبر موجود في منطقة  وسط الإسكندرية . قرر نصر عدم إرجاع البردية لعمران ، لأنها أثمن من أن تباع لأي جهة كانت ، وتحجج بأنه سيحتفظ بها لبعض الوقت لمزيد من الدراسة والفحص .

كان اللص الأوربي قد ألقي نظرة سريعة على البردية ولكن لأنه ليس خبيرًا باللغة الفرعونية فقد خمن  مضمونها على وجه العموم دون معرفة بالتفاصيل الدقيقة ، ولذا فقد راح يطار عمران للحصول على البردية بأي ثمن .

تعقدت الأمور عندما رفض نصر صراحة إعادة البردية لعمران الذي جن جنونه فقام  بتسليط الإرهابيين المنتسبين لما يعرف بالتيار الإسلامي الذين قاموا بحرق بيت نصر فحرقت البردية !!.
كان نص البردية قد أصبح محفورًا على جدران ذاكرة نصر الذي ترك الصعيد حيث مسقط رأسه وتوجه إلى الإسكندرية لدراسة القضية على أرض الواقع .

 الجهة التي يتبعها لص  الآثار الأوربي سارعت بإرسال ضابط مخابرات كبير ليساهم في تقصى مصير البردية .
الأوربيان ـ اللص والضابط ، بذلا ما هو فوق الجهد لكي يعرفا مصير البردية ، وعندما تمكن التعب من قلب وجسد اللص ، بدأت رسالة المسلسل في الوضوح.

سأل اللص الضابط .
ـ لماذا نتعب كل هذا التعب في البحث عن بردية نعرف أن مضمونها قد لا يتحقق أبدًا.
رد الضابط .
ـ وقد يتحقق فتكون الكارثة .
تعجب اللص وعاد للسؤال .
ـ أي كارثة في أن يكتشف المصريون قبر الإسكندر ؟
بغضب رد الضابط .
ـ لو أكتشف المصريون قبر الإسكندر فسيختل ميزان القوي في منطقة الشرق الأوسط .
بدهشة عاد اللص للسؤال .
ـ أليست تلك مبالغة منك يا عزيزي .
رد الضابط .
ـ ليست مبالغة ، بل هذه هي الحقيقة ، لو أكتشف المصريون القبر فسيشعرون بالعظمة ، وشعورهم بالعظمة سيؤدي إلى رفع روحهم المعنوية ، وهذه ستقودهم إلى الثقة بأنفسهم ، والثقة ستؤدي إلى بث الأمل في قلوبهم ، والأمل سيجعلهم يضحكون ، ولو ضحك المصريون فإنهم سيعملون ولو عملوا فسيختل ميزان القوي الاستراتيجي.

علينا أن نجعل المصريين في حالة عبوس دائمة ، علينا أن نجعلهم لا هم أحياء فيضحكون ويعملون ولا هم موتى فيدفنون .
تلك ـ كما أعتقد ـ هي رسالة المسلسل ، وهي رسالة جد خطيرة تكشف الداخل العدو ـ المتمثل في نابش القبور عمران ـ والخارج المستثمر للداخل .

إذن لا مؤامرة خارجية هناك ، لأن عدوك الذى تتبرع أنت وتقدم له سكينًا ليذبحك بها لا يكون متآمرًا عندما يقبل هديتك بل ويقبلّها .

داخلنا الآن يدعون للعبوس الدائم ، حيثما وليت وجهك لن تجد سوى الارتباك والفوضى والتصويب على رأس الأمل وقلبه .

يترك الداخلُ الضباعَ من أمناء الشرطة ليفتكوا بالناس ، وما أن نلملم الجراح باحثين عن مخرج ، حتى يباغتنا الداخل بطعنة نجلاء عنوانها ( إعادة جزيرتي تيران وصنافير للملكة العربية السعودية ) نروح نرجو الداخل أن يتعقل ليبحث معنا عن كلمة سواء فيضع أصابعه في أذنيه ، نضيق بتجاهله لنا فننزل إلى الشوارع لكي نسمعه كلمتنا ، فيباغتنا بأن يرفع أعلام المملكة في قلب القاهرة وكأنها أصبحت مقاطعة من مقاطعات آل سعود .

ندعو الداخل للتهدئة فيقوم باعتقال شبابنا ـ أجمل ما فينا ـ من على مقاعد المقاهي ، ندوخ السبع دوخات  في البحث عن شبابنا ، فيرد علينا الداخل باقتحام نقابة الصحفيين لأول مرة في تاريخ مصر وباعتقال صحفيين اثنين كان معتصمان بها .
يعني نخرج من حفرة فيوقعنا الداخل في دحديرة ، فمتى نبتسم ؟ متى نضحك ؟ متى نفتح للأمل أبواب قلوبنا ؟ متى نتخلص من كل هذا الاكتئاب
كل ما نرجوه من سيدنا الداخل أن يأخذ المناصب والمكاسب ويترك لنا الضحك .    

هامش

يقول الدكتور احمد عكاشة رئيس الجمعية المصرية للطب النفسي إن 5، 1 مليون مصري مصاب بمرض الاكتئاب،وتصل نسبة وفيات مرضى القلب المصحوب بالاكتئاب إلى ١٧٪، كما يعد الاكتئاب عاملًا مؤثرًا  فى الإصابة بالجلطات.


وأشار إلى أن 70% من مرضى الاكتئاب لا يذهبون إلى الطبيب النفسي بل إلى طبيب الباطنة ليشكوا  من آلام بالجسم خاصة وأن أعراض المرض تأتى للمريض على شكل آلام فى الجسم منها صداع وآلام فى الظهر وآلام فى المفاصل والدوخة والزغللة والمرارة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشر المقال في جريدة المقال بتاريخ 5 مايو 2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق