كنت أدخل إلي بيوت جيراننا المسيحيين، وأحدق في الصور التي يزينون بها جدران منازلهم وأتعجب من حال جيراننا الذين هم أصحاب بشرة سمراء مثلي ويتحدثون "الصعيدية الفصحى" مثلي ولهم أولاد في مثل عمري نشترك معاً في النزول عصر كل يوم إلى الترعة ونقذف معًا أشجار "مانجو" العمدة بالطوب ومع كل هذه "المشتركات" إذا بهم يعلقون على جدران منازلهم صورًا لأجانب شعرهم أصفر وعيونهم زرقاء وخدودهم حمراء موردة.
الولد عادل موسى شرح لي حقيقة الأمر قائلاً: هؤلاء ليسوا أجانب، فالصورة التي على اليمين هي صورة المسيح، أما التي تحتها مباشرة فهي للسيدة مريم العذراء، أما الرجل الذي يمسك الحربة فهو مارجرجس، وهذا الرجل الذي يسوق الحمير فهو يوسف النجار، أما ذلك الذي ينظر إلى السماء فهو بولس الرسول، وبرغم كل الشرح الذي قدمه لي عادل فإن تعجبي من حال جيراننا لم ينته، فكل الأسماء التي قال عنها عادل مثل أسمائنا مريم، يوسف، بولس، المسيح، جرجس، ولكن وجوههم جميعًا وجوه أجانب.
ثم مضت السنوات وأنا مؤمن بأن هؤلاء أجانب بأسماء "صعيدية" وعندما بدأت "أتفرج" على رسومات الأجانب ازداد إيماني بـ "أجنبية" هؤلاء، ثم علمت حكاية هذه الصور وأصلها "الغربي" والآن لا أعرف سببًا يجعلنا ننسى أن سيدنا المسيح وأمه وجميع أهله عرب من فلسطين، والذي لا شك فيه أن سيدنا المسيح شأنه شأن أي إنسان قد تعرض لشمس بلاده فمن أين جاءته تلك الشقرة؟
إنني أطالب بـ "مسيح" عربي من فلسطين لا بمسيح من روما أو أثينا، وإن كان الفنانون المسلمون يتحرجون من رسم صور سيدنا المسيح، فما أظن أن الفنانين المسيحيين يتحرجون من استعادة رجل عربي أستولى عليه الأجانب.
ثم مضت السنوات وأنا مؤمن بأن هؤلاء أجانب بأسماء "صعيدية" وعندما بدأت "أتفرج" على رسومات الأجانب ازداد إيماني بـ "أجنبية" هؤلاء، ثم علمت حكاية هذه الصور وأصلها "الغربي" والآن لا أعرف سببًا يجعلنا ننسى أن سيدنا المسيح وأمه وجميع أهله عرب من فلسطين، والذي لا شك فيه أن سيدنا المسيح شأنه شأن أي إنسان قد تعرض لشمس بلاده فمن أين جاءته تلك الشقرة؟
إنني أطالب بـ "مسيح" عربي من فلسطين لا بمسيح من روما أو أثينا، وإن كان الفنانون المسلمون يتحرجون من رسم صور سيدنا المسيح، فما أظن أن الفنانين المسيحيين يتحرجون من استعادة رجل عربي أستولى عليه الأجانب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت بجريدة القاهرة ــ 4 يوليو 2000
الله عليك يا استاذ
ردحذف