الجمعة، 27 نوفمبر 2009

الكرة والدستور




بداية أعتذر عن الجمع بين الكرة التى مهما علا شأنها تظل مجرد لعبة، وبين الدستور فى سياق واحد، ولكن هذا الهوس الذى تخلى عن كل منطق وأصبح يتسيد الساحة بعد مباراة مصر والجزائر، دفعنى للتذكير بمواد الدستور التى تنص على عروبة مصر بل وتنص على أن الوحدة العربية هدف رئيسى من أهداف الدستور المصرى. 


فوثيقة إعلان الدستور المصرى تؤكد، بكلمات واضحة، تعهد جماهير الشعب على تحقيق أربعة أهداف رئيسية، يهمنا هنا الإشارة إلى الهدف الثانى الذى يقول: «الوحدة أمل أمتنا العربية: عن يقين بأن الوحدة العربية نداء تاريخ، ودعوة مستقبل، وضرورة مصير.. وأنها لا يمكن أن تتحقق إلا فى حماية أمة قادرة على دفع وردع أى تهديد». 

وإذا ذهبنا إلى مواد الدستور وجدنا مادته الأولى تنص على: جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطى يقوم على أساس المواطنة. والشعب المصرى جزء من الأمة العربية يعمل على تحقيق وحدتها الشاملة. 

وتنص مادته الثانية على: الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى. 

هذه المواد أوضح فى دلالتها من شمس الظهيرة، وهذا الوضوح نسفه بعض الذين يطلون علينا من بين سطور الجرائد ومن على شاشات الفضائيات، فترى الواحد منهم يلعن بأعلى صوته «العرب» و«العروبة» ويتحدث نيابة عن المصريين جميعا قائلا: «من اليوم لم تعد هناك عروبة» وكأن العروبة نوع من السلع نفد من السوق، أو كأنه اكتشف لنا انتماء غير العروبة علينا أن نسارع لاعتناقه لأن سيادته يرى أن العروبة وهم من الأوهام. 

وقد سمعت لاعبا لا يستطيع التفرقة بين الفاعل «المرفوع بالضمة» و«الفاعل» الذى يعمل فى قطاع البناء يقول والغضب يعلو قسمات وجهه: «باى باى عروبة»!! 

هل يظن هذا الذى لم يمرر تمريرة سليمة لزملائه أثناء المباراة، أن العروبة فتاة ينهى معها مكالمة تليفونية؟ 

العروبة ليست كلمة تقال، يتخلى عنها من يشاء وقتما يشاء، هوية أمة ونصوص دستور، فإن كان الذى يُتهم بمحاولة قلب نظام الحكم يقوم المسئولون بإرساله إلى ما وراء الشمس، فلماذا لا «يقرص» المسئولون إذن هؤلاء المتطاولين على الأمة ويقولون لهم: «إلعب بعيد ياشاطر منك له»؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق