هل أخطأ محمود دوريش شاعر فلسطين الكبير عندما قال: «يا حقل التجارب للصناعات الخفيفة والثقيلة يا لحم الفلسطيني؟».
هل كان يجب عليه ترك القوس مفتوحًا لأن لحم العرب من محيطهم إلى خليجهم أصبح حقل تجارب ليس للصناعات فحسب بل لظروف الطقس.قبل أيام ضربت مصرنا نوبة صقيع تركتنا جميعًا نرتعش، ولكنها مرت بسلام بفضل الله، ولكن النوبة ذاتها تحولت إلى عاصفة ثلجية ضربت بلدة «عرسال» اللبنانية، تلك البلدة تحتضن بعض مخيمات اللاجئين السوريين الفارين من قتال عبثى مجنون نعرف جميعًا كيف بدأ ولا يعرف أحد كيف سينتهى أو متى سيتوقف؟ وكالات الأنباء قالت ما ملخصه: أحرق لاجئون سوريون فى مخيم عرسال اللبنانية ملابسهم، فى محاولة لمواجهة البرد والثلوج والعواصف الرعدية والأمطار الغزيرة التى أغرقت خيامهم.
ويوجد عشرات الآلاف من اللاجئين فى بلدة عرسال القريبة من التلال الواقعة على الحدود مع سوريا.
وقات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين إن العواصف العاتية والأمطار وتساقط الثلوج أضر بشدة بأكثر من 150 مخيما مؤقتا بما فى ذلك بعض المخيمات التى أُغرقت أو تهدمت بالكامل.
وذكرت منظمة (أنقذوا الأطفال) أن العاصفة المطيرة اجتاحت المئات من المخيمات فى أنحاء لبنان وتقطعت السبل بصبية فى أجواء برد قاسية.
قد يسأل سائل عن موقف المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين من كارثة إنسانية كتلك؟
الحقيقة تقول: إن المفوضية تبذل أقصى ما لديها من جهد ولكنها تعانى منذ سنوات من عجز مادى فادح، فهى تعتمد فى تمويل عملياتها على التبرعات التى تصلها من الدول أو الهيئات الرسمية أو الخاصة، كما تستفيد المفوضية من إعانة سنوية صغيرة عن طريق الميزانية العادية للأمم المتحدة، ثم قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتقليص مساعدتها لكل الهيئات العاملة داخل نطاق الأمم المتحدة، ولم تقم دولة واحدة بتعويض الغياب الأمريكي.
المفوضية تشكو من سنوات وفى العام 2007 كان للمفوضية دور فى إنقاذ المشردين فى جنوب السودان وكان عددهم يصل إلى مئات الآلاف، وأيامها صرخت المفوضية قائلة: كيف سننقذ كل هؤلاء وليس بين أيدينا إلا خمسين مليون دولار فقط؟
من حسنات الرئيس الأمريكى الحالى ترامب أنه رجل صريح فقد صرح مرارًا وتكرارًا بأن بلاده لن تنفق على مواطنى دول تبعد عن بلاده آلاف الكيلومترات، وأكد أن بلاده لن تسهم فى إعمار سوريا أو غيرها من البلدان العربية التى شهدت وتشهد ظروفًا مماثلة كالتى تعيشها سوريا.
ومع صراحة الرجل نرى الدول العربية المنكوبة تناشد أمريكا التدخل لإنقاذ اللاجئين السوريين الذين فروا من نيران الحرب ليقعوا فريسة سهلة بين مخالب العواصف الثلجية.
هل العرب مجتمعين ليس بمقدورهم ماديًا دعم المفوضية؟
لغة الأرقام تؤكد أن بعض العرب يمتلكون تلالًا من الأموال يتم إنفاق معظمها فى ميادين ليست بأهمية إنقاذ أشقاء لهم من الثلوج القاتلة.
لقد تابعت شأن غيرى ما أنفقه بعض فرق كرة القدم العربية فى موسم انتقالات اللاعبين، المعروف بالميركاتو الشتوى، وأفزعتنى الأرقام التى جرى تبديدها فى عمليات شراء تغيب عنها الشفافية، وتلك المبالغ لو جرى جمعها لوجدنا أنفسنا وجهًا لوجه مع أرقام خرافية، كان يمكن توجيه بعضها لإنقاذ الفارين من جحيم الحرب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق