- دع عنك السماسرة الغارقين في نعيم "الجاز" ولا تشغل أنفك بالبحث عن مصدر رائحة ما تفرزها أقلامهم ولا تقلق عينيك بمتابعة قفزاتهم من "سنط" اليسار إلى "تفاح" اليمين ثم غوصهم في مستنقعات الرمادية حيث كل شيء مثل أي شيء. ولا يحزنك تقلب أمثال السيد "عبده" الذي كان يومًا شاعرًا يحشد الوطن نحو الأنبل والأجمل فأصبح اليوم يؤدي ببراعة أدوار الندابة والمشهلاتي والعالمة في سرادقات عزاء وأفراح عرب الجاز.
- أغمض عينيك لكيلا تؤذي قلبك بمشاهد عري هؤلاء ثم افتحهما على مشهد "جانبي" نظيف لرجل "رئيسي" اسمه مصطفي نبيل لا تظهر صورته في التليفزيون إلا نادرًا ولا يدور على الصحف موزعًا أحاديثه وتصريحاته، وهو عندما تولى رئاسة تحرير أكبر وأعرق وأعظم مجلاتنا الثقافية لم يغتصب لنفسه وأنصاره وأقاربه صفحاتها بل حرص دائمًا على التوارى فلا يظهر اسمه إلا على "ترويسة" المجلة والمقال الذي يكتبه تاركًا الفرصة لأقلام النبلاء الكبار من أمثال صلاح عيسى وبهاء طاهر وصافي ناز كاظم وجلال أمين وعبدالعظيم أنيس ومصطفى سويف وغيرهم.
يفعل هذا في صمت لأنه يدرك جيدًا أن الزبد يذهب جفاء وما ينفع الناس يمكث في الأرض ويظل مصطفى نبيل متواريًا لأنه يثق في قدرات شعبنا على "الفرز" و"التصنيف" وهو يؤمن أن الوطن سيضمن له مكانًا بين صفوف النبلاء.
- إن أمثال مصطفى نبيل أولى وأجدر بالالتفات إليهم ومتابعة ما يصنعون ويكتبون لأنهم فى كافة أحوالهم يحرصون على نظافة أسمائهم وطهارة أقلامهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت بجريدة الدستور ــ 23 يوليو 1997