عمود فيش وتشبيه
الاسم:جبرا إبراهيم جبرا
العمر: 74 عاماً
محل الميلاد: بيت لحكم / فلسطين
تاريخ الميلاد: 1920
محل الإقامة: بغداد / العراق
المهنة: مبدع
المؤلفات: 57 مؤلفاً منها تسع روايات وثلاث مجموعات شعرية وعشرة كتب في النقد.
التهمة: الإصرار على أن فلسطين اسمها فلسطين
الملامح انظر الصورة
وحده كان .. مثلما العراق وحده يحمل عبء سبعين عاماً وأكثر من القنابل حريره حملت رياح الموت الباردة قهقات الطيارين الأمريكيين. لقد نجحوا في تحويل الليل إلى حرائق أحدهم استطاع وفي طلعة واحدة أن يدمر مدرسة وكنيسة ومسجداً وحديقة بأزهارها ونخيلها . أما الأمهر فيهم قد صرخ.. أنا الأعظم لقد قصفت صواريخي طراوة الفجر وندى الصباح كما تمكنت من إحراق شجرة على جذعها حفر لقلب يخترقه سهم وبداخله حرفان!!
أخذ جبرا يقطع غرفة مكتبه ، الحرب الكم التي يعيش وقائعها؟ عاصر نكبة 1948 وبعدها ذهب إلى بغداد حاملاً معه طفولته التي لم يفارقها لقد سكنته أجراس الكنائس وترانيم الرهبان وآذان الفجر ينطلق قوياً عفياً من مئذنة الأقصى.
كل شىء ينتهي وتبقى الكلمات في بغداد ، كتب نقد، وروايات وأشعار، أطلق كل سهامه ولأنه ولأنها حقيقية فقد أصابت لم يحاول فناً من فنون الكلمة وفشل فيه.
النجاح يقتفى خطواته والوطن يذهب شيئاً فشيئاً !! الليل لا يتحرك سرمدى أزلى هو "هكذا تكون ليالي الحروب" والعم جبرا على طاولة الكتابة ، تسأل ما جدوى الكتابة في زمن الأمريكان؟، يجيب "الكتابة هي أول الثورة" ، والثورة أن تكون لك رؤية جديدة في كل شىء من إقتصاد النفط وحتى أوزان الخليل يجرب الآن كتابة سيرته الذاتية يجب ان تكتب بعقل وأحاسيس كل مرحلة عاشها، فبعد إبداع اكثر من خمسين كتاباً لم يبق غير البوح بما توارى من أوجاع وأفراح لم يعد بالقلب مكان لأية أحزان جديدة.. سبعون عاماً وستة حروب وثلاثة أولاد على الجبهة وأحباب رحلوا وعروش زائفة تتفنن في دعوة الأمريكان للإقامة وإلى الأبد داخل فراشنا.
الليل كما هو .. وجبرا يردد "كيرياليصون" يارب أرحم .. قل يارب للأمريكان أن يكفوا، لقد قصفوا كل شىء حتى الدموع في المآقي والأشواق في القلوب..
من يقوى اليوم على الحزن ؟ من أعماق الذاكرة تخرج كلمات الإيطالي "بيكود يلاميراندولا" .. قال الله للإنسان:"وحدك أنت لا يقيدك رابط الا اذا اتخذته أنت بالإرادة التي وهبناك إياها في مركز الدنيا وضعتك ليسهل عليك أن تتلفت حولك وترى كل شىء لقد صنعتك مخلوقاً لا أرضياً ولا أى شكل تتخذه لنفسك" وها هو الإنسان العراقي مخلوق الرب يصب عليه الجحيم بيد مخلوق آخر !! ومن يقوى اليوم على الحزن.. أوطاننا تسرق وحبيباتنا يهجرننا.
كتبنا تحرق ونخيلنا يدمر. فعلى ماذا سنحزن؟
في هذه الليلة الباردة من شهر يناير عام 1990 مات جبرا إبراهيم جبرا .. وإن كان إعلان وفاته قد تأخر حتى الأسبوع الماضي..
بعد أن يئس من رؤية بيت لحم ثانية.. لقد تشهى كثيراً أن يأكل سمكاً من بحيرة طبريا.. كم تمنى أن يرى العلم الفلسطيني فوق كل فلسطين.. وعندما جاءت "غزة.. أريحا" كان كل شىء قد انتهى ولم يعد باقياً غير قطعة قماش يلف فيها جسد الشيخ العجوز وحفنتين من تراب وزهور وما تيسر من دموع نذرفها نحن المفجوعين برحيل رجل كان أمة من المبدعين.
أخذ البصمات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت في جريدة الأحرار: الاربعاء 21 ديسمبر 1994العمر: 74 عاماً
محل الميلاد: بيت لحكم / فلسطين
تاريخ الميلاد: 1920
محل الإقامة: بغداد / العراق
المهنة: مبدع
المؤلفات: 57 مؤلفاً منها تسع روايات وثلاث مجموعات شعرية وعشرة كتب في النقد.
التهمة: الإصرار على أن فلسطين اسمها فلسطين
الملامح انظر الصورة
وحده كان .. مثلما العراق وحده يحمل عبء سبعين عاماً وأكثر من القنابل حريره حملت رياح الموت الباردة قهقات الطيارين الأمريكيين. لقد نجحوا في تحويل الليل إلى حرائق أحدهم استطاع وفي طلعة واحدة أن يدمر مدرسة وكنيسة ومسجداً وحديقة بأزهارها ونخيلها . أما الأمهر فيهم قد صرخ.. أنا الأعظم لقد قصفت صواريخي طراوة الفجر وندى الصباح كما تمكنت من إحراق شجرة على جذعها حفر لقلب يخترقه سهم وبداخله حرفان!!
أخذ جبرا يقطع غرفة مكتبه ، الحرب الكم التي يعيش وقائعها؟ عاصر نكبة 1948 وبعدها ذهب إلى بغداد حاملاً معه طفولته التي لم يفارقها لقد سكنته أجراس الكنائس وترانيم الرهبان وآذان الفجر ينطلق قوياً عفياً من مئذنة الأقصى.
كل شىء ينتهي وتبقى الكلمات في بغداد ، كتب نقد، وروايات وأشعار، أطلق كل سهامه ولأنه ولأنها حقيقية فقد أصابت لم يحاول فناً من فنون الكلمة وفشل فيه.
النجاح يقتفى خطواته والوطن يذهب شيئاً فشيئاً !! الليل لا يتحرك سرمدى أزلى هو "هكذا تكون ليالي الحروب" والعم جبرا على طاولة الكتابة ، تسأل ما جدوى الكتابة في زمن الأمريكان؟، يجيب "الكتابة هي أول الثورة" ، والثورة أن تكون لك رؤية جديدة في كل شىء من إقتصاد النفط وحتى أوزان الخليل يجرب الآن كتابة سيرته الذاتية يجب ان تكتب بعقل وأحاسيس كل مرحلة عاشها، فبعد إبداع اكثر من خمسين كتاباً لم يبق غير البوح بما توارى من أوجاع وأفراح لم يعد بالقلب مكان لأية أحزان جديدة.. سبعون عاماً وستة حروب وثلاثة أولاد على الجبهة وأحباب رحلوا وعروش زائفة تتفنن في دعوة الأمريكان للإقامة وإلى الأبد داخل فراشنا.
الليل كما هو .. وجبرا يردد "كيرياليصون" يارب أرحم .. قل يارب للأمريكان أن يكفوا، لقد قصفوا كل شىء حتى الدموع في المآقي والأشواق في القلوب..
من يقوى اليوم على الحزن ؟ من أعماق الذاكرة تخرج كلمات الإيطالي "بيكود يلاميراندولا" .. قال الله للإنسان:"وحدك أنت لا يقيدك رابط الا اذا اتخذته أنت بالإرادة التي وهبناك إياها في مركز الدنيا وضعتك ليسهل عليك أن تتلفت حولك وترى كل شىء لقد صنعتك مخلوقاً لا أرضياً ولا أى شكل تتخذه لنفسك" وها هو الإنسان العراقي مخلوق الرب يصب عليه الجحيم بيد مخلوق آخر !! ومن يقوى اليوم على الحزن.. أوطاننا تسرق وحبيباتنا يهجرننا.
كتبنا تحرق ونخيلنا يدمر. فعلى ماذا سنحزن؟
في هذه الليلة الباردة من شهر يناير عام 1990 مات جبرا إبراهيم جبرا .. وإن كان إعلان وفاته قد تأخر حتى الأسبوع الماضي..
بعد أن يئس من رؤية بيت لحم ثانية.. لقد تشهى كثيراً أن يأكل سمكاً من بحيرة طبريا.. كم تمنى أن يرى العلم الفلسطيني فوق كل فلسطين.. وعندما جاءت "غزة.. أريحا" كان كل شىء قد انتهى ولم يعد باقياً غير قطعة قماش يلف فيها جسد الشيخ العجوز وحفنتين من تراب وزهور وما تيسر من دموع نذرفها نحن المفجوعين برحيل رجل كان أمة من المبدعين.
أخذ البصمات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق