/
كان حزينًا رقيقًا ونحيلاً وعبقريًا.. لا يبذل مجهودًا ليقنعنا بصدقه.. يكفيه فقط أن يفتح فمه ويلقي علينا آهاته لتخرج قلوبنا من صدورنا وتكون في شرف استقبالها.. منذ ولد في 21/6/1929 وهو يغني كما لم يغن أحد من قبل.. فهو ليس مطرب الملوك ولا أمير المطربين ولا طاووس الغناء, إنه عبدالحليم حافظ وفقط.. يعتصر موهبته ليؤرخ لكل قصص الحب لم تكن هناك قصة إلا وهو شاهدها من أول "لمسة يد " إلى لحظة الفراق المر.. لم نفتقده أبدًا, ففي أيام الانتصار هو في قلب الساحة تزين أغانيه "كوشة الوطن" وفي أيام الانكسار يحمل صوته الرقيق عبء التبشير بأن "بلدنا بتحب موال النهار" ضابطًا "رادار قلبه" على موجات أشواقنا وأمانينا مترجمًا للغامض من أحاسيسنا ومنتصرًا لنا دائمًا.. لم يكن يعنيه كثيرًا "الغناء المعلب" فسافر صوته صوب الجنوب معتمدًا على كلمات الأبنودي وموسيقى بليغ لتبدأ مرحلة جديدة في فن الغناء العربي يلعب عبدالحليم فيها دور البطولة ناقلاً لنا زغاريد قلوب الأمهات في أفراح أولادهن.. ومواجع الصعيدي الذي دائماً ما يعلن توبته ولكن "ترميه المقادير".
ورغم مرضه المتوحش كانت ثمة بهجة تنطلق من أغانيه لتغسل القلب وتشفيه من جروحه.. ولأنه عبقري فقد اختار موعدًا مبكرًا للرحيل لكي لا يتورط في الغناء لأشياء كان ضدها ورحل مثلما ولد نظيفًا مؤمنًا أن الآهة من القلب مخرجها.. لا من الحنجرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ورغم مرضه المتوحش كانت ثمة بهجة تنطلق من أغانيه لتغسل القلب وتشفيه من جروحه.. ولأنه عبقري فقد اختار موعدًا مبكرًا للرحيل لكي لا يتورط في الغناء لأشياء كان ضدها ورحل مثلما ولد نظيفًا مؤمنًا أن الآهة من القلب مخرجها.. لا من الحنجرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت فى جريدة الأحرار - 27 يونيو 1996
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق