إذا أردت تصنيف موقف الأستاذ
محمد علي إبرهيم ــ رئيس تحرير الجمهورية من الحرب التي تشنها الصهيونية العالمية
على المسلمين والعرب الذين يمثلهم في المواجهة الميدانية مجاهدو حزب الله الأفذاذ،
سدت عليك الحيرة كل طريق، فالرجل ليس من أولئك الذين يمسخون انتصارات حزب الله
ويجعلون الحق باطلاً، والباطل حقاً، كما أنه ــ والحمد لله ــ ليس من الفريق
المقاوم المناصر لحزب الله.
الرجل أخي الكريم صنع لنفسه شريعة خاصة به شعارها: "إذا جاعت البطون تاهت العقول".
كتب رئيس تحرير الجمهورية في عدد الخميس 27 يوليو 2006 مقاله الأسبوعي الذي يحمل عنوان "حكايات أسبوعية"، وجعله فقرتين، الأولى كان عنوانها: "بدأ الصراع الأمريكي الإسرائيلي الإيراني على المنطقة والفائز الوحيد الإخوان". هل تأملت العنوان؟ إنه يشبه تماماً حال رجل تسأله هل حصلت علي الشهادة الإعدادية فيكون جوابه "جارتي في المسكن اسمها أم أشرف"!! ولأنه محلل سياسي لا يشق له غبار، فقد انتهى إلي النتيجة ذاتها التي لا يمل كتاب الحكومة ولا المارينز العرب من تكرارها وهي: "حزب الله مغامر ويتحمل مسئولية دمار لبنان لصالح إيران، وهذا الدمار كله سيصب في النهاية لصالح الإخوان"!! لماذا يا محلل الديار الصحفية؟ يجيبك المحلل الاستراتيجي: لأن الإخوان هم الذين يسيطرون على المظاهرات، وهذه المظاهرات ستؤدي إلى تآكل شرعية النظام العربي.
وما إن انتهت هذه الفكرة حتى شعرت بالرجل وكأنه قد تنفس الصعداء، وكأن الأمر بالنسبة له هم وأزاحه الله.
بعد تلك الفقرة العجيبة عاد الرجل إلي ملعبه المفضل ومضماره المحبب ومجاله الحيوي الذي يتألق فيه قلمه وتنساب فيه عباراته وتصفو فيه بلاغته، إنه ولا تتعجب فتلك إرادة الله ملعب الأكل ومضمار البلع ومجال الهضم.
كتب الرجل فقرته تحت عنوان "غداء الأوزي والبعرور في مزرعة الملك عبدالله".
كم كان متألقاً، وهو يكتب وصفًا شاملاً لمأدبة الغداء التي أقامها حاكم السعودية لحاكم مصر.
لقد نسى تماماً أنه رئيس تحرير إحدى أكبر الصحف المصرية، ونسى تماماً مهام منصبه وغفل تماماً عن خطورة اللحظة، وتجاهل تماماً إجراء أي حوارات مع كبار المسئولين الذين جمعتهم به خيمة واحدة ولم يكلف نفسه حتى عناء التقاط كلمة من هنا وأخرى من هناك. تكشف أبعاد الموقف الرسمي للسعودية ومصر، من حرب مدمرة على الوطن العربي كله.
الحق أقول إنه لم يغفل ولم يتغافل، هو فقط فرح بعودته إلى ملعبه المفضل، وأنت أخي الكريم تعلم أن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، كما أن الطبع يغلب التطبع.
كتب رئيس تحرير "الجمهورية" أنه من اللحميين، يشعر بالإعياء وعدم التوازن والزغللة إذا لم يتناول اللحم يوميًا، وهو ما إن تنزل في جوفه قطعة لحم أو دجاج خصوصاً ولو كانت مشوية حتى يستعيد وعيه وينطلق إبداع عقله.
إذن جلس الكاتب اللحمي إلى المائدة التي يصفها بقوله: "كان لأوزي أي الخروف الصغير علي رأس كل مائدة من موائد الخيمة المتسعة جداً وفي أركان الخمية كان هناك "البعرور" وهو الجمل الصغير، كان الأوزي مسلوقًا وليس مشويًا، لذا كانت كمية الدهون الملتصقة به كبيرة جدًا وأنا مريض بالسكر والضغط لذا لم أقربه، أما البعرور فكان بعض الزملاء يقتبسون منه، مذيعة النيل للأخبار لفتت انتباهي إلى فطائر محشوة لحمًا وجبنًا، كانت لذيذة وفي النهاية أنقذني عبدالله كمال وألقى لي بسترة النجاة، وقدم لي طبقًا من المشويات كان الطبق كنقطة ماء فى الصحراء لمن يلهث بحثًا عما يطفئ ظمأه، لا أحدثكم عن فرحتي بطبق المشويات، فقد سد جوعي وأنقذني من حالة اللالحم، دعوت لعبدالله كمال وتناولت موزا وبرقوقًا وشعرت بعد امتلاء "التانك" أنني محلق في السماء، لكن الأكل اللذيذ كان يتطلب شايًا أو قهوة لتعمير الطاسة".
عند "التانك" و"الطاسة" دعنا أخي الكريم نتوقف قليلاً، وكن صادقًا: هل قرأت في حياتك كلمتين أرق وأجمل وأعزب من هاتين الكلمتين "التانك" و"الطاسة"؟ ثم بربك ألا تشعر بأن الكلمتين هما توأم كلمة "هبابة"، تلك الكلمة السحرية التي عبر عنها "عبعال" بها عن حبه لـ "سكينة" في مسرحية ريا وسكينة؟
ثم ألا يعد استخدام كلمات من عينة التانك والطاسة فتحاً معوياً مهمًا في مجال التحليل السياسي.
الله الله يا رئيس الجمهورية ما أروع تانكك، وما أصفي طاقسك.
ذكرت في صدر هذه الكلمة أن الأكل والمضغ والبلع والهضم، ولن أكمل، هو ملعب رئيس تحرير "الجمهورية" المفضل، وذلك لأنه عندما عاد من زيارة لألمانيا وكانت برفقة رئيس الجمهورية كتب مقالاً مطولاً عريضاً كان عنوان "المطعم الإيطالي والفندق الألماني والإفطار المغربي"، يعني الزيارة الرئاسية كانت أكلاً ونومًا وليس أكثر.
بدأ الرجل مقال المطعم الذي نشره في 18 مايو الماضي بجريدة "الجمهورية" بالكلام عن المائدة التي تحتوي 40 صنفًا من السلاطة و20 صنفًا من الفاكهة والنبيذ الإيطالي، ثم تحدث عن اللحوم والمكرونة والحلويات، وختم مقاله بالحديث عن الشيكولاتة، هذا هو التحليل السياسي وإلا فلا.
أخي الكريم أسمعك تسأل: هل محمد علي إبراهيم الذي كتب مقالات في غاية الجودة منددًا بقانون حبس الصحفيين هو ذاته الكاتب اللحمي، وإذا كانت الإجابة بنعم فكيف يستقيم الأمر؟.
وأنا أقول لك إن الرجلين هما رجل واحد، والأمر هكذا في غاية الاستقامة لأن المواقف الجيدة المتناثرة المبعثرة لا تستر عري المنظومة ولا تصلح عطب الآلة التي يبدو محمد علي إبراهيم أحد تروسها الفاعلة، فالظل كما تعلم أخي الكريم لن يستقيم مادام العود أعوج، ورحم الله صلاح عبدالصبور الذي قال: "الدودة في أصل الشجرة"، ثم رضي الله عن جدتي وجدتك إذا قالتا: "إيش تعمل الماشطة في الوش العكر" ورحم الله القائل: "لا يصلح العطار ما أفسد الدهر".
ربما لا تنفعك إجابتي فتسأل كيف لكاتب مسلم عربي مصري التغزل في الأكل ومحاسنه وإخوانه في الدين والماضي والحاضر والمستقبل يشوي بنو صهيون أجسادهم بالقنابل والصواريخ؟
قلت لك أولاً لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها والرجل يحب الطبيخ وذلك مجاله الذي يتألق فيه وليس ذنبه أن خبيثًا أقنعه باقتحام مجال التحليل السياسي بينما هو في قرارة نفسه يفضل التخليل السياسي.
تعود لتصرخ كيف لرئيس تحرير جريدة كبرى ترك مباحثات زعيمين كبيرين ليتفرغ لتكديس الطعام في التانك ثم لتعمير الطاسة. وفي هذه أيضاً أنت لست محقًا، فمن ذا الذي قال لك إن هناك ثمة مباحثات واستعراضاً للأزمة وتوقعاً للنتائج.
يا عمنا الموضوع وما فيه لم يكن أكثر من "غدوة دسمة وقعدة طرية" وقديمًا قال حكيم أسبرطة: "إذا كتب الوفد الصحفي عن الأوزي والبعرور فاعلم أن المباحثات جرت بشأن فوائد الفياجرا"..!
الرجل أخي الكريم صنع لنفسه شريعة خاصة به شعارها: "إذا جاعت البطون تاهت العقول".
كتب رئيس تحرير الجمهورية في عدد الخميس 27 يوليو 2006 مقاله الأسبوعي الذي يحمل عنوان "حكايات أسبوعية"، وجعله فقرتين، الأولى كان عنوانها: "بدأ الصراع الأمريكي الإسرائيلي الإيراني على المنطقة والفائز الوحيد الإخوان". هل تأملت العنوان؟ إنه يشبه تماماً حال رجل تسأله هل حصلت علي الشهادة الإعدادية فيكون جوابه "جارتي في المسكن اسمها أم أشرف"!! ولأنه محلل سياسي لا يشق له غبار، فقد انتهى إلي النتيجة ذاتها التي لا يمل كتاب الحكومة ولا المارينز العرب من تكرارها وهي: "حزب الله مغامر ويتحمل مسئولية دمار لبنان لصالح إيران، وهذا الدمار كله سيصب في النهاية لصالح الإخوان"!! لماذا يا محلل الديار الصحفية؟ يجيبك المحلل الاستراتيجي: لأن الإخوان هم الذين يسيطرون على المظاهرات، وهذه المظاهرات ستؤدي إلى تآكل شرعية النظام العربي.
وما إن انتهت هذه الفكرة حتى شعرت بالرجل وكأنه قد تنفس الصعداء، وكأن الأمر بالنسبة له هم وأزاحه الله.
بعد تلك الفقرة العجيبة عاد الرجل إلي ملعبه المفضل ومضماره المحبب ومجاله الحيوي الذي يتألق فيه قلمه وتنساب فيه عباراته وتصفو فيه بلاغته، إنه ولا تتعجب فتلك إرادة الله ملعب الأكل ومضمار البلع ومجال الهضم.
كتب الرجل فقرته تحت عنوان "غداء الأوزي والبعرور في مزرعة الملك عبدالله".
كم كان متألقاً، وهو يكتب وصفًا شاملاً لمأدبة الغداء التي أقامها حاكم السعودية لحاكم مصر.
لقد نسى تماماً أنه رئيس تحرير إحدى أكبر الصحف المصرية، ونسى تماماً مهام منصبه وغفل تماماً عن خطورة اللحظة، وتجاهل تماماً إجراء أي حوارات مع كبار المسئولين الذين جمعتهم به خيمة واحدة ولم يكلف نفسه حتى عناء التقاط كلمة من هنا وأخرى من هناك. تكشف أبعاد الموقف الرسمي للسعودية ومصر، من حرب مدمرة على الوطن العربي كله.
الحق أقول إنه لم يغفل ولم يتغافل، هو فقط فرح بعودته إلى ملعبه المفضل، وأنت أخي الكريم تعلم أن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، كما أن الطبع يغلب التطبع.
كتب رئيس تحرير "الجمهورية" أنه من اللحميين، يشعر بالإعياء وعدم التوازن والزغللة إذا لم يتناول اللحم يوميًا، وهو ما إن تنزل في جوفه قطعة لحم أو دجاج خصوصاً ولو كانت مشوية حتى يستعيد وعيه وينطلق إبداع عقله.
إذن جلس الكاتب اللحمي إلى المائدة التي يصفها بقوله: "كان لأوزي أي الخروف الصغير علي رأس كل مائدة من موائد الخيمة المتسعة جداً وفي أركان الخمية كان هناك "البعرور" وهو الجمل الصغير، كان الأوزي مسلوقًا وليس مشويًا، لذا كانت كمية الدهون الملتصقة به كبيرة جدًا وأنا مريض بالسكر والضغط لذا لم أقربه، أما البعرور فكان بعض الزملاء يقتبسون منه، مذيعة النيل للأخبار لفتت انتباهي إلى فطائر محشوة لحمًا وجبنًا، كانت لذيذة وفي النهاية أنقذني عبدالله كمال وألقى لي بسترة النجاة، وقدم لي طبقًا من المشويات كان الطبق كنقطة ماء فى الصحراء لمن يلهث بحثًا عما يطفئ ظمأه، لا أحدثكم عن فرحتي بطبق المشويات، فقد سد جوعي وأنقذني من حالة اللالحم، دعوت لعبدالله كمال وتناولت موزا وبرقوقًا وشعرت بعد امتلاء "التانك" أنني محلق في السماء، لكن الأكل اللذيذ كان يتطلب شايًا أو قهوة لتعمير الطاسة".
عند "التانك" و"الطاسة" دعنا أخي الكريم نتوقف قليلاً، وكن صادقًا: هل قرأت في حياتك كلمتين أرق وأجمل وأعزب من هاتين الكلمتين "التانك" و"الطاسة"؟ ثم بربك ألا تشعر بأن الكلمتين هما توأم كلمة "هبابة"، تلك الكلمة السحرية التي عبر عنها "عبعال" بها عن حبه لـ "سكينة" في مسرحية ريا وسكينة؟
ثم ألا يعد استخدام كلمات من عينة التانك والطاسة فتحاً معوياً مهمًا في مجال التحليل السياسي.
الله الله يا رئيس الجمهورية ما أروع تانكك، وما أصفي طاقسك.
ذكرت في صدر هذه الكلمة أن الأكل والمضغ والبلع والهضم، ولن أكمل، هو ملعب رئيس تحرير "الجمهورية" المفضل، وذلك لأنه عندما عاد من زيارة لألمانيا وكانت برفقة رئيس الجمهورية كتب مقالاً مطولاً عريضاً كان عنوان "المطعم الإيطالي والفندق الألماني والإفطار المغربي"، يعني الزيارة الرئاسية كانت أكلاً ونومًا وليس أكثر.
بدأ الرجل مقال المطعم الذي نشره في 18 مايو الماضي بجريدة "الجمهورية" بالكلام عن المائدة التي تحتوي 40 صنفًا من السلاطة و20 صنفًا من الفاكهة والنبيذ الإيطالي، ثم تحدث عن اللحوم والمكرونة والحلويات، وختم مقاله بالحديث عن الشيكولاتة، هذا هو التحليل السياسي وإلا فلا.
أخي الكريم أسمعك تسأل: هل محمد علي إبراهيم الذي كتب مقالات في غاية الجودة منددًا بقانون حبس الصحفيين هو ذاته الكاتب اللحمي، وإذا كانت الإجابة بنعم فكيف يستقيم الأمر؟.
وأنا أقول لك إن الرجلين هما رجل واحد، والأمر هكذا في غاية الاستقامة لأن المواقف الجيدة المتناثرة المبعثرة لا تستر عري المنظومة ولا تصلح عطب الآلة التي يبدو محمد علي إبراهيم أحد تروسها الفاعلة، فالظل كما تعلم أخي الكريم لن يستقيم مادام العود أعوج، ورحم الله صلاح عبدالصبور الذي قال: "الدودة في أصل الشجرة"، ثم رضي الله عن جدتي وجدتك إذا قالتا: "إيش تعمل الماشطة في الوش العكر" ورحم الله القائل: "لا يصلح العطار ما أفسد الدهر".
ربما لا تنفعك إجابتي فتسأل كيف لكاتب مسلم عربي مصري التغزل في الأكل ومحاسنه وإخوانه في الدين والماضي والحاضر والمستقبل يشوي بنو صهيون أجسادهم بالقنابل والصواريخ؟
قلت لك أولاً لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها والرجل يحب الطبيخ وذلك مجاله الذي يتألق فيه وليس ذنبه أن خبيثًا أقنعه باقتحام مجال التحليل السياسي بينما هو في قرارة نفسه يفضل التخليل السياسي.
تعود لتصرخ كيف لرئيس تحرير جريدة كبرى ترك مباحثات زعيمين كبيرين ليتفرغ لتكديس الطعام في التانك ثم لتعمير الطاسة. وفي هذه أيضاً أنت لست محقًا، فمن ذا الذي قال لك إن هناك ثمة مباحثات واستعراضاً للأزمة وتوقعاً للنتائج.
يا عمنا الموضوع وما فيه لم يكن أكثر من "غدوة دسمة وقعدة طرية" وقديمًا قال حكيم أسبرطة: "إذا كتب الوفد الصحفي عن الأوزي والبعرور فاعلم أن المباحثات جرت بشأن فوائد الفياجرا"..!
___________________________
نشرت بجريدة العربي ــ 13 أغسطس 2006
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق