يجمع أحدهم أموالاً من مصادر قذرة مثل تجارة المخدرات أو الرشاوي أو تجارة السلاح ثم يشتاق إلى "الشرعية" فيؤسس بماله الحرام مشروعاً "نظيفًا" فيختلط ماله القذر بمال المشروعات النظيفة فيصبح الجميع – الرجل وماله – شرعيًا ومشروعًا في نظر المجتمع صاحب الذاكرة المثقوبة أو المتثاقبة.
رجال الاقتصاد يطلقون على مثل هذه العمليات "غسيل أموال" غسيل الأموال هذا انتقل بقدرة قادر من أروقة البورصة وزوايا البنوك إلي قلب الندوات الأدبية ليأخذ اسم "غسيل الأشعار" فأحدهم بعد أن يسطو على إبداعات الآخرين يلجأ إلي أعوانه الذين يسارعون إلى إقامة ندوة يتحدثون فيها عن تجربة صاحبهم الشعرية ومعاناته الإبداعية ودوره التنويري ومسيرته النضالية.. ثم يلتقط صاحبنا خيط الحديث ويصنع "كرة" من الأكاذيب يراوغ بها أصحاب اليقين ويظل يزعم أنه يرهق نفسه في الإطلاع على أمهات الكتب "ليتواصل" مع التراث وأنه وأنه وأنه...!.
ومن مباخر الأعوان ومفاخر صاحبنا يتصاعد دخان يعمي الأبصار عن حقيقة ما يجري على المسرح.. ففي مثل هذه الندوات يتم غسل الأشعار والروايات والقصص والمسرحيات بل يتم غسل الكُتاب أنفسهم.. يدخل الواحد منهم إلي الندوة وحبل سرقاته ملتف على عنقه ثم يغادرها وهو صاحب تجربة وفارس من فرسان الكلمة. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.
نشرت بجريدة الدستور ــ 31 نوفمبر 1997