الثلاثاء، 1 يوليو 1997

الأب المسكين شكري عياد




من الذي يجب عليه أن يترفق بالآخر أنا أم شكري عياد؟من الذي يجب عليه أن "يطبطب" على كتف الآخر ويقول له شد حيلك أنا أم هو؟الدكتور شكري عياد بجلال أعوامه السبعين عكس الآية وعاد يحبو ويتعثر وجعلني أحرص عليه وأترفق به مثلما يفعل أي أب مع ابنه.

شكري عياد يا قراء العربية يقيم منذ عشرة أسابيع مهرجاناً للكتابة الصافية الطفولية يفتش فيها بحب وبدقة داخل دهاليز نفسه لا داخل دهاليز تاريخه وفارق شاسع بين الحالتين، تقرأ كتابة شكري عياد فلا تجد رطانة ولا خفة بل تجد عرق الصانع وهو يجاهد ليصوغ بانطلاقات عبقريته درة فريدة صنعت لتبقى.

منذ بداية شروعه في الكتابة عن نفسه وشكري عياد يدرك أن المشي على صراط الاعتراف مؤلم ولا يستطيعه إلا أصحاب النفوس النبيلة الصافية التي ترغب في تمام التواصل مع الآخرين، وهو كلما تقدم خطوة في الكتابة كلما تجمع على جبينه عرق مصارعته لرغبات التجمل والتزييف والتزوير التي تسيطر على أجواء كتابة الكثيرين عن أنفسهم، أدرك أنني يوماً ما سأنسى معظم ما كتبه شكري عياد عن نفسه ولكني دائمًا سأتذكر حرقته وتوجعه وهو يكتب عن قصة حبه الوحيدة التي عاشها لمدة خمس دقائق عندما كان في الثامنة من عمره مع ابنة الجيران التي كانت في العاشرة والتي منحته لخمس دقائق فرصة الدخول إلى فراديس الحب.. لن أنسى هذا التوجع أبداً كما لن أنسي مشاعر الشفقة التي تدفقت منى لتغمر هذا الأب الجليل المسكين الذي لم يجرب الحب إلا خمس دقائق بينما أنا غرقت فيه لمدة ثلاثين دقيقة كاملة!!__________________________________ 
نشرت بجريدة الدستور ــ 30 يونيه 1997

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق