الثلاثاء، 2 أبريل 2002

القواعد العسكرية الأمريكية تحتل الخليج (2)


الدودة في أصل الشجرة

وجود العدو الأمريكي في الخليج قديم جداً كما سبق وأكدنا والآن نستعرض أهم القواعد السعودية التي يحق للعدو استخدامها:
1-     قاعدة الدمام الجوية.
2-     تبوك العسكرية.
3-      خميس مشيط.
4-     جدة للاستخبارات العسكرية.
5-     الشرورة.
6-      القيصومة.
7-     الجبيل – قاعدة سلوى وهي قرب الحدود القطرية.
أما القاعدة الأكثر أهمية فهي قاعدة الظهران ولها حكاية تستحق أن تروى.
في عام 1941 بدأ العدو الأمريكي الاستعداد لدخول الحرب الأوروبية الثانية المسماة بالحرب العالمية الثانية فبحث عن قاعدة عسكرية في الخليج، فوقع اختياره على قاعدة الظهران، وعلى ذلك اتفق الجنرال ورويس القائد العام لقوات العدو مع الملك عبدالعزيز على إقامة مطار عسكري كبير بالظهران، وبالفعل تم الانتهاء من إقامته في عام 1944.
وفى عام 1945 تم الانتهاء من بناء القاعدة بأكملها مع تعهد من رئيس العدو "روزفلت" بأن السماح بإقامة القاعدة ليس معناه احتلال الأمريكان للسعودية!! ثم وقع الجانبان الأمريكي والسعودي عقداً يقضي بتأجير القاعدة للأمريكان علي أن تنتهي مدة الإيجار في عام 1949، ثم وافق الملك على تمديد فترة التأجير لمدة سنة واحدة فقط، ومع اشتعال الحرب الباردة تم توقيع اتفاقية إيجار جديدة لمدة خمس سنوات في عام 1954 أنفقت وزارة الحرب الأمريكية مائة مليون دولار لتطوير القاعدة فتم تجديد الإيجار لخمس سنوات أخرى.
وفي السادس عشر من مارس عام 1961 أبلغت السعودية العدو بعدم اعتزامها تمديد الإيجار، وبالفعل أعاد العدو في الثاني عشر من أبريل من العام ذاته القاعدة السعودية.
ولكن حدثت اشتباكات حدودية بين السعودية واليمن فأعادت السعودية القاعدة للعدو مرة أخرى (لا تبحث عن الذي وقف وراء هذه الاشتباكات فالأمر معروف ومفهوم).
ومازالت القواعد المقامة على الأرض العربية السعودية مباحة للأمريكان حتى كتابة هذه السطور.
الوضع في عمان ليس بالتأكيد أحسن من الوضع في السعودية لأن العدو يتمتع بتسهيلات في قاعدة "خصب" وقاعدة مسقط وهي التي يستخدمها أسطول العدو المرابط في المحيط الهندي، إضافة إلي قواعد تمريت والسيب وصلالة وميناء رايست.
أما أهم القواعد فهي قاعدة "مصيرة" وهي في خدمة الأمريكان منذ عام 1975 وقد استخدمت من قبل طيران العدو أثناء عمليته الفاشلة لتحرير الرهائن الأمريكان في إيران فقد تم تزويد الطائرات المغيرة على طهران بالوقود في هذه القاعدة.
وبعد الحصول على كل تلك القواعد العمانية دفع العدو الأشقاء في عمان لتوقيع اتفاقية ترسخ الوجود الأمريكي العسكري في عمان، وتعهد العدو بموجب هذه الاتفاقية بمساعدة عمان بمائة مليون دولار سنويًا مقابل استخدام العدو للقواعد العسكرية في مصيرة وصلالة وتمريت "مائة مليون فقط مقابل ثلاث قواعد.. يا بلاش يا استقلال ويا ميت ندامة عليك يا كرامة".
وأمام غضبة عربية من هذه التنازلات العمانية قادها وصدق أو لا تصدق وزير خارجية الكويت الذي طالب بطرد عمان من الجامعة العربية – طبعًا أيامها الكويت كانت عروبية – وقف السلطان قابوس سلطان عمان مدافعًا عن نفسه قائلاً: وغيرنا من دول المنطقة يعطي تسهيلات أهم دون أن يعلن عنها".
ألا تذكرك هذه المرافعة بمرافعات وزير خارجية قطر الحالي، حقًا ما أشبه الليلة بالبارحة؟
الأخوة في البحرين ليسوا بطبيعة الحال أقل حرصًا على مساعدة الأمريكان "الغلابة" من إخوانهم في باقي دول الخليج فقدموا للعدو قاعدتي "المحرق الجوية" و"الهملة"، إضافة إلى مطار "الضحير" أما قاعدة "الجفير" فلها مثل شقيقتها قاعدة الظهران حكاية تروى.
في عام 1935 كانت قاعدة الجفير مثل كل البحرين تحت السيطرة البريطانية وقد ساهم العدو الأمريكي في تأسيسها، وفي عام 1949 حصل العدو على حق استخدام جزء منها ليكون مركزًا لقيادة القوة الأمريكية العاملة في الشرق الأوسط، واستمر الحال هكذا حتى عام 1971، ففيه وقعت البحرين اتفاقية مع العدو (اشمعني هي؟) تتيح له استغلال القاعدة مقابل أربعة ملايين دولار سنويًا!! المضحك بل المبكي أن هذه الاتفاقية وقعتها البحرين بعد أسبوع فقط من استقلالها عن بريطانيا!!
وفي عام 1973 طالب أعضاء المجلس الوطني البحريني بإلغاء الاتفاقية وعدم تقديم تسهيلات للعدو الأمريكي ولكن (علي مين) لم تستجب الحكومة البحرينية لهذه المطالب.
ثم تقدم الأمر خطوة للأمام بعد حرب رمضان عام 1973 وظهور الدور الخطير الذي لعبته القاعدة البحرينية لصالح الكيان الصهيوني إذ أنها ساهمت في نقل ومرور المتطوعين الاستراليين الذين انخرطوا في القتال لصالح الصهاينة ضد مصر وسوريا!!
أمام هذه الفضيحة اضطرت البحرين لإلغاء الاتفاقية ولكن كان هناك بند في الاتفاقية ينص علي حق أحد الطرفين بالبقاء لمدة سنة في حالة إنهاء أحد طرفي الاتفاق للمعاهدة. هذا البند مكن العدو من البقاء في القاعدة، حتى عام 1977 حيث ألغت البحرين الاتفاقية ولكن من الواضح أن الإلغاء كان صوريًا فمازال العدو يتمتع بالقاعدة وبغيرها من قواعد البحرين لاحظ مجدداً أن صدام حسين لم يكن وصل إلي السلطة عندما منحت دول الخليج قواعدها للعدو لأن صداماً كان أيامها طفلاً غريراً.

طوق النجاة السوفيتي
قد يقول "ظريف" إن دول الخليج لا تملك من أمر نفسها شيئاً إذ أنها في حقيقتها "قبائل لها أعلام"، ولذا فمن الظلم مطالبتها بعدم فتح أراضيها للأمريكان، ولهذا الظريف نقول إن "ليونيد بريجنيف" رئيس ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي ألقى لهذه الدول طوق النجاة ولكنها وللأسف رفضته.
كان بريجنيف يزور الهند في عام 1980 وأمام البرلمان الهندي أعلن عن مبادرته لإنقاذ دول الخليج من القواعد الأمريكية وقد اشتملت هذه المبادرة على سبع نقاط هي:
1-     الامتناع عن إقامة قواعد عسكرية أجنبية في منطقة الخليج والجزر القريبة منها.
2-     تحريم تخزين الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل فوق أراضي الخليج.
3-     التعهد بعدم استخدام القوة ضد الخليج.
4-      التعهد بالامتناع عن التدخل في شئون الخليج.
5-      التعهد باحترام موقف دول الخليج الحيادي وتجنب توريطها في صراعات الدول الكبرى.
6-     التعهد باحترام حق هذه الدول في الحفاظ على مواردها الطبيعية.
7-      التعهد بعدم وضع عراقيل أمام عمليات التبادل التجاري بين دول الخليج وباقي دول العالم.
طبعًا بريجنيف كان يريد تقليص النفوذ الأمريكي في الخليج أو على الأقل إخراج الخليج من المعادلة فكان طبيعياً أن ترفض أمريكا المبادرة، أما الخلايجة الذين هم أصل الموضوع فقد تباينت ردود أفعالهم، الشيخ زايد رئيس الإمارات علق علي المبادرة قائلاً: "إن أهم عنصر من عناصر توفير الأمن لمنطقة الخليج هذه المنطقة المهمة جداً هو أن تبقى بعيدة عن صراع القوتين العظميين، وهذا كلام طيب ولكن..!
ولي العهد السعودي وكان أيامها الأمير فهد بن عبدالعزيز قال: "أمن الخليج مهدد من الخارج والمنطقة تتهددها الصراعات الدولية التي تريد أن تجد لنفسها ثغرة لإشعال المنطقة التعليقان الإماراتي والسعودي متحفظان فلاهما مع المبادرة ولا هما ضدها، الكويت أعلنت بصراحة موافقتها على المبادرة – وسبحان الذي يغير ولا يتغير.
البحرين وعمان أعلنتا رفضهما القاطع لمبادرة بريجنيف ليفقد العرب مجدداً طوق نجاة لن يلقي لهم ثانية. وهكذا تري عزيزي القارئ أن الاحتلال الأمريكي لقواعد الخليج أقدم من اعتلاء صدام عرش العراق بسنوات وأقدم من حماقة غزوه للكويت بأعوام طوال.
والآن والعراق مهدد بالزوال هل نطالب الأشقاء الخلايجة بطرد سرطان القواعد من أجسادهم أم أن تلك أمنية إبليس في دخول الجنة!
________________
الصدى - 2 أبريل 2002

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق