قبل أن تقرأ.. نؤكد لك أننا ضد – وبمنتهى الحسم – جميع أشكال المنع أو المصادرة ونؤكد في الوقت ذاته أننا مع كل ما يمكث في الأرض وينفع الناس.
فهل برنامج سمير صبري ( هذا المساء ) مما يمكث في الأرض وينفع الناس؟!
وهل يجوز لنا أن نطرح سؤالاً حول استمرارية هذا البرنامج في الشهر الكريم؟!
ولأنك مثلي تأكل الفول ( طعام حيوانات أوروبا) وتدوخ من الحاجة الساقعة وتمز بمية الطرشي وتبحث عن شقة أوضة وصالة وجوازة بالتقسيط , لأنك مثلي في أسوان كنت أم في الإسكندرية لم "تهوب" ناحية أي فندق ولو نجمة واحدة أو حتى نصف هلال، لكل هذه الأسباب ولأسباب أخرى غيرها لا يبقى أمامك وأمامي إلا الجلوس إلى التليفزيون اللي جدتي تسميه "المفسديون" تشاهد إعلاناته وتتحسر وتشاهد أفلامه وتشكو من التخلف العقلي وتشاهد برامجه وتفكر في الهجرة إلى الآخرة, ويطاردك سمير صبري ببرنامجه فاحش وفاجر السواد فتصرخ "استر علي ولايانا يا رب".
وليلة رأس السنة ( لن تكون أحسن من التي قبلها ) كان ميعادنا نحن أسري البيوت ( من الفلس) لنشاهد آخر إنجازات سمير صبري التاريخية بعد حملة دعاية بدأ البرنامج وكان أول لقاء يجريه الأستاذ سمير صبري "مالك البرنامج" مع السيدة فيفي عبده التي تفضلت – جزاها الله خيرًا – فقالت ما سأقوم بتسجيله في نقاط محددة لتعميم الفائدة, قالت – بارك الله فيها -:
أولاً: "السوستة ما بتقفلش".
ثانيًا: "الست الحلوة لازم تكون زي المغماطيس لجوزها" – المغماطيس – هذا هو نطقها للكلمة.
ثالثاً: "دحديرة إيه يا بابا دانا فيفي عبده".
رابعًا: "مال شكلك عامل زي الضمير".
ولأن كلمات السيدة فيفي عبده من "الدرر" فيجب أن أشرح لمن لا يعلم النقطة الرابعة "مال شكلك عامل زي الضمير" الجملة "تصريح" لا "تلميح" جنسي صارخ يقوله "الشوارعيون" في لحظات "الفرفشة".
خامسًا: "إيه يا حبيبتي أنت كاتمة علي نفس جوزك كدا ليه".
سادسًا: "هما خلقوا العيون ليه.. علشان تبصبص يا حبيبتي".
سابعًا: "الراجل لازم يدلع نفسه".
ولأن النصائح "النظري" لا تجدي مع "الغلابة" أمثالنا فقد قامت السيدة فيفي عبده بتقديم وصلة من الرقص "اللي قلبك يحبه" وأهو كله بثوابه والليلة ليلة مفترجة".
طبعًا كان من العيب أن يلفت الأستاذ سمير صبري نظر السيدة فيفي إلى أن البرنامج يذاع على التليفزيون وليس في أماكن عملها الرسمية" لأن الأستاذ سمير يعلم – بحكم الزمالة – آداب حديث السيدة فيفي وقاموس لغتها الذي يبدأ "بهوبا" ولا ينتهي "بكخه".
وبعد أن شاهدنا نحن الغلابة رقص السيدة فيفي "ببلاش" قدم لنا الأستاذ سمير امرأة أجنبية أخذت هي الأخرى تستعرض مواهبها الراقصة "يعني قال إحنا ناقصين رقاصات".
ولأن مساء الأستاذ سمير الأسود من الغراب النوحي مثل "الكشري" "كله على بعضه", فقد استضاف الدكتور علي السمان وما أدراك ما علي السمان, إنه مثقف مصري بارز يعيش في باريس منذ سنوات ويشارك بفاعلية في مؤتمر "حوار الأديان" وهو حتماً يعلم الكثير عن المجتمع الفرنسي والأوروبي ولأنه يتمتع بكل هذه القدرات فقد سأله الأستاذ سمير عن "الإر" أو "الإغ" وهل الراجل اللي في باريس بينده على ابنه ويقول له ولد يا "مرسي" تعالى هنا ولا بيقوله ولد يا "مغسي" تعالى هنا.
ولكي لا تكتم الثقافة على أنفاس ضيوف البرنامج وتتحول "قعدة الفرفشة" إلى ندوة ثقافية فقد عاد الأستاذ سمير إلى قواعده سالماً فقدم حوارًا سريعًا مع صحفية كبيرة قالت لنا فيه ذكرياتها عن اليوم الذي نسيت فيه عيد ميلاد جوزها.. ثم "استفرد" الأستاذ سمير برجل محترم يعمل في الهندسة الزراعية "وقام طالق عليه امرأة صاروخية" أخذت تغني للرجل وتداعبه بـ "يالآهات و النظرات والصمت الرهيب ا" وهو الأمر الذي جعل زوجة الرجل المحترم تكاد تفقد أعصابها ولولا لطف المولى عز وجل لشاهدنا "خناقة حريمي آخر جمال".
ولكي "يلم الأستاذ الدور" ولأنه يتقن كل شيء من "الإغ" إلى الرقص فقد قام بغناء مقاطع من أشهر الأغاني لأعظم المطربين. وطبعاً لم يعترض أحد على غنائه ولن يعترض أحد, ومن ناحيتنا "هروح فين من سمير صبري ونحن نعيش أيامًا من "البرد والفلس".
وبعد أن "أوسعنا طربًا" استضاف امرأة غربية "وهات يا رطن معها بالإنجليزي" ويا عيني علينا نحن الذين لم ندخل مدارس اللغات.. وطبعًا جلسنا "نخمن" "يا ترى بيقول لها إيه"؟
وبعد هذا الاستعراض السريع لأهم فقرات البرنامج تعال معي نحصي إنجازاته:
أولاً: نجح البرنامج في أن ينقل لنا أجواء الكباريهات وذلك لأجل أن ننسى "شوية" من همومنا.
ثانيًا: شاهدنا فيفي عبده وهي ترقص "ببلاش" علمًا أن هناك من يمتطي صهوة طائرته الجامبو لكي يشاهد السيدة فيفي وهي تغني لأخيها "الزواوي بيه".
ثالثًا: شاهدنا نحن الغلابة الذين تصلي أمهاتنا العشاء ثم ينمن "حبة استرتش على شوية قمصان نوم "بيسموها فساتين سهرة" "سواريه" وكل ذلك "ببلاش" أيضًا.
رابعًا: عرفنا لماذا "السوستة مبتقفلش".
هذه هي الإنجازات "التاريخية" قدمها لنا الأستاذ سمير صبري صاحب أحدث أنواع "البارفانات" وصاحب الفرقة الاستعراضية التي تضم بنات روسيات "إلهي يخرب بيتك يا جورباتشوف" وصاحب السطوة التي تسمح له أن يدخل الكباريه إلى بيوت أكلي الفول والطعمية المحشورين في أتوبيسات ق. ع الباحثين عن أوضة وصالة الحالمين "بجوازة بالتقسيط".
وماذا في أيدينا سوى أن "نمسح" إن استطعنا ما يرمونه على "عقولنا من بصاق" نحن هنا وهم هناك في عالم آخر وبلد آخر "وعيشة هنية".. إنه القهر بل قل إنها غطرسة القهر.. أن تظل أنت مصلوباً طوال اليوم لكي تعود "لأم العيال" بنصف كيلو "عظم" بينما هم هناك حيث كل ما لا يخطر على بالك المصاب بكل "فقر أحلام الفقراء".
إنها ليست قضية الأستاذ سمير صبرى وفرقته وضيوفه.. إنها قضية من يصرون على أننا "آخر فل" ولا ينقصنا سوى معرفة هل الحب مسئولية القلب أم المخ أم المعدة "باعتبار أن أقصر طريق إلى قلب الرجل معدته".
ولأننا – ولله الحمد – قد سددنا ديوننا أو بالأصح "ديونهم".. ولأننا قد حققنا طفرة في كل شيء من كرة القدم حتى ملابس البحر, فقد طلع علينا الأستاذ سمير ببرنامجه الأسود ليجعلنا نقسم "والله العظيم مفيش فايدة".. سادتنا في ماسبيرو يعلمون أحوالنا أكثر منا.. وعلينا أن نصدق ذلك.
ثم استضاف البرنامج السيدة يسرا "الكلام عن يسرا ليس مجاله الآن أو هنا" كانت ترتدي فستانًا يقال إن فتحة صدره حوالي 1500 ميل بحري "ما علينا فالدنيا حر" غنت يسرا وتمايلت "مفيش مشاكل" وتمنت العثور على رجل يمنحها طفلاً "ده.. حقها" وبعد يسرا جاء إلينا "الجراد" من كل مائدة أناس مرتاحون على وجوههم "نضرة أكل الكافيار" تراهم فيحرق دمك "موال السيول والزلزال ودماء الأسرى ومخطط الشرق أوسطية و".. أين هؤلاء منا؟".
ومن قال إن هؤلاء منا؟
لا نريد أن يتحول التليفزيون إلى "مندبة" ولكننا نرفض أن يتحول إلى "كباريه".
إنهم يقولون تطرف وإرهاب وتشنج ثم لا ينظرون إلى ما يصنعه هذا البرنامج في نفوس "أكل الفول صباحًا وغشى".
ويا سادتنا في ماسبيرو المهيب.. قليلاً من الإحساس بما نحن فيه.. اضحكوا علينا وقولوا لنا نحن نحس بأوجاعكم.. اخدعونا وقولوا لنا إنكم معنا.
أما أن "تطلقوا" علينا إعلاناتكم وأفلامكم ومساء سمير صبري فهذا كثير, بل كثير جدًا.
ما الذي يقدمه هذا البرنامج "الكباريه"؟ هل يقدم ما ينفع الناس ويمكث في الأرض؟ سؤال أجابت عنه حادثة يسرا.
وأخيرًا لا نملك إلا أن نقول "استر عرض ولايانا يا حليم يا ستار".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت فى الأحرار – 22 يناير 1996
كنت اظن اننا نحن المغاربة فقط من يكره هذا المدعو سمير صبري لكن الظاهر إنه ثقيل الظل على كل مشاهدي الكرة الأرضية حتى الذين لا يفهمون العربية
ردحذفرضوان صديقى الجميل
ردحذفالكره في الأصل للفجاجة والقبح، يسعدني تواصلك الدائم صديقي
كل عام وانت بخير