شاء الذى لا رادّ لمشيئته أن يبرع العم محمود السعدنى ــ شفاه الله ــ فى فنون «الضحك» و«الكلام» و «التريقة» على طوب الأرض والمسرح والصحافة والرواية والقصة القصيرة.
ثم شاءت أمزجة النقاد أن يتجاهلوا كل التراث السعدنى فلم يعد أحد يلتفت إلا إلى عطاء السعدنى فى فنى «الكلام» والصحافة، وذهبت إلى زوايا النسيان تحف إبداعية سعدانية قل نظيرها مثل رواية «حتى يعود القمر» والقصة القصيرة الطويلة «جنة رضوان»..
أقول هذا وقلبى خائف على واحد من «السلالة» السعدانية، أعنى بلال فضل الذى يبدو كأنه (موكل بفضاء الكتابة يزرعه) ففى أوقات فراغه يكتب بلال الأفلام والمقالات والقصص ولكنه يعمل مثل السعدنى «متكلما» ومضحكا وضاحكا على طوب الأرض (اللهم اجعل أفئدة من النقاد تهوى إلى قصصه) يكتب بلال وتنشر «دار الشروق» مجموعة «ما فعله العيان بالميت».
أولاد البلد يعرفون جيدا ما فعله العيان بالميت، لكن بلال يقدم معالجة جديدة تليق بزماننا لما فعله «عيانه بميته» عيان بلال اسمه مصطفى له زوجة مريضة بالقلب وأولاد محرومون من أبسط متع الحياة، الميت هو ابن خال العيان، مات وفى قدمه ثروة من المسامير البلاتين وضعها فى قدمه بعد تعرضه لحادث مرورى ، من أين سيأتى العيان بتكاليف علاج زوجته؟
لقد أخذ المسامير من قدم الميت وباعها ــ وهى التى تساوى تسعة عشر ألف جنيه ــ بخمسة آلاف فقط، هنا استدعى وكيل نيابة محب للأضواء الصحافة التى جعلت من العيان نجمًا فى سماء السفاحين!
كتب بلال هذه الكوميديا السوداء بلغة خاصة به، لغة تنحاز إلى الفن وتتجاهل «أرض الخطابة الواسعة» كان بيد بلال « الصراخ» ولكنه فضل الهمس فوصلت رسالته تامة غير منقوصة،رسالة تقول: «مضى زمان ويلٌ للشَّجِىِّ من الخَلِىِّ، وأظلنا زمان ويل فيه للميت من العيان».
وفى قصة «الحاجات دى» يكتب بلال عن الشاب الذى كانت خيالاته عن الزواج فوق الوصف، ثم رزقه الله بعروس مثله، فعاشا أسبوع عرسهما الأول فى هناء من صبر ونال، ثم راحت السكرة وجاءت فكرة تدبير موازنة إيراد البيت بمصروفه،
وهنا ذهبت نشوة العرس حتى إن جميع فنون إغراء العروس لم تفلح فى ضخ الحماس فى عروق العريس، الذى فجأة رمى يمين الطلاق على عروسه، فقد ظنها تسخر منه عندما سمعها تقرأ مقالا بصوت مرتفع يستنهض فيه كاتبه زميلا له على أن يتعافى من مرضه!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق