الاثنين، 4 فبراير 2019

عن عشق البالون للهواء



لم تكن سوى سيدة رشيقة القد، بيضاء البشرة، سوداء الشعر.
ـ ثم ماذا؟
ـ لا شيء آخر.
للإنصاف أسجل أن الشيء الوحيد الذى كانت تتمتع به فوق تلك الصفات الجسمانية، كان شوقها العارم لأن تصبح بالون ملونًا يحلق حيث السماوات العلا، بطريقة ما أصبحت البالون الذى تشتهيه (يوجد متخصصون فى ملء البالونات وتلميع الأسماء ودهان اللافتات) وبلمعان اسمها حصلت على الجرعة الأولى من الهواء اللازم لملء بالونها النفسى، جريدة شهيرة التقطتها وجعلت منها الصحفية الحديدية وعهدت إليها بمحاورة الشخصيات الشهيرة، هنا لا بد وأن تنتبه إلى أن كل حواراتها كانت مع شخصيات تتولى أرفع المناصب ثم أخنى عليها الذى أخنى على لبد، ولكن تلك الأحاديث الباردة نجحت فى إضافة المزيد من الهواء للبالون النفسى.
ثم بعد فترة من إجرائها للأحاديث الهادئة المطمئنة التى تجلب المزيد من الشهرة ولا تسبب أى قلق لأحد، تحولت السيدة إلى محاورة لكتّاب ومهتمين بالشأن العام يعيشون الأمتار الأخيرة من أعمارهم، ولقد كان هؤلاء لقمة طرية سقطت بين أسنانها، شائع جدًا أنها حاورت رجلًا كان فى شبابه وقبيل شيخوخته من الذين تقوم الدنيا إن قام وتقعد إن قعد، قال لها الرجل كلامًا كثيرًا لم يملأ بالونها بالهواء بالقدر المطلوب، فتفتق ذهنها عن فكرة شيطانية، لقد غافلت الشيخ العجوز الهرم وسطت على بعض من أوراقه شديدة الخصوصية، وعندما افتضح أمرها قالت بتلقائية تحسد عليها: لقد تدللت عليه وأخذت أوراقه !!!!
ثم جرت بعد تلك الواقعة فى النهر مياه كثيرة وأصبح اسمها يدوى مثل الطبول الأفريقية، وأصبح بالونها ممتلئًا حتى كاد أن ينفجر.
وتصدرت المشهد بوصفها المثقفة صاحبة المواقف البطولية، ثم لأنها لم تتمتع يوما بأى أصالة أيًا كان تعريفك للأصالة، فهى مجرد بالون لا أكثر ولا أقل، فقد تلاعب بها الريح فاصطدم بالونها بجسد صلب فانفجر، وسقط على الأرض جثة هامدة.
لم تتعلم الدرس فسعت لملء بالونها بعد أن لعقت جراحها وغيرت هيئتها بلون شعر جديد وملابس تبدو فيها مثل مراهقة حمقاء.
أطلت على الناس ببالونها الجديد قائلة: «مفاجأة لكل الستات اللى عايزة تعيش حياتها فى هناء ومن غير عكننة، لو كنت مطلقة وهتموتى على الزواج وخائفة تجربى «ليطلع شبه المأفون» أو أرملة، وخائفة «الناس تاكل وشك.. وتقول: ما صانتش الرجل فى تربته».. إليك العرض الخرافى رجل روبوت على كل صنف ولون، «النحنوح» و «الحمش»، «اللى بيسبل»، و«اللى بيغازل»، «واللى بيدخل على طول فى الموضوع... هيدلعك لا هيقولك تخنتى أو يا خميرة العكننة، وكل ما هتطلى فى وشه هيقولك: بحبك يا قمر، بموت فيك يا غزال.. الأسعار مثل أى سلعة تبدأ «غالية» وبعدها «هيرخصوا ويرطرطوا»، الأسعار تبدأ من 5 آلاف دولار حتى 16 ألف دولار، مميزاته بيقوم بكل الوظائف العضوية للرجل، «الوظائف إياها»، «لهلوبة فى شغل البيت، محترف فى المكواه، وأستاذ فى تشطيب الحوض»..
الرجل بعد فترة من الزواج ما فائدته: غير إنه يغير الأنبوية ويشغل السخان.. يا شيخة هينى قرشك ولا تهينى نفسك.. واختارى اللى على مزاجك.. قطع الرجل الطبيعي».
هل رأيتم عواقب البالونات؟.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منشور بجريدة صوت الأمة / السبت 2 فبراير 2019

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق