الخميس، 30 يوليو 2009

رجال البئر وسيداته



من القصص العربية القديمة، قصة تحكى عن رجل انتهز اجتماع الحجيج حول بئر زمزم وقام ــ قبح الله وجهه ــ بالتبول فى ماء البئر، كاد الحجيج يفتكون به. 



إلا أن رجال الشرطة تدخلوا فى الوقت المناسب وسيطروا على الموقف واقتادوا الرجل صاحب الفعلة الشنيعة إلى «الحجاج بن يوسف الثقفى» الذى كان أميرا للحج فى ذلك العام. ظن الجميع أن الحجاج سيفتك بالرجل لا محالة، ولكن ما حدث كان عكس ما ظنه الجمع المحتشد حول مقر إقامة الأمير. 

نظر الحجاج إلى الرجل نظرة فاحصة نفذ بها إلى أعماق نفسه، ثم سأله بلهجة لينة لا تتناسب مع ما عرف به الحجاج من قسوة: ما الذى حملك على أن تفعل ما فعلت؟. 

أجابه الرجل ببساطة: صنعت ما صنعت لكى اشتهر فإذا مررت بقوم قالوا: انظروا هذا فلان الذى بال فى بئر زمزم. 

سكت الحجاج لحظة ثم قال للرجل: اذهب يا هذا لقد عفونا عنك. 

الحجاج الطاغية المستبد الجرىء على إراقة الدماء «فهم» نفسية وعقلية هذا المريض بحب الشهرة، فعاقبه أشد عقاب وأقساه على من كان مريضا بهذا المرض، لقد حرمه من تحقيق أمنيته فى أن يصبح مشهورا، الحق أنه لم يحرمه فقط بل نكل به أيضا لدرجة أنه لم يسأله عن اسمه لكى يمر الأمر دون أن يترك أثرا أى أثر، وقد أفلحت سياسة الحجاج حتى إن اسم الرجل مجرد اسمه لم يصلنا إذ تجاهله كل رواة الحادثة. 

تذكرت تلك القصة وأنا أرى رجالا لا هم لهم إلا التبول فى البئر لكى يشتهروا، علما بأن بئرهم أخطر من بئر زمزم على شرفها وعلو منزلتها لأن بئرهم تشمل الأمة بماضيها وحاضرها ومستقبلها، هؤلاء الرجال يحترفون إشعال الحرائق وتنتعش قلوبهم وهم يرون ألسنة النيران تلتهم كل شىء يشاركهم فى تلك الرغبة المجنونة سيدات تتبنى الواحدة منهن كل رأى شاذ. 

واحدة منهن تناولت الرسول (صلى الله عليه وسلم) فى ندوة عامة بما لا يليق، وفى صبيحة اليوم الثانى لندوتها قابلتها مصادفة فرأيتها تكاد تحلق فى السماء على أجنحة الفرح والسرور. 

وعندما سألتها عن سر حالتها التى هى عليها قالت: منذ أمس وحتى الساعة ورنين هاتفى لم ينقطع لقد أصبحت مشهورة حتى إن أكثر من ثلاثين دولة أوروبية دعتنى لأن أقيم بها حرصا على حياتى!!. 

وآه لو بيننا حجاج بصير لمات هؤلاء مجاهيل كما عاشوا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هناك تعليق واحد: