الخميس، 20 أغسطس 2009

حسنات النت!


أستغفر الله ربى العظيم وأتوب إليه، كان يرددها سعيد وهو يمسح من جهاز الكمبيوتر عشرات الرسائل التى تعد من يعيد إرسالها بالجنات ونعيمها والأجر والثواب بلا عدد أو حساب، وتتوعد من يهملها أو يحذفها بالثبور وعظائم الأمور. فمنذ أول رسالة من هذا النوع وصلته وهى تحمل أحد الأدعية ويدعى صاحبها أن هذه الرسالة تنجى من يقرأها ويعيد إرسالها إلى 20 شخصا من عذاب القبر، ورسالة أخرى تحمل حديثا نبويا ينجى قارئه من الفقر وأخرى تحمل عبارات دينية تنقذه من عذاب النار حتى تملكته الرغبة فى الحصول على كل هذه الحسنات وصار كلما استلم رسالة أعاد إرسالها لكل من يعرفه وهو فرح بأنه أصبح يمتلك من الحسنات والأجر والثواب ما لا عد له ولا حصر! 


ولكن الريبة تملكته بعدما أحس أنه بعد كل هذه الرسائل صار يملك من الحسنات ما يجعله فى مصاف الأنبياء والعياذ بالله فقرر أن يستفسر من شيخ الجامع الذى يصلى فيه، فضحك الشيخ وقال له: 

ـ يا أخ سعيد هل الحسنات حلوى كى توزع بهذه السهولة؟ ضربة واحدة على الكى بورد وأصبحت تمتلك 10 آلاف حسنة؟؟ فعلام إذن التصدق والعمل الصالح وكفالة اليتيم وإطعام الفقير إذا كانت الحسنات تأتى من مجرد إعادة إرسال رسالة وتوزيعها؟ 

خجل سعيد وقال: 

ـ ولكن يا شيخنا هذه الرسائل تحتوى على أحاديث نبوية شريفة! 

ـ حتى لو كانت أحاديث صحيحة وموثقة فإن نشرها لن يجلب لك الأجر والثواب بهذا الشكل المبالغ فيه (واسترسل ضاحكا) ولو كان الأمر بهذه السهولة لتركت إمامة المسجد وتفرغت لإرسال الرسائل ليلا ونهارا! 

ـ ولكن يا شيخنا ماذا يستفيد من يكتب هذه الرسائل؟ 

ـ الله أعلم بنواياهم، ربما يريدون ترويج بعض الأحاديث الضعيفة أو ربما يريدون إلهاء المسلمين بهذه الرسائل وإيهامهم بأنها تجلب لهم الأجر والثواب بدلا من التعب والسعى وراء العمل الصالح. 

السطور السابقة كانت نص رسالة أرسلها لى الكاتب الأستاذ «محسن الصفار» وهى تكشف هذا الهوس بالاستسهال «مجرد ضربة على لوحة المفاتيح» تجنى من ورائها آلاف الحسنات فهل هذا كلام يتسق مع المنهج القرآنى الذى يطالبنا بالعمل الجاد «الشاق» الذى يبنى الحضارة؟ 

هناك هوس بالاستسهال يضرب فى عمق الشخصية المصرية الحديثة، لأن الأغلبية تريد الربح الوفير ولكنها لا تسعى وراء العمل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هناك تعليق واحد: