تبكى الأم فى صمت، تنهش وحوش الوحدة الزوجة الشابة، يفتقد الولد حضور أبيه، تزف الأخت فى صمت لغياب أخيها، يبحث شيخ عجوز عن معين فلا يجد سوى الذكرى.
هل يستحضر ساداتنا الذين بأيديهم الحل والعقد أيا من هذه المعانى وهم يخططون للإفراج عن الصيادين الواقعين فى قبضة قراصنة الصومال؟ (هذا إن كان هناك ثمة تخطيط).
الحق، إن وباء القرصنة قد استشرى وما من مقاومة، فكل بضعة أشهر نسمع عن سفينة مصرية وقعت فى قبضة القراصنة، فى البداية تتضارب المعلومات ثم تظهر بعض الحقائق، ثم يأتى الاعتراف الرسمى بوقوع إحدى سفن الصيد فى فخ القرصنة.
ثم يهدأ كل شىء ويترك المسئولون أسر الصيادين تفترسهم الحيرة، ثم تعود نغمة التصدى للقراصنة تعلو شيئا فشيئا، ثم يأتى الإفراج بعد دفع «الإتاوة» التى يسمونها «الفدية»، فى كل مرة هى هى نفس الخطوات، وهو هو نفس الضجيج دون أن يكلف أحد نفسه عناء وضع حل نهائى لمواجهة وباء القرصنة، إننا لا نعرف أبدا مدى خطأ الصيادين المصريين.
هل هم فعلا يعرضون أنفسهم للخطر ويقومون بالصيد فى مناطق محظورة؟ ثم ما هو دور ملاك السفن؟ هل هم يجنون الأرباح والمغانم من وراء عمل الصيادين ثم يتركونهم ساعة دفع المغارم؟ والأهم من كل ذلك ما هو دور الدولة؟ ليس فى تأمين مواطنيها فحسب بل فى تأمين قناة السويس نفسها التى بلا شك وبعيدا عن التصريحات الوردية ستتأثر باستفحال القرصنة.
هل ندفع ثمن تصريحات انطلقت من القاهرة وجاء فيها: «إننا نتفهم دواعى الغزو الأثيوبى للصومال»؟
لماذا لم نقم بأى دور فعال وجاد فى حل أزمة الصومال، البلد المنكوب بعدد لا يحصى من الانقلابات ومن أمراء الحرب، حتى أصبحت أرضه مقرا وملاذا لعصابات قرصنة ظننا أن زمانها قد انتهى، ولكن ها هى تعود مسلحة بامكانات الأقمار الاصطناعية لتفرض على العالم كله دفع الإتاوات.
المآسى التى يعيش فى ظلها أهالى «أحدث المختطفين» نعنى بهم بحارة وصيادى مركبى «أحمد ممتاز وسمارة»، تدعو لتحرك جاد، أولى خطواته تحديد مسئولية الصيادين وأصحاب المراكب.
فإن كانوا مخطئين ويقومون كما يشيع القراصنة بالسطو على الثروة السمكية الصوماليه، وجب على الدولة أن تحاسبهم بعد الإفراج عنهم، وإن كانوا أبرياء فعلى الدولة أن تعمل كل ما بوسعها لعدم تكرار هذه الحوادث التى لا تهدد الحاضر فحسب بل والمستقبل أيضا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق