السبت، 28 مارس 2015

إلي عيد الشهير بأحمد زكي في ذكري رحيله العاشرة ... مصيرها تروق وتحلي





بعضهم يُهدّف بعد ضربة البداية مباشرة ، هل يبدو إسراعهم بالتهديف صراعًا ضد زمنٍ يعلمون أنه لن يكون طويلًا ، هل في الأمر نبوءة ما ؟.

علي رأس هؤلاء النادرين يقف أحمد زكي ، هدّف عندما قدم نفسه للعالم بوصفه أحمد زكي عبد الرحمن ، ليس ثمة واسطة وليس ثمة اعتماد علي اسم فني رنان ، هو أحمد زكي وفقط ، بسمرته وبشعره المجعد الذي غادر به مدينته الريفية الصغيرة .

ولأنه نادر ، فلم يستطيعوا له كسرًا ، كان المرشح الأول بل الأوحد ليقف أمام السندريلا سعاد حسني بطلًا لفيلم الكرنك ، رحب الجميع به بطلًا خاصة وقد شاهدوا علامات تميزه وتفرده ، ثم فجأة وقبل أن تدور الكاميرا ، أكتشفوا ويا للعجب سمار بشرته !!

وقال فظ منهم :" إنه أسود ، وليس لأسود ذى شعر مجعد أن يقف أمام الفاتنة سعاد !!!!!!!!!!!".

تلكم ضربة تقصم ظهور العاديين من البشر ، وهم الأغلبية من بني آدم ، ماذا سيصنع الإنسان بلون بشرته ؟ كيف يقشر الإنسان نفسه وروحه وتضاريس قلبه لكي يرضي به الأفظاظ .

أسئلة كهذى لا يطرحها الفرد الفذ علي نفسه ، إنه سيعض علي شفتيه ويرسل عينيه لتقرأ ما هو آت ، سيقف أمام سعاد ليس مرة واحدة بل مرات ، وفي بعض الأفلام وقفت هي أمامه لتقتبس من وهج تفرده .
كان الزمان زمان ارتباك ، الوطن كله وبأمر مباشر وصريح من حاكمه يخلع عباءة الستينيات المنسوجة من المعاني والأحلام ليدخل عاريًا إلي نفق انفتاح " السداح مداح ".

أيامها كان كل شيء له معني ومذاق ونكهة ورائحة يتراجع ، نبت في ذلك الزمان نجمان ، الشيخ كشك بشرائطه الصوتيه وبشتائمه الشعبية التي كان يطلقها من فوق المنبر تجاه الفن وكل الحياة ، وأحمد عدوية بصوته الأجش وبكلمات أغانيه المفارقة لما هو مألوف ، كان زكي يستطيع أن يكون النجم الثالث ، لو أعتمد علي سمرته وشعره المجعد ، لو قدم نفسه بوصفه الفحل الأسود الذي يقبل الشقروات ، لوصنع كارت بوستال للريفي الذي يعاني من البلهاريسا ثم يتسيد القوم .

زكي كان صاحب بصيرة مضيئة ولذا قدم سمرته وتفرده إلي الذين يتذوقون النكهات النادرة من مخرجين ومنتجين ، صعدوا به وصعد بهم إلي سموات من الفن العالي الذين يناطح الزمان ، وستمر السنوات وتبقي جملته الخالده في " أحلام هند وكاميليا " مصيرها تروق وتحلي ، تبقي الجملة شارة نصر تلوح في الافاق وأن توارت بفعل رياح معاكسة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت بجريدة التحرير بتاريخ 28 مارس 2015

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق