الاثنين، 20 نوفمبر 2017

إذا كان الحجاب ليس فرضًا فالعري ليس سُنّة





والحال كما ترى وتعيش، أدلت الإعلامية الأستاذة فريدة الشوباشي بتصريحات لقناة فضائية، تجاهلت فيها ما يُوجب الظرف الكلام عنه وراحت تبحث في فرضية الحجاب !!

يمكن بكل أمانة اختصار كلام الأستاذة  فريدة إلى:
1ـ  جمال عبد الناصر أرسى المبادئ التي قامت عليها ثورة 25 يناير.
2ـ في الستينيات كنا نرتدي التنانير القصيرة ولم نسمع مطلقا عن التحرش.
3ـ  قلت للطنطاوي الإمام الأكبر الأسبق: إن  الحجاب ليس فرضًا يا مولانا .
4ـ قالت لي : إحدى المنقبات بأن من حقها لبس النقاب، فقلت لها إن كان من حقك التخفي فأين حقي في معرفة من يجلس إلى جانبي؟
5ـ البخاري ده إيراني فارسي لا يعرف العربية.

وفي سياق النقاش، وليس الرد على الأستاذة فريدة أقول: بخصوص ريادة عبد الناصر لثورة 25 يناير فهذا رأي السيدة حتى وإن لم تدلل عليه بما يثبته، إنه مجرد وجهة نظر يأخذ بها مَنْ يأخذ ويدعها لغيرها مَنْ يدعها، أما عن الحجاب فالجدل بشأنه لم يبدأ اليوم ولن ينتهي غدًا، لأنه أضحى شأنًا من شئون الحياة يجمع عليه البعض وينكره آخرون، وكلٌ يعمل على شاكلته، ولكن وتحت أي زعم فإن الحجاب إن لم يكن فرضًا فإن العري ليس سنة، وفي الفقرة الخاصة بالحجاب هناك ما نتوقف عنده، فأولًا الشيخ محمد سيد طنطاوي هو الشيخ السابق وليس الأسبق  للأزهر.
  
 ثانيًا: ما علاقة الملابس بالتحرش وغيره من أمراض اجتماعية وثقافية حطت علينا مؤخرًا ؟
إن النساء المحجبات بل والمنتقبات يجري التحرش بهن، ثم تجد البرازيليات، مثلًا، لا يلبسن  في احتفالاتهن سوى البكيني، ومع هذا لا يتم التحرش بهن، وهذا يعني أن الحجاب والنقاب لم يمنعا التحرش كما أن البكيني لم  يحرض عليه، القصة كما لابد وأن الأستاذة تعلم، هي قصة أمراض اجتماعية ليس لها أدني علاقة بنوعية الملبس.

ثالثًا : ألم يكن من الأمانة أن تذكر لنا الأستاذة فريدة رد الإمام الأكبر عليها؟
يعني هل سمعها ووافقها؟ أم سمعها وعارضها، أم سمعها وتجاهلها؟
كان من الطيب أن تذكر لنا الأستاذة موقف الإمام من كلامها ولكن إرسال الكلام دون تحديد، يعد شيئًا ليس جيدًا، بل يجعلنا نشك في الرواية كلها.

رابعًا: من حق الأستاذة بل ومن حق المجتمع كله أن يعرف مع من يتحدث، ولكن هذا ساعة الضرورة، إذ ما الداعي لأن أطلب من سيدة تعمل في محل بقالة وترتدي النقاب، الكشف عن وجهها ؟
مالي أنا الزائر العابر بوجه التي أتعامل معها تعاملًا تجاريًا لن يستغرق لحظات؟
هل الموضوع كله في فرض رأي بعينه وإجبار المصريات عليه بزعم التقدم؟
 إن التقدم هناك في نقطة أبعد وأعمق وأشد حكمة من مظهر الملابس، طهران المحجبة أكثر تقدمًا من بيروت السافرة، أم في ذلك شك؟

أما داهية الدواهي فهي في قول الأستاذة فريدة: إن البخاري إيراني ولا يعرف العربية.
مَنْ وسوس للسيدة بهذا الافتراء الفاضح؟
وكيف جاز لها أن تتحدث لفضائية عن أمر لا تعرف رأسه من قدميه.
عمومًا صدق ابن حجر عندما قال: "من تكلم  في غير فنه أتي بالعجائب" يعني جاء بالأشياء المنكرة الداعية للدهشة من فرط غرابتها وشذوذها.
يا سيدتي، هل كلامك عن نسب الإمام البخاري من باب العنصرية أم من باب التأصيل التاريخي؟
لن أقذفك بالأولى، فلنناقش الثانية.
 الإسلام،  دين عالمي، أممي، وهذا ما يؤمن به المسلمون، خاصتهم وعامتهم، ولا فرق فيه بين عربي وأعجمي ولا بين أبيض وأسود إلا بالتقوى.

وقد كان البخاري تقيًا بمعني أنه كان يتحدث في فنه فقط، ثم هو ليس إيرانيًا، لأن بخارى المنسوب إليها هي واقعة مذ خُلقت في جمهورية أوزباكستان، فما علاقة إيران بأوزباكستان؟

ثم هو ليس الوحيد الذي نبغ في علم إسلامي أو عربي، فسيد النحو سيبويه ليس عربي النسب، ومع البخاري وبجواره ستجدين الإمام مسلم وهو من نيسابور الإيرانية العريقة، ومنها خرج أبو منصور الثعالبي أديب العربية الأشه ، الذي  قال عنه معاصره الحصري  القيرواني: "فريد دهره ونسيج وحده".

ومع هؤلاء، هناك النسائي وهو من  بلدة نسا وتقع في تركمانستان حاليًا، ثم الترمذي وهو من ترمذ بجمهورية أوزبكستان.

ولو ذهبنا نبحث في نسب العلماء غير العرب لعجزنا لأنهم من الكثرة بمكان.

أما قولك إنه لا يعرف العربية فهذا مضحك جدًا وشنيع غاية الشناعة، ما هي الأخطاء النحوية والصرفية التي أمسكتِ البخاري متلبسًا بها؟

إن أبسط هؤلاء شانًا لهو أعلم بالعربية من كل العرب الذين يثيرون الغبار حول تاريخهم، وحقًا من تكلم في غير فنه أتي بالعجائب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منشور بجريدة المقال 2016
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق