يقينى أننا جميعا نسينا السبت وظهره وعصره. إنه يوم « فوزنا» بالعدم والفراغ والهزيمة، إنه ذلك اليوم الذى وقف فيه جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولى لكرة القدم فى زيورخ ليعلن فوز جنوب أفريقيا بشرف تنظيم بطولة كأس العالم بعد حصدها لأربعة عشر صوتا، وليته سكت، إلا أنه واصل سرد باقى النتائج فقال: المغرب حصلت على 10 أصوات، بينما حصلت مصر على صفر.
لم نكن ننافس أمريكا أو فرنسا أو الصين، الأمر كان مريحا، أفارقة ينافسون أفارقة وعالم ثالث ينافس عالما ثالثا ودول نامية تنافس دولا نامية، ومع ذلك حصدنا الصفر الموجع، أيامها ثرنا وأرغينا وأزبدنا وتكلمنا كثيرا عن هذه الدولة التى خانتنا وعن تلك التى «ربطنا» معها ثم تخلت عنا، ناقش البرلمان وهاج الإعلام وفتح تحقيقا سرعان ما أغلق وعدنا للنوم وكأن شيئا لم يكن.
ماذا حدث لنا بعد «فوزنا» بالصفر؟ حدث الكثير، لقد حصدنا أصفارا جديدة، هل نسينا صفر العطش؟ هل نسينا صفر طوابير العيش؟ هل نسينا صفر القمح المسرطن؟ أصفار وراء أصفار راح تتكدس على أرصفة حياتنا، ومع فداحتها لم نشعر بعد بالعار. بعضنا لجأ إلى الحيلة القديمة السخيفة «العالم ضدنا» وبعضنا مارس الهواية القديمة السخيفة «وأنا مالى».
جميعا لم نكن صادقين، جميعا لم نشعر بالعار الذى لو شعرنا به واكتوت قلوبنا بنيرانه، لربما كانت بشارة النهضة تدق بيدها الحانية باب الأمل، ولكن ما لنا نحن وهذا الشعور الراقى الجميل المرهف، نعم الشعور بالعار ليس عارا، إنه الجمال بعينه عندما يتحول إلى قوة دافعة للأمام كاسحة لألغام اليأس والإحباط، لقد شعرنا بالعار بعد ساعات من قاصمة الظهر صيف 1967الحزين، ولذا كان ردنا مزلزلا ظهر العاشر من رمضان، الأقوياء فقط هم الذين يشعرون بالعار ويسارعون إلى محوه.
تذكرت الصفر وأوجعتنى الذكرى وأنا أرى مع الملايين عبر التلفاز جنوب أفريقيا، وهى تنظم بطولة كأس العالم للقارات، فى «بروفة» متقنة لما سيكون عليه الحال لحظة انطلاق البطولة الأكبر، كانت ملاعب جنوب أفريقا «خضراء» من غير سوء، تخرج لى لسانها وكأنها تقول لى: «لسه فاكر ؟ خليك مغروس فى طين قضية سوزان تميم أحسن لك».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق