الجمعة، 13 مايو 2011

رسالة مفتوحة إلى سيد المقاومة......أين الوفاء لدم الحسين ؟



قبيل ثورتنا المصرية كنتُ أكره كل المسئولين العرب بداية من المخلوع ونهاية برئيس الحى الذى أقطنه ، الاستثناء الوحيد كان أبو هادى السيد حسن نصرالله ، كنت أنتظر على أحر من الجمر خطاباته المتلفزة لأغترف من نهر صموده ودفاعه عن كرامة أمته وعشقه للشهادة كنتُ أنتظره لأطهر سمعى بصرخته المدوية " هيهات منا الذلة " ثم جاءت ثورتنا الطاهرة فخلصتنى بفضل الله من شوائب الكره والبغضاء ، وبقى لأبى هادى مكانه فى القلب، خاصة وقد سارع إلى تأييد ثورتنا بل قال " أفدى ميدان التحرير بروحى وجسدى ودمى " ، كلماته تلك لم تكن خارج سياق دفاعه عن كرامة أمته وكبرياء شعبه وحرية أهله ، ثم عرفت الثورة طريقها إلى سوريا الحبيبة، فتلجلج الفصيح ابن الفصحاء وتلعثم البليغ ابن البلاغاء وتقهقر الشجاع ابن الشجعان وخفت صوت الخطيب ابن الخطباء . أبو هادى سيد المقاومة ترك تحليق الاستشهاديين وحط على الأرض وحسبها بالورقة والقلم كأنه بقال ، تورط حزبه وإعلام حزبه فى التحالف مع نظام بشار الأسد فأصبحت " الحرية " قابلة للقسمة على اثنين وثلاثة وعشرة ، تجزأ المعنى الكلى الجليل للكرامة وما كان " كرامة وثورة فى مصر والبحرين واليمن وليبيا " أصبح فتنة ومؤامرة فى سوريا !!.

السيد حسبها هكذا .. نظام بشار يدعم المقاومة فى فلسطين ولبنان ولو سقط النظام لانكشف ظهر المقاومة .. إذن علينا البقاء فى تحالفنا مع النظام الداعم حتى لو أرتكب المجاز بحق شعبه . يؤسفنى يا أبا هادى أن أقف منك أنت موقف الناقد الناقض .

أين يا سيدى الوفاء لجدك الحسين الذى لم يخرجه من نعيم بيته سوى دفاعه عن الحرية ، كان الحسين ـ وأنت تعلم ذلك ـ يستطيع الاحتفاظ برأسه مقابل كلمتين لا ثالث لهما :" بايعت يزيدا " لكنه كان يدرك أن المساومة على الحرية خلق لا يليق بذرية الأنبياء وعشاق الشهادة فاندفع رضى الله عنه لكى يواجه بدمه سيوف الطاغية وشاء ربك أن ينتصر الدم على السيف ليبقى الحسين وأصحابه الأجلاء فى قلب كل مخلص شموسا ساطعة ويذهب يزيد وجنده إلى مزبلة التاريخ . ثم هناك "الحر الرياحى " الذى كثيرا ما تغنيتَ بذكره ، هذا المجاهد الذى كان فى أول أمره قائداً فى صف أعداء الحسين ولكن لما حانت لحظة الاختيار أخذته الحمى فسأله أصحابه عن سرها فقال لهم :" لقد عُرضتْ علىّ الجنة والنار والدنيا والأخرة وقد أخترتُ " ثم أمتطى فرسه وذهب ليقاتل بين يدىّ الحسين حتى لقى ربه شهيداً . الأمثلة يا سيد المقاومة أنت أعلم بها منى فلماذا أخترت مثال " المنبت .. الذى لا ظهراً أبقى ولا أرضاً قطع " ؟

سينتصر أهلنا فى سوريا وسيسقط الطاغية ويومها لن تجد داعماً .. يا سيدى إنها إن كانت لك فلن ينفعك سوى الله وسواعد رجال المقاومة وإن كانت عليك فلن يضرك سوى نظام بشار وكل طاغية يذبح شعبه .. عد سيدى عاشقاً للحرية ومدافعاً عن الكرامة ولا تجعل إعلامك حزبك المقاوم مطية للطاغوت الذى أهلك أبيه أهل حماة فى يوم وهو على ذات الدرب سائر .. حزبك وإعلامه يتحدث كأنه التلفزيون المصرى فى زمن المخلوع .. يتحدث عن الفتنة وعن المؤامرة الخارجية وعن عصابات قتل تغتال رجال الجيش والشرطة !! . بربك ألم يكن هذا العبث يقال عن أسود ميدان التحرير ؟ قد تكون مغلول اليد داخل حزبك فأكرم لك ولمسيرتك أن تستقيل وتترك التجار وحسباتهم وتعلن الوفاء لذكرى جدك الحسين وتخرج على الناس معلناً أنك برئ من دماء شهداء سوريا الذين تعلم أنت من الذى يذبحهم .. إن الكلام عن مقاومة سوريا وممانعة سوريا هو هراء نحسبك أشرف من أن تتورط فيه

فالدم كله حرام ولا سلطان سينجيك يوم ينتصب ميزان العدالة الإلهية .. نظام بشار يقتل الناس عشوائيا وأنت ترى وتسمع وتعرف فلا مجال لأى لبس أو سوء ظن ، الطريق المستقيم أوضح من شمس الظهيرة وأنت أحق الناس به هذا لو كان الوفاء لجلال الحسين هو عندك فوق حسابات البقالين .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لينك المقال:http://elgornal.net/news/news.aspx?id=537791

السبت، 16 أبريل 2011

من (التصحيح) إلي (اللوتس): بعد ثورتين .. وزارتان فى السجن





قبل أربعين عاما وقف سيادة رئيس الجمهورية «الأسبق» محمد أنور السادات في بهو القصر الرئاسي وشهق كما يشهق الناس، ثم زفر كما يزفر الفراعنة، وما بين شهيقه وزفيره تبدلت أحوال وذهبت مصر إلي متاهة لم تغادرها حتي الساعة، ما بين شهقة السادات وزفيره فتحت أبواب السجون لتستقبل «الأبراش» أجساد رجال كانوا قبل ساعات يملأون الدنيا ويشغلون الناس
شهيق السادات وزفيره عرف إعلاميا باسم «ثورة التصحيح»، «لم يبق منها سوي كوبري 15 مايو»، ثورة سيقرؤها البعض بوصفها «تصفية حسابات» أو «انقلاب قصر» أو «مؤامرة دستورية» أو «غباء سياسي» ارتكبه السجناء طبعا!
أسفرت ثورة التصحيح التي لم يبق منها سوي اسم الكوبري الشهير عن اعتقال كل الحكومة.
••
قبل حوالي شهرين من يومنا هذا كان الشعب المصري في مرآة حكامه كتمساح عجوز فقد أنيابه يتسكع تحت الشمس الحارة وعندما يعضه الجوع يهبط كسولا بليدا إلي بركة ماء آسن طينها أكثر من سمكها، هذا التمساح تراكمت عليه النكبات فتبدلت كينونته فإذا به بين شهيق وزفير يصبح أسدا هصورا يهبط بثقة تليق بالملوك إلي ميدان التحرير وهناك لم يشهق الأسد، لقد زأر فتبدلت أحوال وتهدمت جبال وذهبت مصر لتعانق صباحها المشرق وتودع ليلها الكئيب، زئير الأسد المصري عرف إعلاميا باسم ثورة 25 يناير التي ستبقي وفق وعد إلهي يضمن بأن ما ينفع الناس سيمكث في الأرض، ستبقي ثورة 25 يناير لأن عنوانها هو «المجد للشهداء».



هل من جامع بين ثورة لم يبق منها سوي اسم كوبري وثورة سيبقي دم شهدائها دائم الخضرة؟ نعم هناك جامع ورابط.. لقد أسفرت ثورة يناير عن اعتقال كل الحكومة.
••
تأمل أخي القارئ - حمي الله ذاكرتك - ثم قل لمن الملك اليوم؟ إنه دائما لله الواحد القهار، تأمل الأسماء لتدرك المفارقة، في مايو السادات تلقف السجن محمد فايق وزيرا للإعلام، يقابله أنس الفقي تاجر الفضائيات الذي كان يفتخر بأنه تلميذ في مدرسة «ماما سوزان» الذي وجدوا عنده «يا دوب» ألفي جنيه ذهبي بزعم توزيعها علي مشاركي مهرجان القراءة للجميع، وكان هناك سامي شرف سكرتير الرئيس يقابله زكريا عزمي رئيس ديوان الرئيس وعبدالمحسن أبوالنور أمين عام الاتحاد الاشتراكي «الحزب الحاكم أيامها» يقابله صفوت الشريف،ومحمد لبيب شقير رئيس مجلس الأمة يقابله أحمد فتحي سرور، وشقير بشهادة الجميع كان رجل قانون، أما سرور فهو صاحب نظرية «سيد قراره» ورئيس البرلمانات المزورة وصاحب القضايا المنظورة الآن أمام النائب العام وجهاز الكسب غير المشروع، وكان هناك شعراوي جمعة وزير الداخلية يقابله حبيب العادلي وضياء الدين داود «من العيب أن أضعه في مقابلة عائشة عبدالهادي فقد كان وزيرا للشئون الاجتماعية» كان داود بعيدا عن المناصب الوزارية التي تولاها عضوا بارزا باللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكي، إنه منصب مع شيء من التجاوز يقابله عازف الدرامز الشهير بأحمد عز، وكان هناك علي صبري أحد مؤسسي المخابرات العامة ومهندس الوحدة المصرية السورية ورجل الاتحاد الاشتراكي القوي الذي كانت الوزارة تنسب إليه، ومع ذلك فمن العيب أن أجعل مقابله وعديله هذا الرجل الطويل كليل أسود المسمي بأحمد نظيف الذي يحتاج تدقيق ثروات وزراء حكومته إلي تدخل الأمم المتحدة لا البنوك. ومن الإعلاميين كان هناك شيخ مشايخ الكتابة الضاحكة الراحل الكريم «محمود السعدني» «تخيل السعدني وهو يحاكم بوصفه من مراكز القوي» والرجل فعلا كان من مراكز قوي السخرية والكتابة الشفافة الراقية وكان من مراكز قوي التهام الطواجن ومضغ الأحزان، وأري أنه من العيب وضعه في سلة واحدة من عهدي فضلي أو أسامة الشيخ أو مع الرجل الذي كان يرقق حروف مصر حتي تصبح في فمه مسخا لا تدري أذكر هي أم أنثي، أعني به محمد صفوت الشريف الذي كثيرا ما تغني بلقب عميد الإعلاميين العرب!!
••
عندما يكون هناك اعتقال فلابد من أن يسبقه أو يلحق به تفتيش تقوم به جهات قضائية وأمنية لمنازل المعتقلين ومكاتبهم، أمر السادات رجال عهده الجديد بالانقضاض علي بيوت خصومه وكان علي رأسهم خصمه اللدود مؤسس العسكرية المصرية الحديثة الفريق محمد فوزي رحمه الله «لله الحمد لا يوجد من يقابله الآن في السجن».


ماذا وجد مفتشو بيت الفريق فوزي الذي أعاد تأسيس القوات المسلحة بعد كارثة يونيو؟ جري تفتيش منزل الفريق فوزي الواقع في حي مصر الجديدة في صباح يوم 24 مايو 1971 بمعرفة الدكتور سعيد عبدالماجد رئيس النيابة الذي عثر بعد تفتيش دقيق علي خطاب من البنك الأهلي فرع مصر الجديدة بقيمة 139 جنيها و724 مليما، وحساب في البنك الأهلي فرع محمد فريد بقيمة 74 جنيها و500 مليم، وعثر في درج المكتب علي 11 جنيها و300 مليم، وعثر علي شهادتي استثمار فئة كل منهما 500 جنيه باسم ابنته سلوي، وشهادة استثمار فئة 500 جنيه باسم ابنه أشرف، وشهادتي استثمار فئة 500 جنيه باسم ابنته ماجدة.. وبتاريخ 31 مايو فتح محضر آخر لمصادرة النقد الأجنبي الذي ضبط في بيت محمد فوزي وكان سبع ورقات من فئة العشرين دولارا، سلمت لإضافتها إلي حساب النيابة العامة علي ذمة القضية، لكن قبل إيداع المبلغ في الحساب جري تحويله إلي جنيهات مصرية في البنك الأهلي المصري بعد تسليمه لمندوب البنك محروس يعقوب إسحاق، أما قيمة التحويل فكانت 59 جنيها و500 مليم بسعر صرف ذلك الوقت وبإيصال استبدال رقم 76205 فقد كان سعر الدولار وقتها 42 قرشا ونصف القرش.
••
تلك كانت كل ثروة رجل العسكرية الأول «هل تريد أن تبكي الآن؟» لك أن تبكي عندما تقارن هذه الثورة الناحلة مثل عود حطب بثروة أصغر سكرتيرة لأصغر رئيس حي في مصر . تري هل انتهت المفارقات؟ لا.. والله فقد غادر الفريق الجليل محبسه مرفوع الرأس ورأيته بعيني محمولا علي الأكتاف وهو يدخل قاعة الاستقبال في حزب مصر الفتاة ليلقي محاضرة عن الأمن القومي المصري.
إنه ضمير شعبنا الحي الحر الذي يفرق دائما بين الذين سجنهم الشعب وبين أولئك الذين سجنتهم اختلافاتهم مع الحاكم. ثم ذهب التفتيش إلي بيت وزير الداخلية شعراوي جمعة «العجيب يا مواطن أنهم لم يجدوا برانس حريمي» عندما هاجمت النيابة بيت شعراوي جمعة لم يجدوا في حوزته سوي شهادات استثمار قيمتها 5000 جنيه لتعليم ابنته سلوي التي أكملت دراستها في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية حتي حصلت علي الدكتوراه وأصبحت أستاذة علوم سياسية، وقد حاولت جهات معنية مصادرة الشهادة لكن مساعد المدعي الاشتراكي الدكتور إبراهيم صالح رفض وأمر علي مسئوليته الشخصية بإعادة الشهادات لصاحبتها.
مرحبا بك أخي القارئ في جنة بؤس شعراوي جمعة الذي حكم وقد يكون قد ظلم ولكنه لم يحصل علي فيللا العادلي ولا قصوره ولا مزارعه ولم يغسل مثله مالا حراما قذراً ولم يطلق مثله الرصاص الحي علي صدور أنبل وأطهر وأجمل من أنجبتهم مصر. غادر شعراوي محبسه واعتكف في بيته ليكتب مذكراته ثم مات مرفوع الرأس ولم يجرؤ أحد علي أن يقول له «يا حرامي يا بتاع البُرْنُس الشفتشي».
الآن جاء دور الرجل الخطير سامي شرف . تقول الوثائق : انتقل طاقم من النيابة برئاسة أحمد نشأت المصري لتفتيش بيت سامي شرف .. ووجد مسدسا ماركة أنفيلد وبعض أشرطة التسجيل لأفلام سينمائية وأغاني لأم كلثوم، ومظروفا به كشف حساب من البنك الأهلي يثبت أن الرصيد هو 334 جنيها و858 مليما، إضافة لإشعار يؤكد أن شرف اقترض مبلغ 360 جنيها و300 مليم تضاعف بسبب الفوائد إلي 723 جنيها و55 مليما ! كما عثر التفتيش علي أوراق تفيد بأن شرف استبدل مبلغ خمسمائة جنيه من معاشه .
فعلا سامي شرف مجنون بينما سيد العقلاء هو الدكتور زكريا عزمي الذي يمتلك مجموعة قصور وفيلات وسيارات وأموالا سائلة وكل هذا كان من ادخاره لمصروفه الشخصي، ثم يا مثبت العقل والدين ثبت بلطفك عقولنا. خرج شرف من المعتقل ليواصل حياته تلميذا في الجامعة الأمريكية ليحصل علي الماجستير في إدارة الأعمال ثم يصبح من مؤسسي الحزب الناصري ويصبح عضوا في اللجنة المصرية لتضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية . تري لماذا قبل المصريون وجود سامي شرف بينهم ؟ الإجابة بكلمة واحدة هي «لأنه ليس لصا».
تري هل سيقبل المصريون زكريا عزمي مرة أخري «هذا إن خرج من محبسه» ؟ الإجابة لدي جهاز الكسب غير المشروع، ثم حسبنا الله ونعم الوكيل .
••
ثم جاء - أعزك الله -في أساطير الثورة التي لم يبق منها سوي اسم كوبري أن فرق التفتيش هاجمت منزل ضياء الدين داود فوجدوا به سلاحا نوويا محرما دوليا بالطبع لخطورته علي الصحة العامة، لقد وجدوا في بيت الرجل الخطير عدد 7 قلل قناوي «من تلك التي يغني لها سيد درويش» كان ضياء الخطير يخصصها لمشربه!!
الآن أصدق أن هؤلاء قد ارتكبوا أسوأ حماقات الغباء السياسي، لقد حكموا بدون «ساونا ولا جاكوزي، لا مدلكات روسيات ولا قصور ومزارع وفيللات وشاليهات ولا عقارات في شتي بقاع الأرض ولا لسان وزراء ولا بحيرة التمساح ولا مارينا والساحل الشمالي».
حكموا وسادوا ثم خرجوا «بلوشي» أو علي الحديدة أو يا مولاي كما خلقتني أو أنظف من الصيني بعد غسيله .. إن المجد للهليبة الذين أكلوها والعة وعرفوا من أين تؤكل الكتف فمصمصوا عظامه.
••
هل انتهت المفارقات؟ لا.. وربك . فحسب عنوان لافت للروائي الكبير جمال الغيطاني لنا أن نستخدم «البصائر في تقرير المصائر»
انظروا إلي مصائر الذين سجنهم الحاكم لقد غادروا إلي نور الشارع حيث دفء الناس، ضياء الدين داود أصبح رئيسا للحزب الناصري، محمد فايق أسس دار المستقبل العربي للنشر وهو الآن رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، لبيب شقير مستشار بالبنك الدولي، فريد عبد الكريم الذي كان أمين الاتحاد الاشتراكي بالجيزة عاد محاميا لامعا وتولي الدفاع عن أعضاء تنظيم ثورة مصر التي كانت تستهدف الجواسيس الصهاينة في القاهرة .
أبو النور والفريق فوزي وشعراوي ماتوا كما يليق برجال دولة قد يكونون قد ظلموا لكنهم لم يسرقوا قط ولم تلوث أيديهم بمال الشعب وقوته . الباقون علي قيد الحياة من محابيس السادات مرحب بهم في كل محفل .. أما محابيس الشعب فهم إن خرجوا فلن يجدوا في استقبالهم غير «مرعي حكشة» و«برعي سرايفو» و«سامية ولعة» وباقي عصابات البلطجية التي حكموا بها شعبا وأذلوا بها رقاب أمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الثلاثاء، 22 فبراير 2011

ليته كان علياً أو عمر .. ليتها كانت مريم أو فرح



صباح الأحد السادس من فبراير2011 أدخل ميدان التحرير بصحبة الصديقين هشام أبو المكارم وبلال فضل ، تحينا السماء بقطرات من مطر ناعم ، استقبلُ المطر بوصفه بشرة خير ..
 نشارك فى ترديد هتافنا التقليدى " هو يمشى .. مش هنمشى " سريعا ينتصف النهار فأتفرغ هروبا من الجوع لرصد ابتكارات الثورة المصرية ، أرى رجلا ـ رغم البرد القاتل ـ مرتديا ملابس الإحرام رافعا صوته بالتكبير والتهليل كأنه يطوف حول الكعبة ، تصحو ذكرياتى فتستولى على دماغى مقالات كتبتها قبل أعوام من اندلاع الثورة ، الكاتبة الحالمة العظيمة " هويدا طه " وحلمت فيها بأشكال جديدة من الاحتجاجات ، أوصى أصحابى : " من رأى منكم هويدا فليقبل لى يدها " .
 نصلى الظهر وصلاة الغائب على أرواح الشهداء ويقيم المسيحيون قداس الأحد فى قلب الميدان ، تتصاعد الترانيم إلى السماء وتتساقط الدموع من العيون ، فجأة يعلن مذياع الثورة عن قدوم موكب العروسين " أحمد وعلا " تنطلق الزعاريد ويهتف الشباب :" الشعب يريد إسقاط النظام ".

لو كان قد بقى من صوتى صوت لغنيت لهما أغانى العرس الصعيدى " حط العسل ع السمن يا واد .. البت تضمك ضم يا واد ". العريس بنظارته الطبية الأنيقة يبدو متألقا مقدما على حياة نظيفة ومستقبل أخضر ، العروس ودعت " كسوف " البنات وتألقت بطرحتها البنفسجية متمنية لو احتضن قلبها هذا الكون الثائر. أنسحب من حلقة العرس وأحادث نفسى كعادتى : ماذا لو كانت هذه البنت هى مريم أو فرح ابنتىّ ؟ ماذا لو كان هذا العريس هو على أو عمر أبنىّ ؟ هل كنت سأرقص بالعصا أم سأذهب للتمترس فى مدخل طلعت حرب لكى لا يهاجم البلطجية كوشة العرس ؟ أخرج من خيالاتى وأبتهل مع الشيخ الذى يعقد القرآن " اللهم بارك لهما وبارك عليهما وأرزقهما ذرية طيبة " أزيد عليه داعياً : " طيبة و ثائرة ".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت في جريدةالأخبار: فبراير 2011

السبت، 18 سبتمبر 2010

رحمة بالقراء:أدعو رءوف مسعد لتنظيم وقفة احتجاجية ضد علاء الأسواني



حاورت "أخبار الأدب" الروائي علاء الأسواني قبل ثلاثة أسابيع من الآن وكشف الأسواني في الحوارعن حقيقة خلافه مع المترجم الفرنسي "ريشار جاكمون" فقال إنه قدّم إلي جاكمون روايته القصيرة "أوراق عصام عبد العاطي" التي تدور حول شخص مضطرب نفسياً يهاجم الثقافة العربية وينتهي به الأمر نزيلاً في أحد مستشفيات الطب النفسي. أثني جاكمون علي الرواية وعلي كاتبها وقال إنه سيترجمها فيما لو تم تغيير نهايتها!!

رفض الروائي تغيير نهاية روايته لأن تغيير النهاية سيعني أن البطل "عاقل" وأن ما يقوله هو عين الصواب. من يومها وجاكمون يعادي الأسواني الذي فضحه في قاعة جامعة السربون أمام حشد من الكتاب والأساتذة الفرنسيين. علق الأسواني علي هذه القصة بقوله:"أنا لا أعتبر أن جاكمون ناقد أدبي. لكنه شخص جاء إلي مصر بتكليف سياسي وبناء علي هذه التكليفات كان يقرر مهامه الأدبية".

وفي الحوار ذاته قال الأسواني رداً علي سؤال من الزميل حسن عبد الموجود عن أمراض الثقافة المصرية: "نتيجة لسياسة وزراة الثقافة المصرية نشأ نوع نادر من المثقفين. المثقف الذي يناضل في قضايا الأدب ولا يناضل في قضايا الواقع".. وختم إجابته بقوله:"المثقف الذي يسكت عن حق الناس خائن".
علي خلفية هذا الحوار كتب الكاتب روءف مسعد مقالاً لأخبار الأدب تناول فيه شخص الأسواني بما لا يليق، ويكفي كلامه عن جنون العظمة الذي أصيب به.
قال مسعد:"الأسواني يحرض علي القتل"!!
عدت لقراءة الحوار فلم أجد أياً من مشتقات الفعل "قتل" فمن أين جاء مسعد بالقتل؟.. ثم لم أجد ذكراً لمسعد في الحوار فلماذا هو ثائر؟
الأستاذ مسعد بارع في التأويل وقد بني قضيته هكذا "الأسواني قال إن جاكمون اهتم برواية الصقار لأنّها تطاولت علي القرآن.. والمتطاول علي القرآن قد يُقتل. إذن الأسواني يحرض علي قتل كاتب الصقار ومترجمها!!

بخٍ بخٍ يا أستاذ مسعد. للتأويل رجاله وواضح أنك تريد مزاحمتهم.
ثم قال مسعد أن الأسواني قد قتل في روايته »عمارة يعقوبيان «البطل الشاذ جنسياً هو طلباً لرضي الأرض والسماء". وهنا نقف لنستعرض قصة الأستاذ مسعد مع الشذوذ والشواذ أو مع المثلية والمثليين كما يسميهم. سبق لمسعد أن اتهم مترجم يعقوبيان بالشذوذ ولذا ترجمها لأنها رواية تدافع عن الشذوذ.. ثم عاد واتهم الرواية بمغازلة العقلية العربية التي تقف موقفا حازما من المثليين المساكين ولذا قام مؤلفها بقتل البطل الشاذ. وصرح بأنه سيبلغ الاتحاد الأوربي عن ناشر الرواية التي ( يا عيني ) تحارب الشذوذ.

أي وجه لك نصدقه يا أستاذ مسعد؟ هل الرواية مع الشذوذ أم ضده؟ ثم هل أنت نفسك مع الشذوذ ( أقصد المثلية ) أم ضدها؟ قرأتُ لك عطفا علي المثليين كادت رقته تبكيني. لا نملك مع تقلب أحوالك إلا أن نقول لك حلال عليك عطفك علي المثليين وليس هناك ما يدعو"لجرجرة" الناس إلي محاكم الاتحاد الأوربي لأنهم ضد ولا مؤاخذه اللواط الذي تسميه أنت مثلية.

علي طول وعرض رده لم يناقش الأستاذ مسعد الوقائع التي جاءت في حوار الأسواني لأنه اعتمد سياسة "فرقع لوز" وهي "القفز أو النط" فوق الحقائق والتشبث بما حولها وطرح أسئلة تبدو عويصة وما هي كذلك كقوله: "لم يقل لنا الأسواني ما هي أجندة جاكمون السياسية".
أنا أسألك يا أستاذ مسعد: هل سمعت بصاحب مهمة خاصة مثل رجل الاستخبارات مثلا يفصح عن مهامه. يا أستاذ أنت تعرف أكثر من غيرك حقيقة الدور الذي يلعبه معظم المستشرقين في هذا الجزء المنكوب ببعض أولاده والذي يعرف إعلامياً باسم الوطن العربي فلا داعي للتذاكي ولللف والدوران.
وبعد سؤاله العميق يفاخر مسعد بسنوات نضاله السياسي وبأيام اعتقاله التي لا يعرف عنها الأسواني شيئا!!تفاخر الأستاذ مسعد يذكرني بكلمة قالها المؤرخ الكبير الأستاذ صلاح عيسي:"النضال كالتدخين كلاهما مسئولية صاحبه".
لم يقل لك أحد ناضل ثم ابتزنا بنضالك.. ثم لم يقل لك أحد ناضل ثم عش حياتك في رغد الزبد الهولندي واترك بلدك محاصراً بالاستبداد.
أنت ناضلت دفاعاً عما تعتقد أنه الصحيح السليم فلا داعي للمن والأذي ولا داعي لمشاعر بغيضة تدفعك لأن تشوه بمطواة كلماتك وجه رواية "عمارة يعقوبيان" التي تعد رغم أنفك وأنف فلان وفلان من أجمل روايات أدبنا العربي.. هل من النقد في شيء وصفك للرواية بأنها "ليس بها فن ولا مثقال حبة خردل واحدة"؟

لو كنت منصفاً وتريد وجه الحق لناقشت بهدوء كيف استطاع ناثر عربي هو علاء الأسواني مزاحمة "ألف ليلة وليلة" علي صعيد الترجمة إلي أكثر من عشرين لغة.. وهذا الناثر كما تؤكد كتاباته ومواقفه السياسية خصم قوي للهيمنة الصهيو أمريكية كما أنه من خندق المعارضة للنظام الحاكم.. أي أنه ليس مستنداً إلي دوائر الغرب ولا إلي مطبخ لجنة السياسات.. وهذا يقطع بأن ما وصل إليه حققه بفضل ربه ثم بكفاءة قلمه ولا شيء أكثر.
ثم يا أستاذ مسعد هناك سؤال يفرض نفسه وهو لماذا تكثر من الهجوم علي الأسواني الذي لم يهاجمك مرة ولم يذكرك أبداً بسوء؟
الإجابة التي تعلمها ولا تذكرها ولن تذكرها لا تخرج عن مشاعر "البغض المطلق المجاني للنجاح".
ما رأيك لو نافستك أنا في علم التأويل وقلت إن أساس عدائك للأسواني لن يخرج عن الصورة التالية..

"أنت تعيش في هولندا وتنصب نفسك عمدة للمصريين الذين يزورونها للعمل أوللتنزه.. فجأة لمع اسم علاء الأسواني وذهب إلي هولندا واحتفت به كبري جرائدها .. ولأن الأسواني متمرد لا يخضع لقواعد المثول في حضرة العمدة أي عمدة فقد غاظك عدم مثوله في حضرتكم البهية وعلي ذلك أشعلتها ناراً حتي أنك هددت باستخدام نفوذك لدي الاتحاد الأوربي لمقاضاة ناشر الأسواني".
هذا تأويلي لحالة العداء التي تتلبسك كلما جاء ذكر الأسواني حتي أنك كتبت ضده مرات عديدة في السنوات القليلة الماضية.. إن كان لديك سبب غير الذي ذكرته أنا فتفضل علينا وأفصح عنه وإن لم يكن غير الذي ذكرت فكف عن الهجوم المجاني يرحمنا ويرحمك الله أو حافظ علي ما بقي لك من عافية ونظم وقفة احتجاجية ضد الأسواني لكي تريحنا وتستريح.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لينك المقال:http://www.masress.com/adab/1356

الجمعة، 5 مارس 2010

محمد مين؟







أراد الناقد الرياضي الارتقاء بمستوى كلامه فقال لمحاوره: «والله الأستاذ العقاد كتب فى كتابه الشهير عبقرية محمد» وقبل أن يذكر الناقد الجملة التي يرغب فى الاستشهاد بها من كتاب الأستاذ العقاد سارع المذيع اللامع ليقاطعه وبراءة كل الأطفال فى عينيه بسؤال كله ذكاء: «محمد؟ محمد مين؟». 


أسقط فى يد الناقد لأنه علم أن محاوره اللامع لا يعرف من بين كل المحمدين سوى «محمد أبوتريكة» و«محمد بركات» وأخيرا «محمد ناجى جدو». غمغم الناقد فى ضيق قائلا: «الرسول محمد بن عبدالله». 

هذا المستوى من المعرفة الذى يتمتع به المذيع يفرض نفسه على معظم ما تبثه الفضائيات الرياضية أو الكروية بالأحرى، فهؤلاء الذين يخترعون الخلافات ويسعرون الصراعات ويتطاولون على كل إنسان لا يعجبهم أو لا تربطهم به مصلحة شخصية مباشرة هم فى الحقيقة ليسوا سوى متفرجين متعصبين لما يخدم مصالحهم الشخصية ولذا نراهم مع أول بادرة خلاف يستخدمون أسوأ الأساليب فى التعبير عن وجهة نظرهم، فأصبحنا نسمع أحدهم يصف خصمه بألفاظ من عينة «الجربوع» و«الشاذ» و«الجربان»، فيرد الطرف الآخر مؤكدا أنه «سيمسح بكرامة المذكور الأرض»، ووصل الأمر إلى درجة أننى وملايين المشاهدين رأينا أحدهم على الهواء المباشر يشير بأصابعه إشارات يمكن وصفها بالفعل الفاضح. 

هذا الانفلات «الأخلاقى» لم يصبح قاعدة فحسب بل أصبح الطريق الأسهل والأسرع نحو «الشهرة والمال وجلب الإعلانات ورسائل المشاهدين»، حتى إن أحدهم يكاد يشتم نفسه عندما لا يجد من يشتمه، ومع ذلك تتيح له قناة تتبع التليفزيون الحكومى ظهور مميزا.

كل هذه الأمراض التى فى حقيقتها أخطر من إنفلونزا الخنازير سببها أن هذه القنوات لا تستطيع بث النشاط الرياضى الحقيقى ولذا تسلط علينا هؤلاء الذين يشغلون ساعات البث بتوجيه الشتائم لبعضهم البعض. 

ولا حل نواجه به هؤلاء «الفتوات» سوى مقاطعة برامجهم حتى تبور بضاعتهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجمعة، 26 فبراير 2010

الرئاسة المعقدة






طبعا وبلا فخر أنا أعظم المشتغلين بالعلوم السياسية ليس لأننى حصلت على 79 شهادة دكتوراه ولكن لأن «فىّ شىء لله» يمكننى من معرفة ما لم ولن يعرفه الآخرون. أقول لكم هذا الكلام فى سياق إجابتى عن سؤال يتعلق بأسباب رفضى لترشيح الدكتور محمد البرادعى لمنصب الرئاسة.



بداية أنا ضد البرادعى ليس لسبب شخصى ولكن لأسباب موضوعية عقلانية قائمة على ثلاثة محاور ، لن أتحدث عن المحورين الأول والثانى فهما معروفان، سأحدثكم عن المحور الثالث المتمثل فى الرؤية الفيزيائية لمجمل المسألة الشرق أوسطية، وعلى ذلك أؤكد أن الرئاسة المصرية تحديدا معقدة جدا لأنها تحتوى على معطيات نخبوية وشعبوية فى آن واحد ، دعونى أوضح الأمر للذين يظنون أن البرادعى مثل غاندى الذى عاش عشرين عاما خارج الهند ثم تولى قيادة حركة استقلالها.

أولا: الهند كانت محتلة ونحن لسنا كذلك.

ثانيا : غاندى كان يتحدث الإنجليزية والاحتلال البريطانى كان أيضا يتحدث الإنجليزية مما أدى فى النهاية إلى اتساق بين حركة التاريخ ومعطيات الجغرافيا.

ثم أقول للذين يضربون المثل بالثائر الأفريقى نيلسون مانديلا الذى قضى فى المعتقل أكثر من 28 عاما ثم غادر محبسه إلى كرسى الرئاسة، هنا سأكشف سرا خطيرا، الرئيس مانديلا لم ينفصل عن شعبه لحظة واحدة لأن السيدة زوجته كانت تقوم فى كل زيارة بتهريب من ألف إلى ألفين من أفراد الشعب بداخل «عمود الأكل» وهكذا أتاحت تلك السيدة العظيمة لزوجها الاتصال بأفراد أمته.

أعود وأكرر أننى لست ضد شخص البرادعى لأننى فى الواقع الميدانى الذى تفرضه ظاهرة الاحتباس الحرارى ضد النظر إلى الرئاسة بوصفها شيئا سهلا يمكن التعاطى معه بسهولة ويسر كما يحدث فى باقى البلدان، لا. يا جماعة الخير نحن لدينا خصوصية تستدعى رؤية تأويلية ترتكز على حراب المعرفة بالذات والآخر المنتمى إلى جماعة التهميش القصوى. بقى أمر لابد من الإشارة إليه وهو أن البرادعى لا يقدر مكانة النادى الأهلى الوطنية فلو كان يقدرها ما خسر الفريق العظيم سبع نقاط فى ثلاث مباريات.

صدقونى الرئاسة ليست سهلة ولن تكون والأيام بيننا.

(صورة طبق الأصل من حديث أستاذ جامعى متخصص فى العلوم السياسية)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجمعة، 12 فبراير 2010

علاج (غالى) جدا






نسأل الله أن ينعم بالصحة والعافية على كل إنسان خاصة إذا كان مسئولا، وفقا لكلمة قالها الإمام الحسن البصرى: «لو كان لى دعوة مستجابة لادخرتها للسلطان إذ بصلاحه يصلح الله خلقا كثيرين». 



ولا نشك فى أن الدكتور يوسف بطرس غالى وزير المالية هو أحد سلاطيننا. معالى الوزير صدرت لصالحه عشرة قرارات علاج بتوقيع الدكتور نظيف رئيس الوزراء، وقد كشف استجواب قدمه النائب عن الحزب الدستورى محمد العمدة عن أن تكاليف علاج الدكتور غالى بالخارج «غالية جدا» لأنه كلف ميزانية البلد حوالى 915 ألف جنيه، طبعا من حق غالى التمتع بحقوق المواطنة جميعها وعلى رأسها العلاج فى الخارج شأنه شأن أى فقير معدم يصاب بنوبة برد فتهرع الحكومة إلى تسفيره لكى يتلقى العلاج فى أرقى مستشفيات أمريكا وأوروبا والدول المتقدمة. 

المشكلة فى حالة الدكتور غالى أن الوزراء مؤمن عليهم لدى إحدى شركات التأمين الرسمية وهى التى تتولى تحمل نفقات علاجهم، هذه واحدة أما الثانية فقد شملت قرارات العلاج مصاريف السفر بالدرجة الأولى بالطائرة ومصاريف بدل السفر للوزير والمرافق له. 

المشكلة الثالثة تتمثل فى أن سيادة الوزير ثرى ابن أثرياء ويستطيع تحمل نفقات علاجه من ماله الخاص أو مال أسرته. 

المشكلة الرابعة هى غياب الإحساس بـ«الحرج السياسى» ففى الوقت الذى تجلد فيه حكومة معالى الوزير ظهور المصريين بأنواع من الضرائب ما أنزل الله بها من سلطان نجد معاليه يبيح لنفسه السفر على نفقة هذا الشعب الذى يسأل الله سداد الجمعيات والأقساط وليس أكثر. 

ثم إن معالى الوزير سبق له أن عطل منحة حاكم الشارقة المخصصة لعلاج أعضاء اتحاد الكتاب وقد دفع الأديب «يوسف أبوريه» وغيره ثمن هذا التعطيل وفارقوا الحياة قبل أن يفرج وزير المالية عن المنحة. 

يا خلق الله: كفى استفزازا لشعب صبر طويلا ويوم ينفد صبره سيندم الجميع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجمعة، 5 فبراير 2010

الراتب ليس مهمًا!




علام الغيوب وحده هو الذى يعرف القصة الكاملة لوزير الإسكان السابق محمد إبراهيم سليمان، منذ أن كان حاكما بأمره فى إحدى أهم الوزارات المصرية وإلى أن تم كشف بعض مخالفاته، ولأننا فى مصر فلن نعرف لماذا سكت أولو الأمر على الرجل على مدى سنوات ثم فجأة اكتشفوا مخالفاته حتى أصبح بين عشية وضحاها هدفا مباحا أمام كل السهام. 


ورغم تسليمنا بأن «المعرفة» فى الحالة المصرية محرمة يظل من حقنا طرح الأسئلة حول الرجل الذى صعد فجأة إلى الهاوية. 

هل السادة الذين منحوا سليمان رئاسة الشركة البترولية لا يعرفون قوانين البلد الذى يحكمونه؟ أم الأمر كان «ترضية» له بوصفه واحدا من رجالنا؟. أين كانت جيوش المستشارين الذين يفتى الواحد منهم فيما هو فوق العرش أو تحت الثرى؟ 

هل كان سليمان يتقاضى كما نشرت الصحف مليونا ومائتى ألف جنيه شهريا أم كان كما أكد وزير البترول فى رسالته التى أرسلها للسيد رئيس مجلس الشعب يتقاضى خمسين ألف جنيه فقط؟. ثم هل الخمسون ألفا هى كل الراتب أم أن هناك حوافز ومكافآت تصعد بالراتب إلى أفاق المليون؟. 

هل ستظل القضية تتقدم خطوة وتتراجع آخرى حتى تفقد إثارتها «الصحفية» وينتهى الأمر بغلق كل الملفات السليمانية ثم تفتح ملفات جديدة لسليمان جديد وهكذا نخرج من «نقرة» لنقع فى «دحديرة» دون تقدم يذكر نحو حل حاسم ونهائى تصبح به المعرفة حقا أصيلا من حقوق الشعب الذى أبدا لم يعرف ولو مرة واحدة لماذا يسكتون عن هذا ويتولون فضح ذاك؟. 

ما الذى يمنع سليمان من مغادرة البلاد؟ فعلها قبله كثيرون يعيشون الآن فى حماية أموال كانت مجهزة لخدمتهم عندما تغرب شمس نفوذهم. 

متى ينتهى كل هذا «العك» والتخبط والكيل بألف مكيال والاكتشاف المفاجئ للمخالفات وكأنها ارتكبت تحت جنح الظلام ولم ترتكب علانية وعلى رءوس الأشهاد وتحت أضواء الكاميرات؟ من سيحاسب سليمان على إنجازه الباهر فى تشييد «المحور» الذى أصبح حسب وصف الدكتور محمد المخزنجى «المعور». 

إن كنتم جادين فافتحوا كل ملفات سليمان ولا تلتفتوا إلى راتبه فهو أهون ما فى القضية كلها مهما تكن قيمته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجمعة، 29 يناير 2010

ابحث عن القاتل




تقول الحكاية الصعيدية القديمة: إن الشيخ (فلان) كان طالبا بمعهد أسيوط الثانوى زميلا للشيخ «أحمد حسن الباقورى» ومتفوقا عليه فى حفظ «ألفية ابن مالك» ثم جرت فى النهر مياه عكرة ألقت بالشيخ حارسا لحظيرة بهائم الباشا. تزوج الشيخ وأنجب ولدا يشبهه فى كل شىء. 


كبر الولد والتحق بالمعهد نفسه الذى غادره الأب قبل سنين. حفظ الولد المتون والشروح، عندما كان على بعد خطوة من الالتحاق بكلية أصول الدين، ذهب يوما إلى عزبة الباشا، رأى والده يصنع من كفيه حاملا لحذاء الباشا الذى كان يهم بامتطاء حصانة. 

التقت نظرات الأب بنظرات الابن. ارتعشت يدا الأب فهوى الباشا ساقطا فى الوحل. قام الباشا ووجه ركلات قاسية لمؤخرة الأب. مثل قذيفة توجه الابن ناحية الباشا وطوق عنقه بيدين من فولاذ. سقط الباشا ميتا. ترك الابن دراسته وفر إلى الجبل. مر عام، مر عامان، مرت أعوام حاملة صيت الولد الذى يصاحب الوحوش ولا يترك مغارته إلا بصحبة نفر من أصحابه يكفى الواحد منه لنشر الرعب فى إقليم بأكمله. 

أخيرا تنبه أصحاب النفوذ إلى مواهب شيخ المطاريد. عقدوا معه اتفاقا بلا شهود: «كن معا وحقق لنا ما نريد نحم ظهرك». كان معهم وحقق لهم ما يريدون فحموا ظهره، حتى إنه لم يعد يحتاج لحراسة، أصبح حارسا لحراسه ساهرا على تخليصهم من أعدائهم ومن منافسيهم على مقاعد السلطة، أية سلطة، بداية من كرسى العمودية ونهاية بكرسى البرلمان. مضى عهد وجاء آخر وبقى شيخ المطاريد راسخا مثل جبل. 

تحيرت عقول فى هذا الشيخ الذى لا يموت أبدا ولا ينفد شره. راجتْ أساطير عنه حتى آمن الناس بأن الشيخ ليس سوى لعنة تطاردهم لأنهم جبنوا عن مواجهته يوم كانوا يستطيعون المواجهة. كم عدد قتلى الشيخ؟ لا يعرف أحد العدد على وجه الحصر، لكن المعلوم من أمره أنه يقتل المسلمين ضحى الجمعة ويقتل المسيحيين ضحى الأحد. أبدا لم يغير الميعادين. 

عندما أصبح للأسطورة أقرب منه للحقيقة أهمل الناس أمره بعد أن ألفوا شره وراحوا يبحثون عن القاتل الحقيقى بعدما تأكدوا أن الشيخ ليس أكثر من بندقية للإيجار مصوبة على رءوس الناس فى الإسكندرية أو نجع حمادى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجمعة، 22 يناير 2010

العيب



جاء فى لسان العرب أن : العَابُ والعَيْبُ والعَيْبَةُ هو «الوصمة» وقد عرفتْ «الوصمة» طريقها إلى أماكن كنا نظنها بعيدة البعد كله عن «التلوث الأخلاقى» الذى يحاصرنا من كل ناحية. عرفنا فى السنوات الماضية سطوة ــ حفظ الله مقامكم ــ الجزمة بعد أن ضُرب بها أحد قضاتنا فى عرض الشارع ولا مغيث، ثم رأيناها تحلق فى سماء مقصورة استاد القاهرة فى مباراة يشهدها أكابر الدولة، هذه «الجزمة» نفسها اقتحمت فى مشهد غير مسبوق قاعات البرلمان، 


وأيامها كان المواطنون يبحثون بين النواب عن صاحب أقوى ضربة حذاء وليس عن صاحب أقوى استجواب، عدم عقاب الذين وصمونا بأحذيتهم جعل، «سب الدين» هذا الجرم الذى لا يقترفه إلا أرباب السوابق يصبح لغة خطاب عادية جدا بين أرجاء البرلمان الذى هو رقيب على السلطات جميعها. 

تبادل بعض النواب الشتائم وتطور الأمر فى حمى الغضب إلى «سب الدين» كنا واهمين عندما ظننا أن الأمر لن يمر وأن النائب الذى اقترف هذه الجريمة سيعاقب عقابا يجعله عبرة لمن يعتبر، مر أسبوع ولم يحدث شىء وكاد الأسبوع الثانى يمر فى صمت لولا أن الأخبار القادمة من البرلمان تحدثت عن «صلح» بين النواب المتهمين بارتكاب كارثة «سب الدين» صلح وليس الحبس ستة أشهر كما ينص قانون العقوبات، صلح وليس رفع حصانة، لم توجه لواحد منهم تلك التهمة التى يشيب لهولها الولدان «ازدراء الأديان». 

لو فعلها سائق ميكروباص فى زحام موقف التحرير لعلقت له المشانق أما أن يفعلها السادة النواب فقليل من الماء يطهرها، بعد ما حدث كيف سنقول لأولادنا أن سب الدين حرام وفعل ينفى عن مقترفه كل «شبهات» الثقافة والتهذيب؟ 
زمان كانوا يقولون لنا إن أفلام الجنس والمخدرات مسئولة مسئولية كاملة عن تدهور أخلاقيات المصريين، الآن اكتشفنا أن بعض النواب يجب أن يسبق ظهورهم فى قاعات المجلس تحذير من عينة «للكبار فقط» أو «مشاهدة جلسات البرلمان ضارة بالصحة». 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ