الخميس، 26 سبتمبر 2013

متى نشعر بالعار؟!





أكد تقرير صادر عن جهاز التعبئة العامة والإحصاء أن نسبة الأمية فى مصر (أم الدنيا) قد بلغتْ 30% من مجمل عدد السكان، أى أن نحو 17 مليون مصرى فوق سن الخامسة عشرة لا يعرفون الكتابة ولا القراءة!

ثم توسع التقرير الذى نقلت بياناته بدقة زميلتنا بجريدة «التحرير» حنان الجوهرى، فقال إنه على الرغم من أن نسبة الأمية يتم رصدها بدءًا من سن الخامسة عشرة فإن هناك رقما يشير إلى أن معدل الأمية بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين سن العاشرة والخامسة عشرة قد بلغ 25%.

وعن الصعيد (السعيد) قال التقرير إن المنيا تحتل المرتبة الأولى بين المحافظات الأكثر أمية بنسبة بلغت 36،7 % تليها محافظات بنى سويف والفيوم وسوهاج بنسبة بلغت 35% أما أسيوط وقنا فإن نسبة الأمية بهما هى 31%.

لا تظن أن الأمور وردية بالنسبة للقاهرة (مصر المحروسة) لأن نسبة الأمية بها 17،4%، أما الإسكندرية (عروس البحر الأبيض المتوسط) فنسبة أمية أولادها بلغت 16،5%.

لا داعى لذكر نسب ما بقى من محافظات، لأن شهاب الدين مثل أخيه، والكل فى المصيبة سواء.

ولكن هل هى مصيبة؟ هل نشعر بعارها؟

لقد أصبح خبر استفحال الأمية فى مصر من الأخبار الموسمية كأنه خبر عن اختفاء أنابيب البوتاجاز فى الشتاء وانقطاع الكهرباء فى الصيف، أصبح الخبر مألوفا لا يثير دهشة أحد، بل لا أبالغ إذا قلت إنه لم يعد يستوقف أحدا. من الرئيس إلى الخفير، كلنا نقرأ الكارثة ثم يكتفى صاحب المروءة منا بقلب شفتيه استنكارا وامتعاضا.

نُشر الخبر فما قرأنا حملة صحفية تستنكر وتدين وتعرى وتفضح المسؤولين عن تلك الكارثة، لم نشاهد برنامجا تليفزيونيا يخصص ولو فقرة من فقراته لمناقشة الأمر، لم نسمع برنامجا إذاعيا يضع الفأس فى عنق الجانى، كما لم يصلنا أن مسؤولا واحدا اهتم بالأمر وانشغل به.

من زاوية من الزوايا تبدو قضية الأمية فى مصر من القضايا العبثية التى تدفع لذلك النوع من الضحك الذى ينتهى بالدموع، فكل حكومة منذ محمد على باشا تكفّن الأمية ثم تضعها فى تابوت فاخر، ولا تغفل أبدا عن أن تعطر جثمان الفقيدة لكى لا تفوح رائحته، ثم تقوم بتسليم محتويات التابوت كاملا غير منقوص للحكومة التى تأتى بعدها، وكل جيل مصرى يصنع صنيع حكومته المصرية وكأنه يؤمن فى قرارة نفسه بأنه هو فقط الأحق بالتعليم، أما باقى الشعب فقد خلق للعمل اليدوى الشاق الذى لا يحتاج إلى مهارات المتعلمين، ولكى تكتمل الصورة العبثية رأينا كل حكومة تطلق برامج للقضاء على الأمية، ولكن الحقيقة تكمن دائما خلف ستار التصريحات الرسمية، فما تلك البرامج المزعومة إلا قناع من أقنعة التمويل الخارجى الذى تعيش عليه حكوماتنا، ففى هذا العالم ثمة من يؤمن بحق الناس فى التعليم ولذا يدفع تكاليف محو أمية المصريين، وهذا الذى يسدد الفاتورة لا يعرف أنه ينفق على قضية تحرص كل الحكومات المصرية على أن تخسرها بجدارة، ربما لكى يستمر الجهل الذى يتيح لها حكما مريحا، وربما لكى يستمر التمويل السخى!

وزير يعترف

تفضل المهندس إبراهيم محلب وزير الإسكان وهاتفنى على خلفية ما كتبته الأسبوع الماضى عن تعامل الحكومة مع الفقراء عبر تخصيص شقق لهم تبلغ مساحة الواحدة منها 42 مترا. وافقنى سيادة الوزير فى أن المساحة جد ضئيلة، ولكنه نبهنى إلى أنه لا يتحمل مسؤولية بناء تلك الشقق، فقد تم بناؤها قبل أن تتولى حكومة الدكتور الببلاوى المسؤولية، وأضاف الوزير أنه اختار أن يحل أزمة ستة آلاف أسرة بدلا من أن تظل الشقق مغلقة غير مأهولة، وأكد الوزير أن عهد وزارته لن يشهد بناء شقة تقل مساحتها عن 76 مترا.

أشكر سيادة الوزير على اهتمامه وأدعو له بالنصر على شياطين الإنس، وما أكثرهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت بجريدة التحرير 26 سبتمبر 2013
لينك المقال على موقع التحرير:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق