الجمعة، 10 يوليو 2009

مأساة الشيخ (ميم)





بعضهم يجعل مجاملة السلطان هدف حياته الأسمى، ثم يسرف فى المجاملة ويلزم نفسه ما لا يلزمها، حتى تورده المجاملة موارد التهلكة، ومن هؤلاء الشيخ «ميم» وعن الشيخ «ميم» يقول محدث عصره فضيلة الشيخ الإمام أحمد محمد شاكر فى كتابه كلمة الحق: «عندما تقرر إرسال الدكتور طه حسين فى بعثة تعليمية لأوربا. 



أراد السلطان حسين كامل تكريم طه ورعايته، فاستقبله فى قصره استقبالا كريما ومنحه هدية قيمة، هنا يدخل فى القصة الشيخ «ميم» الذى كان من خطباء وزارة الأوقاف النابهين. 

وكانت الوزارة تندبه للخطابة فى أى مسجد يصلى فيه حضرة السلطان، وفى صلاة جمعة وكان السلطان حاضرا تذكر الشيخ «ميم» تكريم السلطان لطه حسين فأراد أن ينوه بهذا التكريم، ولكن خانته فصاحته أو قل أوردته مجاملته موارد التهلكة فقد قال الشيخ «ميم» مادحا السلطان: «جاءه الأعمى، فما عبس فى وجه وما تولى». 

هنا وقعت الواقعة. فالذى جاءه الأعمى فعبس فى وجه وتولى كان سيدنا الرسول، إذن الشيخ «ميم» يعرض بالرسول ويفضل السلطان عليه، وعلى ذلك اندفع الشيخ «محمد شاكر» وكيل الأزهر يعلن فى الناس أن صلاتهم باطلة وأمرهم بأن يعيدوا صلاة الظهر، فأعادوها. 

كان رأى الشيخ شاكر أن الخطيب قد بطلت صلاته لأنه أراد أن يتملق السلطان فأظهره كأنه أحسن من الرسول. ثم ذهب الشيخ شاكر والد الشيخين أحمد ومحمود إلى قصر عابدين وقابل رئيس الديوان وطلب منه رفع الأمر إلى السلطان وأن يبلغه حكم الشرع بوجوب إعادة الصلاة. 

كان الشيخ «ميم» متصلا ببعض المستشارين الكبار فأشاروا عليه بأن يرفع جنحة مباشرة على الشيخ شاكر لأنه سبه سبا علنيا فى المسجد وفى ديوان السلطان، كاد الأمر يصل إلى القضاء لولا أن الحكومة تدخلت وطوت بساط القضية. 

يكمل الشيخ أحمد شاكر القصة فيقول: أقسم بالله لقد رأيته (أى الشيخ ميم) بعد بضع سنين، وبعد أن كان متعاليا منتفخا، مستعزا بمن لاذ بهم من العظماء، رأيته مهينا ذليلا، خادما على باب مسجد من مساجد القاهرة، يتلقى نعال المصلين، يحفظها فى ذلة وصغار.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق