الأربعاء، 29 يوليو 2015

القبض على 100 ألف جاسوس مصرى!













وفقا لكل التصريحات الرسمية جدا تعد العلاقة بين جمهورية مصر العربية وجمهورية السودان العربية وثيقة جدا ومتينة للغاية، حتى كأن مصر هى السمن والسودان هو العسل، وقد وصلت متانة العلاقات إلى أن مصر العربية قد اتفقت مع السودان العربى على تكوين شركة مصر والسودان للتكامل الزراعى، وتكون المهمة الأولى للشركة هى استصلاح وزراعة مئة ألف فدان بالسودان لصالح البلدين.


وبالفعل زار وزير الزراعة المصرى، يرافقه نظيره السودانى، الأرض المزمع استصلاحها وزراعتها، وصدرت عن الجانبين كل التصريحات الودية المحبة للزراعة وللخير والحق والجمال، فجأة يا سيدى انقلبت التصريحات البناءة إلى حرب حرمان وفقد وتجويع وهلع، فكيف كان ذلك؟


قالوا إن 101 صياد مصرى «بعضهم يقول 99» كانوا فى طريقهم إلى دولة إريتريا لممارسة عملهم، ومن غير أسباب منطقية، قامت الأجهزة السودانية المختصة بإلقاء القبض على الصيادين المصريين.


قبل أن نكمل القصة أطرح سؤالين يقفان مثل الشوكة فى حلقى.


الأول هو: لماذا يهاجر الصيادون المصريون إلى أطراف الدنيا وبلدهم تطل على بحرين ويجرى خلالها نهر عملاق وتمتلك إحدى عشرة بحيرة؟ ألا يوجد سمك فى كل هذه المياه المصرية؟


الثانى: ما الدولة التى لم تحتجز صيادين مصريين؟

للأسف لن تجد إجابة عن سؤالى الثانى.


نعود إلى سياق القصة فنجد أن السودان قد اتهم المصريين باختراق مياهه الإقليمية، طبعا ذهب المصريون إلى السجن السودانى الذى هو أسوأ بمراحل من نظيره المصرى، ثم تكرمت النيابة السودانية وأفرجت عن الصيادين، ولكن المخابرات السودانية طعنت على قرار الإفراج، وقالت، فى حيثيات طعنها، إن الصيادين المصريين متهمون بالتجسس، لأنهم كانوا يصورون منشآت عسكرية سودانية.


هكذا دخلنا إلى نفق العبث العربى الفاخر «ليس هناك عبث كالعبث العربى».


هل أحرز السودان تقدما عسكريا يغرى المصريين بالتجسس عليه؟


هل فقدت المخابرات المصرية -لا قدر الله- كل خبرائها وضباطها وكوادرها حتى تلجأ إلى الاستعانة بسلاح الصيادين؟


ثم أين أجهزة وأدوات التجسس التى جرى ضبطها لدى الصيادين؟ أم أنهم سيتجسسون باستخدام شباك صيد إف 16؟


هو العبث العربى فلا داعى لمزيد من الأسئلة.

نقيب الصيادين شكّل وفدا من أهالى الصيادين المحتجزين لدى السودان وجاء بهم إلى مقر وزارة الخارجية المصرية، وزير الخارجية قابل الوفد وقال إنه يتابع الموقف ساعة بعد ساعة.

جهة مصرية مختصة أمرت بصرف إعانات عاجلة لأسر المحتجزين و........

ثم بعد وقت سيطول أو يقصر سيتم الإفراج عن الصيادين المصريين، وسيختفى الحديث عن قضية التجسس العبثية، وسننسى نحن قضايا الصيادين المأساوية، إلى أن يتم القبض على جماعة منهم، فنذكرهم ساعتين من نهار، ويتم الإفراج عنهم، فنعود وننساهم وهكذا إلى ما شاء الله.


حسنٌ (بلهجة الأفلام المترجمة) أو طيب بلغة الزهق المصرى، مَن الذى سيشرف على زراعة المئة ألف فدان سالفة الذكر؟


لو أرسلت الحكومة المصرية مصريا واحدا لكل فدان فسترسل مئة ألف مصرى، طيب من الذى يضمن لنا اعتدال مزاج الحكومة السودانية فى أثناء تعاملها مع المئة ألف مصرى؟


ماذا سيحدث لنا لو صحونا يوما على خبر يقول: السودان يلقى القبض على مئة ألف جاسوس مصرى؟



لدى العبد لله حل سحرى للقضاء على هذا العبث العربى، وهو أن تتم زراعة المئة ألف فدان بنبات المزاج أو الكيف، وساعتها سنعيش جميعا أحسن من السمن البلدى على العسل البلدى أيضا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشر المقال بجريدة التحرير في 29 يوليو 2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق