الثلاثاء، 1 فبراير 2022

النفخ في رماد المعارك القديمة




قرر الأستاذ المترجم هكتور فهمي أن يكون مشروعه هو ترجمة كلاسيكيات العالمية إلى اللغة المصرية!

وقد بدأ مشروعه بترجمة رواية الأمير الصغير لـلأديب الفرنسي أنطوان دو سانت إكزوبيري، ثم ظهر على الناس بترجمته لرواية ألبير كامو الشهيرة "الغريب".

ظهور تلك الترجمة أحدث ـ كما هي العادة ـ حالة من النفخ في رماد المعارك المنتهية، فبعضهم هلل وكبر لهذا الفتح المبين، فقد جاءنا الذي سيحررنا من عبودية العربية البدوية الرملية، هكذا يشعرون تجاه لغتهم التي يكتبون بها وبها أصبحوا أساتذة يشار إليهم بالبنان!

وآخرون دافعوا عن لغتهم وهم يرونها تتعرض لهجمة شرسة، ليست هي الأولى ولن تكون الأخيرة.

حالة المد والجزر هذه دفعت زميلنا الأستاذ إيهاب مصطفى لمحاورة الأستاذ هكتور لصالح الزميلة الدستور.

في الحوار قال الأستاذ المترجم: "في البداية، أحب أوضح إن أنا بترجم باللغة المصرية الفصحى مش بالعامية. وطبعا أنا عارف إن "المصرية الفصحى" ده مصطلح جديد علينا وعمل شوية لخبطة عند المتابعين، وده طبيعي. وعشان الموضوع يبقى أوضح، لازم نتفق على نقطتين:

النقطة الأولى هي إن اللغة المصرية اللي بنتكلم بيها النهارده في مصر هي لغة كاملة ولها قواعدها النحوية وبلاغتها. وهي لغة منفصلة عن العربي اللي تركيباته اللغوية وقواعده وتصريفاته مختلفة تماما عن المصري. وده هو الأمر الواقع اللى بنعيشه واللي مفيش حد يقدر ينكره. وده بصرف النظر عن أصل لغتنا، لإن ده موضوع تاني فيه تفاصيل كتير وعليه اختلاف كبير".

حنانيك يا أستاذ هكتور، أو بالعامية" يا واش يا واش".

يا سيدنا أنت تتحدث بثقة الذي يقرر بديهيات لا مجال للرد عليها أو حتى مناقشتها.

ما معنى قولك: "أنا بترجم باللغة المصرية الفصحى مش بالعامية؟".

يا سيدنا أنت تترجم وتتكلم وتشرب وتأكل وتحلم بالعامية المصرية، فلا وجود لما تسميه أنت بالمصرية الفصحى، وعاميتك كلها جذورها فصيحة وأنت تقوم بتشويه تلك الجذور لكي تثبت لنفسك أنك قد جئت بالمستحيل.

انظر يا سيدنا إلى قولك: "أنا بترجم باللغة المصرية الفصحى مش بالعامية"

جملتك هذه مكونة من سبع كلمات، الفصيح منها ست كلمات، ولا أعرف أنا هل لأداة النفي العامية "مش " جذر فصيح أو لا.

يا أستاذ هكتور لا أنت ولا غيرك سيستطيع متى كتب بالعربية الفرار من الجذور الفصيحة، أن وضعك للباء قبل الفعل المضارع لن يجعل لك أدنى فضل في اختراع لغة جديدة تسميها الفصحى المصرية.

ثم تقرر التنظير عساك تقنع أحدًا فتقول: إن اللغة التي نتكلم بها الآن في مصر لها قواعدها النحوية والبلاغية وهي منفصلة عن العربي!

يا أستاذ هكتور من هذا الذي أغراك بوطء أرض ليست أرضك؟

أين توجد قواعد النحو تلك؟

هي يا سيدي في رأسك أنت فقط، فالنحو الذي نعرفه هو نحو عربي الأبوين والجدين، وأنت لن تستطيع اختراع نحو جديد للغة متخيلة، الفاعل في الفصحى وهو الفاعل في العامية وكذا المفعول والفعل والصفة، والبلاغة الفصيحة هي البلاغة العامية، فلا قواعد جديدة ولا لغة جديدة.

إن زعمك أن اللغة المصرية لا رابط يربطها بالعربية، لهو زعم مضحك، لأننا لا نسلم لك بوجود لغة مصرية، اللهم إلا إذا كنت تعنى لغة قدماء المصريين، وهذه أنت لا تترجم بها، الدراجة التي نتحدث بها هي لهجة وليست لغة، ومعظم مفردات العامية جاء من الفصحى، فكف رحمك الله عن أوهام لا سند لها من الواقع ولا دليل على صحتها.

ثم قال الأستاذ هكتور:"الفصحى والعامية دول مستويات لغوية مش لغات. يعني كل اللغات فيها المستوى الفصيح وهو المستوى اللغوي اللي بيستخدم في الأوساط الأكاديمية أو الثقافية وهو بيعتبر المستوى الأعلى من اللغة. وفيها المستوى العامي أو لغة الشارع وهو المستوى اللي بيستخدم في الحياة اليومية العادية أو بين الناس اللي مستواهم الثقافي قليل. والمستويات  دي موجودة في اللغة العربية زي ما هي موجودة كمان بوضوح في اللغة المصرية".

ما الجديد الذي جاء به الأستاذ هكتور؟

الرجل يملأ الفراغ بمزيد من الفراغ، هل فهم أحد شيئًا من قوله " الفصحى والعامية دول مستويات لغوية مش لغات؟".

نعم العامية ليست لغة، هي لهجة، ولكن متى كانت الفصحى مجرد طبقة من لغة؟

أين هي اللغة التي تفرعت عنها الفصحى؟

أين هي اللغة التي تعد أمًا للفصحى؟

أسئلة يجب على الأستاذ هكتور الإجابة عنها، هذا إن كان جادًا في البحث عن لغة يترجم إليها!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق