الخميس، 15 يناير 2015

تحريات أم تصفية حسابات؟






روى الأستاذ العميد طه حسين أن فضيلة الأستاذ الشيخ مصطفى عبد الرازق كان ينتمى وأسرته إلى حزب الأحرار الدستوريين، وهو الحزب الذى يناصب سعد باشا زغلول أشد أنواع العداء ويشهر به وبأهله جميعا وبحزبه كله، ولكن هذا الانتماء السياسى لم يمنع الشيخ مصطفى من أن يكون رجلا صاحب مروءة وشجاعة، فعندما جرى نفى سعد باشا عزّ على الشيخ مصطفى ما تعانيه زوجه السيدة صفية زغلول من ألم الوحدة والفرقة والوحشة، فانتهز فرصة عيد من الأعياد وأرسل إليها بطاقة معايدة وكلمة مساندة.

ثم علم وزير العدل بما فعله الشيخ مصطفى الذى كان واحدا من أكابر مفتشى الوزارة، استدعاه الوزير وسأله عما فعل، فلم ينكر ولم يجادل، بل اعترف بما كتبه ببساطة شأن أصحاب الكرامة والشجاعة فما كان من الوزير إلا أن قاله له: الزم بيتك .

فرد عليه مصطفى: اقض ما أنت قاضٍ (يعنى اعمل اللى أنت عايزه).

مكث الشيخ فى بيته، حتى وصل أمره إلى عبد الخالق باشا ثروت وكان رئيسا للوزراء، فاستدعى الوزير ووبخه أشد التوبيخ، ثم جاء بالشيخ مصطفى وأثنى على وفائه لخصمه السياسى سعد باشا، وأمره بالعودة إلى ممارسة عمله.

ما الذى ذكرنى بتلك القصة القديمة؟

ذكرنى بها ما تفعله حكومة المهندس إبراهيم محلب، التى شكلت لجنة لحصر ممتلكات جماعة الإخوان، واللجنة قضائية يتولى أمرها قضاة، بعضهم من أكابر قضاة مصر، تلك اللجنة لم يعد أحد يعرف كيف تعمل على ملف غاية فى الخطورة، لأن مصادرة أو حتى إدارة أموال الناس ليست بالأمر الهين البسيط، إنها حقوق ونزعها أو وضع اليد عليها ولو إلى حين يجب أن يتم من خلال أقصى درجات التقصى والتحرى والمعلومات التى ترقى إلى درجة الحقائق، التى لا تدع مجالا للشك أن ممتلكات فلان أو علان تستخدم فى تمويل عمليات الإرهاب أو أنها غير قانوينة أو غير شرعية أو مشروعة، ولكن ما يحدث يدعو إلى وقفة جادة مع تلك اللجنة، التى رأت فجأة ودون مقدمات أن تتوسع فى مفهوم الأخونة، حتى يكاد تعريفها للأخونة أن يشمل المصريين جميعا.

فكل مَنْ يقول برأى من آراء الإخوان حتى لو كان الرأى صوابا هو عند اللجنة من الجماعة الإرهابية التى يجب مصادرة أو التحفظ على ممتلكاتها!!

هكذا دون مناقشة أو تحرٍّ، ويظهر حجم الكارثة فى هذا الأمر عندما نقرأ رد المستشار على سؤال من الزميلتين هدى أبو بكر ويارا حلمى بخصوص التحفظ على ممتلكات جماعة من الاشتراكيين الثوريين بدعوى أنهم من الإخوان.

قال المستشار خميس: إن قرار اللجنة بالتحفظ على 112 اسما من بينهم الأسماء الثلاثة (هشام فؤاد وهيثم محمدين وخالد السيد) جاء بناء على التحريات التى وردت إلى اللجنة من الأجهزة المختصة وهى الأجهزة الأمنية، وبناء عليه تم إدراج أسمائهم .

خميس قال حين أبلغناه بانتماء هؤلاء الشباب وأنهم معروفون لدى الرأى العام بانتمائهم إلى حركة الاشتراكيون الثوريون وأنه ليس لهم صلة بجماعة الإخوان المسلمين: الجهات الأمنية قالت إنهم ضمن تحالف دعم الشرعية، وربما يكون الحزب أو الحركة التى ينتمون إليها ضمن هذا التحالف، أو ضمن حزب الاستقلال ذى الخلفية الإسلامية .

وتابع رئيس اللجنة: الأسماء دى جاية من الجهات المختصة، وهى من تحدد الأسماء التى ضمن تحالف دعم الشرعية، وهما من اللى كونوا هذا التحالف، أو ممن ينتمون إلى حزب الاستقلال، وبناء عليه تم إدراج أسمائهم .


أليست هذه هى تصفية الحسابات بعينها؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت بجريدة التحرير في 7 يناير 2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق