كانت حبيباتنا قد هجرننا إلى الأبد وكانت صواريخ المؤمن بوش قد أحرقت عيون أطفال العراق في ملجأ العامرية وكانت وقدات الظهيرة قد سجلت انتصارًا حاسمًا على نسمات العصارى. كنا نتخبط مثل شاربي الخمور المغشوشة، أمعاؤنا تدفع إلى حلوقنا بسائل أصفر لزج شديد المرارة.
أيامها ابتهلنا إلي خالق الكون أن يهبنا إجابة عن السؤال ( ما الذي كان ثم انتهى؟)
سريعًا منحنا الله صوت كوثر مصطفى الصارخ بكل ما في قلوبنا من مواجع
:"ساح يا بداح يا سؤال جراح
ما الذي كان ومعادش وراح
قمري انطفا، انكفي واختفى
نهري ما بلش حتى الريق
وآه يا براح عمّال بيضيق
صبح وزيه الصبح التاني
ليل ملضوم في الليل التاني
وأنا مش رايح أنا مش جاي
أنا مش واقف حتى مكاني.
عشقنا هذا النزيف الشعري وأصبح شفرة نفك بها مواجعنا وظننا أن كوثر ستحلق عاليًا وبعيداً معتمدة على أجنحة موهبتها ولكن خاب ظننا كما تخيب عادة رؤى العشاق. كتبت كوثر كثيرًا ولكن لم يساندها أحد ولم يبشر بها أحد. وعندما جاءت فرصة العمل مع يوسف شاهين فى فيلم المصير كتبت كوثر رائعتها ( لسه الأغاني ممكنة ) التي أشاد بها كل من شاهد الفيلم ولكن دون أي إشارة إلي اسم مؤلفة الأغنية ( هل يرجع ذلك إلي أن كوثر تكتب فقط ؟ )
مؤخرًا علمت أنهم في باريس أسسوا جمعية تحمل اسم لسه الأغاني ممكنة، وأنا واثق أنهم لن يشيروا إلى اسم كوثر مصطفى. هنعمل إيه في قلة الحظ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت بجريدة الدستور 10 سبتمبر 1997
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق