الأحد، 25 أكتوبر 2015

مطر 72





الأسبوع الماضى وقع فى يدى عدد من مجلة صباح الخير صدر يوم الخميس 30 نوفمبر 1972، أى مضى عليه 39 عاماً. لو شاركتنى متعة تصفح هذا العدد فستتوقف طويلاً أمام جمال الغلاف الذى تحتله لوحة فاتنة للفنان الراحل جمال كامل وبعد الغلاف ستتذوق رشفة من «عصير كتب» علاء الديب الذى يبشر فيه بموهبة الكاتب الشاب «جمال الغيطانى» قد لا تفلت من الوقوع فى أسر حلقة جديدة من رواية «زينب والعرش» لفتحى غانم، إن نجوت من الرواية فستقع فى براثن لوحات هبة عنايت التى يكرر فيها رسم أنثى تطل «الحسية» من عينيها.

طبعا ستفرح مثلى لأن كل هذا الجمال مقابل 50 مليماً «خمسة قروش».
ولكن لأن الحلو لا يكتمل فستقرأ صفحة الرياضة، وفيها ستجد تلك الجملة التى تلخص تاريخ كوارثنا حيث يقول المحرر الرياضى: «رغم ان مصر فازت على الصومال 4 / 2 فى تصفيات الدورة الافريقية لكرة القدم إلا أن الفائز الحقيقى كان الجمهور الذى أثبت بطولة فذة، حيث احتشد أكثر من عشرة آلاف متفرج فدائى فى استاد القاهرة، استطاعوا بإمكانياتهم المحدودة الوصول إلى الاستاد رغم الأمطار التى عزلت مناطق القاهرة عن بعضها، تلك الأمطار التى أدت إلى انقطاع التيار الكهربائى عن العاصمة».
من المحرر الرياضى ذهبت إلى التحقيق الرئيسى الذى كتبه «لويس جريس» رئيس التحرير .كان تحقيق لويس تحت عنوان «ملايين الجنيهات فى اليوم المطير» وكان العنوان مرسوما على هيئة «لطخة طين» تغرق الجميع.
لم أكلف نفسى قراءة تفاصيل التحقيق، مكتفيا بأن يوما مطيرا فى بداية السبعينات قد أضاع على الوطن ملايين الجنيهات.
أغلقت المجلة ورحت أقارن بين حالنا فى مطلع السبعينات وحالنا الآن . لقد نعمنا بما كان المخلوع يطلق عليه استقرارا لمدة تزيد على الثلاثين عاما فماذا أنجزنا؟
هل اقمنا بنية أساسية تصمد لمطر مفاجئ؟ هل تخلصنا من الشوارع الغارقة فى الطين ؟ هل تخلصنا من تلال القمامة التى كانت تحتل العاصمة فى السبعينات ولا تزال تحتلها فى الألفية الجديدة. ألف سؤال والإجابة دائما هى بالنفى التام، كأن إهدار الفرص فن مصرى خالص وثقافة مصرية متجذرة فى تربة مجتمعنا.
البكاء على اللبن المسكوب لن يفيد أحداً فهل ننتهز فرصة الصحوة الثورية التى نعيش فى ظلالها ونرد لشهداء ومصابى ثورة يناير بعض حقهم ولو بتنظيف شوارعنا والاستعداد الجاد والمدروس لمطر قادم؟ أم سنظل نندهش عندما تمطر السماء وتنقطع الكهرباء وتتوقف المواصلات، ثم بعد أن تهدأ دهشتنا نقسم أننا سنستعد ولكن فى العام القادم!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق