أوصانا الراحل الكريم " صلاح جاهين " رحمه
الله في قصيدته العلامة :" شيكا بيكا ". بأن نعرف أن دنيانا هي "
شيكا بيكا وبوليتيكا ومقالب أنتيكا"ولأنها كذلك فلا مجال لأي شيء
سوى تنفيذ باقي الوصية :" ولا تزعل
ولا تحزن.. اضحك برضه يا ويكا "ويصبح الضحك ـ وإن انتهى
بالدموع ـ ضروريًا عندما نعرف تعريف الشاعر للشيكابيكا .
" هتقولي الشيكا بيكا
إيه هي؟
هي الحركات اللي مش هي
".
وعلى ما سبق فقد امتلأ أسبوعنا
الماضي بالحركات " اللى مش هي ".
الحركة الأولى : الرئيس
السيسي يمنح الرئيس الموريتاني " محمد ولد عبد العزيز " قلادة النيل التي تعد أرفع وسام مصري .
انتهى الخبر وضرب الذين
يهتمون وينشغلون بالشأن العام أخماسهم في أسداسهم لأن أحدًا لا يعرف فيما كان هذا
المنح والعطاء ، ولأن أحدًا من دوائر صنع القرار لم يكلف نفسه بأن يدلي بتصريح ولو
مقتضب يقول فيه للشعب : لماذا منحنا أرفع وأعظم أوسمتك لهذا الرئيس تحديدًا ؟.
طبعًا الموضوع من أوله لآخره
سيادي بالدرجة الأولى ، ولكن من حقنا ولو من
باب " العشم " أن نعرف مجرد معرفة حيثيات منح أعظم أوسمتنا لرئيس
موريتانيا ، معرضتنا للمنح أو تأيدنا له لن تقدم ولن تؤخر ولكن المقصود مجرد
إطلاعنا لحفظ الحقوق التاريخية لوسام تاريخي .
ما كان أسهل على أي مسئول
بالرئاسة أن يقول مثلُا في تبرير منح الوسام الأعظم :" إن فخامة الرئيس الموريتاني في أثناء توليه رئاسة
الاتحاد الإفريقي عام 2014،قد بذل جهدًا
مشكورًا في إعادة تفعيل عضوية مصر بالاتحاد الإفريقي بعد تجميد ها في أعقاب 30 يونيو ".
أو يقول سيادة المسئول :" نحن ـ أي مصر ـ
نعول كثيرًا على الدور الموريتاني الذي
يمكن أن تعلبه بين دول الساحل
الإفريقي ، تلك الدول التي ننتظر
منها أن تقدم دعمها الكامل والجاد في
محاربة الإرهاب ".
هذان التصريحان أو
غيرهما كانا كافيين لأن نشعر بأننا على بال سيادة المسئول وكانا سيحفظان
لوسامنا مكانته بعد أن نعرف حيثيات منحه ، ولكنه الصمت التام وكأن لا وجود لنا ولا
أهمية ، الصمت البغيض القادم من جوف " الحركات اللي مش هي "
الحركة الثانية : الأعمار بيد
الله وحده ، ولكن تبقي علامات على أرض الواقع يجب علينا أن نلتفت إليها ونجعلها في
الحسبان ، ومن تلك العلامات أن الصحفي الشاب المصري الذي يحتفل في عامنا هذا
بالذكرى السبعين على تأسيس نقابته لن يسمح له عمره بأن يحتفل بسبعينها الثانية ،
يعني الذكرى عزيزة وغالية ، وغالبًا
لن يشهدها الصحفي مرتين في حياته .
فكيف تعاملت حكومتنا الموقرة
مع العيد الماسي لنقابة الصحفيين المصرية؟
قام السيد مساعد وزير
الداخلية للشئون القانونية بتقديم البلاغ رقم " 2131 " ضد الكاتب الصحفي
خالد البلشي وكيل نقابة الصحفيين ومقرر لجنة الحريات بها ، واتهمه بـ " بسب وقذف الداخلية إهانة الشرطة،
والدعوة لتكدير السلم العام والتظاهر ونشر تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي
"فيس بوك" وتويتر تدعو لقلب نظام الحكم ".
وعلى خلفية البلاغ الرسمي أمرت النيابة العامة ـ
وهذا واجبها ـ بضبط وإحضار، المدعو خالد البلشى !!!!.
حتى كتابة سطوري هذه ، خالد
في مكتبه يمارس عمله ولكن البلاغ أفلح في تعكير أجواء الاحتفال وفي احتقان العلاقة
بين الصحفيين والنقابة من جهة وبين النظام الحاكم من جهة أخرى ، وأفلح البلاغ في
حشد تضامن خرافي مع البلشي من حقوقيين وطنيين ودوليين لتصبح فضيحتنا ككل فضائحنا
معروفة في العالم كله في التو واللحظة .
كان يمكن للنظام أن يستثمر فرصة الاحتفال بالعيد الماسي ويفرج
مثلًا عن صحفيين محبوسين عبثًا ، أو أن يحسن شروط حبس الصحفيين المحكوم عليهم
بأحكام قضائية ، كان هناك ألف مجال يمكن
من خلاله إظهار حسن النية للصحفيين ولكن النظام فضّل إظهار عين أمنا الغولة
الحمراء متقدة الحمرة ، فقام كبير من كبرائه بتوجيه اتهامات فضفاضة حمّالة أوجه
للبلشي الذي لا هو ولا غيره فوق القانون أو المحاسبة ولكن أين القانون أصلًا في
تهمة مضحكة مثل تهمة " تكدير السلم العام "؟؟؟؟؟؟؟؟.
الحركة الثالثة : بدون "
إحم ولا دستور " وقف سيادة النائب جمال عبد الناصر وألقي بيانًا عاجلًا أمام
الجلسة العامة لمجلس النواب ، وأشار سيادته في بيانه إلى :" الفيس بوك، والتي تجاوزت كل الخطوط الحمراء،
والذي ـ أي الفيس بوك ـ أصبح يمثل خطرًا
على أمن مصر".
وطالب سيادته :" وزيرا
الداخلية والاتصالات، بضرورة تنظيم العمل على وسائل التواصل الاجتماعي "علشان
يقدروا يجيبوا اللى بيكتب حاجة تهدد الأمن القومي ".
رجل القانون ورئيس مجلس
النواب الدكتور على عبد العال كان يمكنه أن يرد بألف رد أو يصمت ولكن سيادته زاد
الطين بله عندما رد على بيان السيد النائب قائلًا :" إن البرلمان بصدد إصدار
قانون لتنظيم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ".
طيب ماذا كانت نتيجة بيان
النائب ورد الدكتور عبد العال ؟.
لقد شهد الفيس بوك ومعه تويتر
إحدى أكبر حملات وحفلات السخرية من البيان والرد ، حتى أن جماعة من الناشطين على
الموقعين قالوا : إننا كنا نتحرج من المساس بفلان أو علان أما الآن فلا خطوط حمراء
ولا صفراء وسنكتب كما نشاء .
هذه الحركة اللي مش هي أفلحت
في حشد وتعبئة الناشطين ضد النظام كله من رأسه إلى ذيله والقادم أصعب .
ولأن الحال كما ترى فليس لنا
سوى الاعتصام بالمثل القائل :" متخفش من القرعا خاف من حركاتها " .
هامش
محمد ولد عبد العزيز ولد
اعلية من مواليد العام 1956
وهو ثامن رئيس لموريتانيا منذ
استقلالها .
انتخب رئيسا لموريتانيا في العام 2009.
تخرج من الأكاديمية العسكرية
بمكناس بالمغرب وهو برتبة ضابط متخصص في الميكانيكا و ساهم في إفشال انقلاب صالح
ولد حننا على الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع في عام 2003 ، كما لعب دورًا بارزًا
في تولي الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله لمنصب الرئاسة، وقد كافئه على
دعمه فقام بترقيته إلى رتبة جنرال وهي أعلى رتبة مستحدثة في رتب الجيش الموريتاني
.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت في جريدة المقال الخميس 7 أبريل 2016
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق