الأربعاء، 1 أكتوبر 1997

متى يقرأ الجالسون في الحانات حتى يكتبوا قصائد جيدة؟





نعتبر ناقدنا سيد خميس أحد الأدباء الذين نحمل كتاباتهم شارة علي صدر صفحاتنا، ولذلك كانت دهشتنا من غضبة سيد خميس من مقال لجمال فهمي كتبه عن أحد الأماكن التي يتمترس بها "حزب إسرائيل" وكان الأجدر بمكانة أستاذنا سيد خميس أن يغضب من سلوك هؤلاء المتفرغين لمساندة العدو الصهيوني نهارًا ونهش أعراض الشرفاء ليلاً. 

والأمر كما نراه أخطر من تهجم رخيص يقوده "حزب إسرائيل" ضد كل من يحاربها ونظرة واحدة علي ما يدور داخل هذه الأماكن المسماة زورًا وبهتانًا بـ "مقاهي المثقفين" تجعلنا نسأل ونستريب ونشكك ونغضب ومن ثم نفضح. 

ولكننا أبداً لن نتورط فى الدخول إلي نفق "التعميم" فنحن نؤمن بأن هناك شرفاء يرتادون هذه الأماكن، ولأنهم شرفاء فإننا ندعوهم إلى الخروج إلى رحابة الضوء التماساً للمسك بدلاً من مجاورة "الحدادين". 

إننا نستطيع تحديد أسمائهم ولكن ليس هذا ما نبغيه لأن ما نسعى إليه هو تتبع خطوات هؤلاء والنظر فيها، هل هي مما ينفع الناس ويمكث في الأرض أم هي مثل كل زبد سيذهب جفاء؟ سنطرح السؤال ونقدم الإجابة ونرحب بأي اختلاف بشرط أن يكون عفيفًا لا مهووسًا بالخوض في أعراض النساء. 

والآن نسأل: لماذا تحولت الأماكن التي يجتمع فيها المثقفون من أماكن صانعة للثقافة إلى أماكن صانعة للنميمة بكافة أشكالها؟ 

‍لقد كان المقهى مكانًا مصريًا يجذب المفكرين ليقولوا للناس بأسلوب بسيط ما يقولونه في كتبهم، فمن فاته قراءة كتاب ما يستطيع معرفة مضمونه من الاستماع إلى مؤلفه وهكذا جعل الرواد من المقهى جامعة شعبية. وما أكثر الذين دربتهم هذه الجلسات على المناقشة ثم علي الكتابة.

 أما الآن وفى حالة التردى التي تسيطر علي معظم جوانب حياتنا، فقد أصبحت أكثر جلسات المثقفين مخصصة لصناعة مؤامرات رخيصة تعرقل وتهدم ولا تقدم عملاً يقود الناس الذين يتشدق مثقفو المقاهي بأنهم يدافعون عنهم بشكل يذكرنا بقصيدة أحمد فؤاد نجم عن المثقف: "مزفلط محلفظ كتير الكلام عديم الممارسة عدو الزحام بكام كلمة قاضية وكان اصطلاح يفبرك حلول المسائل قوام" ولكي "ينقرض" هذا النوع فلابد للمثقفين الحقييين أن يقودوا حملة لتطهير صفوفهم من هؤلاء الدخلاء الذين لا تعرف متى يقرأون ولا متى يكتبون ولا حتى متى ينامون ثم تجدهم منتشرين على صفحات الجرائد والمجلات بوصفهم شعراء وأدباء وهذا هو العجب وإلا فلا. 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت بجريدة الدستور ــ 1 أكتوبر 1997 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق