الأسبوع الماضى تزامن احتفال المصريين بمولد الإمام الحسين بن على رضى الله عنهما مع احتفالهم بعيد تحرير سيناء، الاحتفالان يرسخان ما سبق للشاعر الكبير الراحل محمود درويش وأن سماه «زمن انتحار المعنى» أو ما سماه آخرون «سيطرة حرف التشبيه كأن» فكل شىء يبدو كما لو كان حقيقيا، لكن لو بحثت فى أعماقه فيما هو تحت السطح البراق اللامع فلن تجد للحقيقة أثرا، فمعنى ورمزية حياة الحسين غائبة تماما عن أى احتفال يجرى بشأن أى مناسبة تخص ذكراه، فالشيعة وهم يحتفلون بذكرى استشهاده يجعلون من تلك «الشهادة الجليلة» مناسبة للطم الخدود وضرب الصدور وجلد الظهور، ولا يعرف أحد أى محل لتلك الأفعال فى مناسبة استشهاد رجل دفع حياته وحياة أولاده وأصحابه ثمنا لما يعتقد أنه صحيح، ثم تأتى احتفالات المصريين «السنة» بطقوسها الغريبة العجيبة لتجعل من المناسبة فرصة لترويج جميع أنواع «الممنوعات» على المستويين الأخلاقى والعقائدى، فما معنى كل هذا الصخب والضجيج بل التحرشات والمخالفات التى تتكدس على جنبات الاحتفال بالحسين؟
الحسين الذى انتصر دمه على كل سيوف الطغاة وظلت صيحته الخالدة «هيهات منا الذلة» تزلزل عروشهم لو نظر لاحتفالاتنا به لصاح مستعيرا لسان المتنبى: «يا أمة ضحكت من جهلها الأمم»
الحال ذاته نراه فى احتفالات سيناء التى دفع آلاف المصريين حياتهم ثمنا لعودتها إلى حضن الوطن، فلما عادت كما تؤكد الأغانى «كاملة لينا» تحولت بقدرة قادر إلى مناسبة هى إلى الفلكلور أقرب منها للواقع المعاش، فبعد الأغانى لن تسمع شيئا جادا عن حل مشكلات متراكمة يعانى منها مواطنو سيناء، تلك المشكلات التى لا تجد سوى معالجات أمنية إن أصابت مرة فهى تخيب مرات، أين تنمية سيناء بعد مضى كل تلك السنوات على تحريرها؟ ما حدث أن أرض المعارك والملاحم والدماء الطاهرة قد أصبحت أرضا للفنادق والمنتجعات، ولا غبار على إقامة الفنادق والقرى السياحية ولكن أين المواطن السيناوى من كل هذا؟ المواطن السيناوى واقع فى قبضة مشكلات معقدة يحتاج حلها لعقول تتفهم خصوصية ذلك الإقليم ولسواعد لا تفكر سوى فى البناء. لو حدث ذلك لكانت احتفالاتنا مبصرة بدلا من تلك الاحتفالات الحولاء التى تنظر فى الاتجاه المعاكس.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق