قبل أسبوع من الآن قام وفد من
المجلس القومى لحقوق الإنسان، يضم جورج إسحق، ومحمد عبد القدوس، وصلاح سلام، وراجية
عمران، نبيل شلبى، ومعتز فادى، وأحمد عبد الجيد، وأحمد نصر، بزيارة سجن أبو زعبل.
وبعد الزيارة التى لم تستغرق سوى
نصف ساعة أصدر المجلس تقريرًا جاء فيه أن الوفد قد التقى أربعة سجناء لمناقشتهم حول
بلاغاتهم التى تقدموا بها إلى النائب العام، وأن السجناء قد أكدوا عدة نقاط، منها أن
إدارة السجن لا تطبق لائحة السجون الجديدة فى ما يتعلق بالزيارة ومدتها، والتريض ومدته
وأماكنه، وأن إدارة السجن قامت بوضعهم فى غرف التأديب لفترات تتراوح ما بين أسبوع إلى
أسبوعين، وفى ظروف غير إنسانية تمثلت فى عدم إمكانية قضاء حاجتهم، وقلة ورداءة الطعام
المقدم، وتقديم مياه شرب غير صالحة للشرب، وعدم وجود تهوية.
ثم فحص أعضاء الوفد السجناء الأربعة،
وتبين وجود آثار ضرب على أحدهم، وتبين للوفد خلال استماعه إلى الشهادات، خوف السجناء
الشديد بعد تلقيهم تهديدات غير مباشرة من إدارة السجن إن هم تواصلوا مع وفد المجلس!
انتهى التقرير الذى قبل أن نناقشه
سنعرض لرد الجهة المختصة، وهى وزارة الداخلية التى قال بلسانها اللواء أبو بكر عبد
الكريم، مساعد وزير الداخلية لشؤون حقوق الإنسان، إن زيارة وفد حقوق الإنسان لسجن أبو
زعبل جاءت بناء على طلب من محمد فايق، رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، لتلقى عدة
شكاوى من بعض النزلاء بتعرضهم للتعذيب من قبل بعض الضباط والأفراد بالسجن.
وأضاف أبو بكر أن أحد السجناء
الذين تقدموا بالشكاوى الصحفى أحمد جمال زيادة، قد تم توقيع الكشف الطبى عليه من قبل
طبيب السجن، وأن العمليات والآثار الموجودة على ظهره من المرجح أن تكون آثارًا «لوحمة»
قديمة وليست نتيجة لتعرضه للتعذيب، مضيفًا: الطب الشرعى هو الفيصل فى هذه القضية.
عند هذه «الوحمة» يجب أن نتوقف
ونبدأ فى قراءة الموال من أوله، موال الإهانة المتواصلة كأنها لعنة أبدية، هؤلاء القوم
لم يتعلموا قط ولن يتعلموا أبدًا، يؤمنون أن الأمس واليوم والغد لهم بمفردهم لا شريك
لهم ولا محاسب لهم ولا عقاب سيوقع عليهم، ما معنى أن يتعرض إنسان أى إنسان للتعذيب؟
أليس السجن ولو كان فى أرقى القصور عقابًا موجعًا ومؤلمًا؟
متى ستعرف الداخلية فضيلة التواضع
أو حتى فضيلة «الكذب المنسق»؟
لقد حظى تقرير المجلس القومى لحقوق
الإنسان بأقل قدر من التغطية الإعلامية، ولولا سطور من كاتب هنا وخبر بثه موقع هناك
لمضى التقرير إلى مقبرة الصمت الأبدية!
هل نحن فى قرارة أنفسنا نرحب بتعذيب
السجناء ولا نرى فى هذه الجريمة عملًا قذرًا تنهار به الأمم؟
هل يظن الإعلاميون والمهتمون بالشأن
العام أن صمتهم عن إدانة جريمة التعذيب هو مجاملة مقبولة وعادية للحكومة؟
المجلس القومى قام بما يجب عليه
القيام به، وأحال الواقعة كلها إلى مكتب النائب العام، ولكن ماذا سيفعل سيادة النائب
العام وليس هناك أدنى اهتمام شعبى أو رسمى يضغط فى صالح توقف جريمة التعذيب توقفًا
نهائيًّا بلا رجعة.
سمعت أحدهم يقول: «النبش فى هذا
الموضوع سيصب فى صالح جماعة الإخوان». من الواضح أن أغلبية المصريين، وهى أغلبية معادية
تمامًا لجماعة الإخوان، توافق على هذه الرؤية الوضيعة التى ستهدر أى مكسب لأى عمل وطنى
يستهدف محو وصمة العار من فوق جباهنا جميعًا، نعم يجب أن يخنقنا العار، لأن سجينًا
(أيًّا كانت تهمته) يتم تعذيبه، إن لم يتوقف التعذيب ويعاقب الذين يقترفونه، فنحن نسير
بسرعة الصاروخ إلى هاوية بلا قرار.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت بجريدة التحرير في 8 أبريل 2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق