# عبد الرحيم ينقد كتاباته: أتألق فقط حين أكتب عن المقاومة.. فيما عدا ذلك "أنا" "لا يعجبنى"
# الجو فى مصر لا يشجع على القراءة.. بل على تدخين الحشيش
حوار: عمرو شوقي
أوهمناه بأننا سنجرى معه حوارا بمناسبة صدور كتابين يحملان اسمه فى معرض الكتاب، رواية "الدائرة السوداء" والمجموعة القصصية "قَبَل بنتا حزينة"، لكننا فى الحقيقة أردنا الاحتفال بقدوم مولودته الثالثة ليلى.
سألنا الكاتب المميز، والقارئ الأكثر تميزا، حمدى عبد الرحيم، أسئلة غريبة، فأجاب صاحب مجموعة "ليلة دخلة شيماء" بإجابات أكثر غرابة، فكان هذا الحوار الفنتازى.
# هل ما زلنا فى الدائرة السوداء؟
ـ دعنى أقص لك قصة العنوان، العنوان الأول للرواية كان "العُنّة" بضم العين، وهى معروفة ويعالجها المصريون باللجوء إلى أم حبيبة المغربية وست أم شوشو البولاقية، فالمصرى المعاصر والحديث لا يؤمن بأن العُنّة مرض قد تكون له أسباب جسدية أو نفسية، ولذا يذهب إلى العلاج لدى المشعوذين والدجالين، لكن الأستاذ سيف سلماوى، ناشر الرواية، قال لى إن العنوان صادم وقد تخجل بنت من السؤال عن رواية بهذا الاسم، فلجأنا لعنوان الدائرة السوداء، وهى الدائرة التى تحاصر أعناق الجياد ـ كما قال أمل دنقل - وأبطال الرواية كما كتبتهم أنا، وللحقيقة ما زال حصار الدائرة السوداء مفروضًا على أعناقنا.
# سنعتبر أننا فهمنا ما هى الدائرة السوداء.. فما هى إذن مواصفات الدائرة البيضاء؟
ـ الذى أعرفه عن الدائرة البيضاء وشقيقاتها "النقطة البيضاء" و"المنطقة البيضاء" و"البقعة البيضاء" أنهن جميعًا كن مشروعًا أطلقه الأستاذ عمرو خالد، يدعو فيه للإقلاع عن التدخين، وقد فشل المشروع، وهذا جيد لكى لا يعم الخراب بيوت بائعى السجائر، وقد أوغل المشروع فى الفشل، وقرأت دراسة تزعم أن 13% من طالبات الثانوى يدخن البانجو.
# هل أضاف حمدى عبد الرحيم إلى فن كتابة الرواية؟
ـ كتبتُ روايتين، فماذا أضافتا لفن الرواية؟ هذا سؤال يحتاج إلى تبجح، للأسف ينقصنى، كنت أتمنى لو تمتعت بكمية من البجاحة تجعلنى أهلل لنفسى، طبعًا أنا أهلل لنفسى وأصفق لها وأقبّل يدى، ولكن فى غرفتى، حيث لا يرانى أحد.
# أنت ناقد أدبى فى المقام الأول.. انقد كتاباتك وقل لنا ما السيئ فيها؟
ـ أسوأ شىء أراه فى كتابتى هو عدم قدرتى على كتابة ما أكرهه، فأنا مثلًا أكره الخنوع كراهية مطلقة، وعندما أريد تصوير بطل خانع تأتى كتابتى باردة سقيمة فأقوم بتمزيقها فورًا، أحسد هؤلاء المحترفين القادرين على كتابة كل شىء، أنا أتألق عندما أكتب عن المقاومة، بعيدًا عن المقاومة بمفهومها العام أنا لا يعجبنى.
# من الذى قبّل بنتا حزينة؟
ـ الذى قبّلَ البنت الحزينة، هو رجل صادق، خدعته أو أشغتله بنت، وأوهمته بأنها حزينة، فقبّلها لكى يشاطرها أحزانها، ثم تكشفت له حقائق مفجعة ومع ذلك لم يندم على قبلته وقال: "هى كانت لوجه الحزن".
# هل البنت الحزينة هى شيماء التى كتبت عن ليلة دخلتها من قبل؟
ـ لا، شيماء بنت شارع، لا تعرف القبلات، هى تمنحك روحها لا شفتيها، تمنحك تكوينها كله، أحلامها وكوابيسها، شيماء عبء لا يستطيع تحمله إلا أولو العزم من الرجال.
# إنتاجك من الكتب شحيح.. تكتب كم كتابا أمام كل كتاب تقرأه؟
ـ لا أعرف على وجه اليقين كم كتابًا قرأت، لأنى لا أعرف كم كتابًا تضمه مكتبتى التى تملأ غرفة كاملة، أزعم أنى قرأت آلاف الكتب، كان أهلى ـ وهم جماعة من عتاة القراءة ـ يقولون حمدى وُلد ليقرأ، وإنتاجى هو خمسة كتب فقط، وأرى أن قلة إنتاجى راجع لتقديسى للكتابة، أنا أخاف الكتابة وأهابها، وتظل الرواية أو القصة بداخلى سنوات حتى أتجرأ على كتابتها.
# فى الأجيال الصاعدة.. هناك من يكتبون أكثر مما يقرؤون، ما تعليقك؟
ـ هذا حادث فى الأجيال كلها الصاعدة والبائدة، ولكن علينا أن ننظر إلى منْ سيبقى، هل سيبقى الكاتب القارئ أم سيبقى الكاتب الذى يكتب على معدة خاوية وعقل فارغ؟
أؤمن بأن البقاء محكوم بقانون إلهى: "فَأَمَّا الزبد فَيَذْهَبُ جُفَآءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ الناس فَيَمْكُثُ فِى الأرض".
# فكيف سيكون تعليقك على من يكتبون وهم أصلا لا يقرؤون؟
ذو العقل يشقى فى النعيم بعقله .. وأخو الجهالة فى الشقاوة ينعم.
# الجو فى مصر يشجع على القراءة أكثر أم على تقبيل البنات الحزينات؟
ـ الجو فى مصر الآن لا يشجع إلا على تدخين الحشيش، بشرط وجود مال وفير وحماية من البوليس.
# هل تستطيع القراءة مع صوت بكاء ليلى؟
ليلى ليست ابنتى الأولى، سبقتها مريم، وهذه تتعامل مع الكون بوصفها ابنة النبيل عباس حليم وليست ابنة الجورنالجى حمدى عبد الرحيم، وسبقتها أيضًا فرح، وهى سائقة توك توك بامتياز، ولديها طموح بأن تصبح رقاصة مثل الأستاذة دينا، ولو أصرت على ذلك فغالبًا أهلى الصعايدة سيقتلونها.
نسيت السؤال، آه، بكاء ليلى، لقد اعتدت بتأثير العمل الصحفى على الكتابة فى أى ظرف، ولدى قدرة غير إنسانية، تجلب لى المشكلات الأسرية، على تجاهل أى شىء خارج الكتابة، الحقيقة هو ليس تجاهلًا، أنا حقا لا أسمع شيئًا أثناء الكتابة إلا كلمات أبطال القصة، ولا أرى شيئا أثناء مشاهدتى لفيلم أو مباراة سوى الفيلم أو المباراة، وهكذا، أنا فاشل بجدارة فى القيام بعملين فى وقت واحد، أنا أستغرق فى الذى بين يدى حتى لو كان تافهًا، فلتبكِ ليلى ما وسعها البكاء، ثم البكاء يفتّح طاقات الرئة، ويغسل العيون، وهذه فتوى طبية اخترعتها الآن ولست مسئولا عن صحتها.
# من هو كاتبك المفضل؟
ـ على كل منْ كتب كتابة جيدة أن يعلن نفسه أستاذًا لى، حتى ولو لم يسمع بوجودى على ظهر الأرض، وإن كان ولا بد من ذكر أسماء فسأذكر من الراحلين شيخى معلمى الأستاذ علاء الديب، ومن الأحياء الأستاذة صافى ناز كاظم والدكتور محمد المخزنجى، هؤلاء بعد أن أقرأ لهم أزفر قائلًا: "كتبتوا دا إزاى يا أولاد الـ...".
# من هو قارئك المفضل.. ولماذا؟
ـ إنها صديقتى الكاتبة الصحفية زينب حسن، فرغم قاهريتها العريقة فإن عِرقًا صعيديا يتمدد راسخا بجسدها، وذلك العرق الصعيدى يجعلها "مدب" تقول مباشرة ما تعتقد أنه الصحيح والصادق، وهذا يريحنى بوصفى كاتبًا لا يسعى خلف المجاملة، ثم زينب تمتلك رهافة وحساسية تجعلانها تذهب إلى عمق القصة وتضع يديها على نواتها الصلبة، ثم وهذا مهم جدًا، أنا لا أتحرج من مهاتفة زينب في أي وقت من ليل ونهار لكي أقرأ عليها مطلع قصة أو بداية رواية، وقد حصلت على هذا الامتياز لأن زينب وزوجها صديقي وأخي الكاتب الصحفي عمار حامد، وضعاني في خانة المجنون، ومن المعروف أن ليس على المجنون حرج، وأنا أستغل هذه الرخصة أسوأ استغلال.
ـ إنها صديقتى الكاتبة الصحفية زينب حسن، فرغم قاهريتها العريقة فإن عِرقًا صعيديا يتمدد راسخا بجسدها، وذلك العرق الصعيدى يجعلها "مدب" تقول مباشرة ما تعتقد أنه الصحيح والصادق، وهذا يريحنى بوصفى كاتبًا لا يسعى خلف المجاملة، ثم زينب تمتلك رهافة وحساسية تجعلانها تذهب إلى عمق القصة وتضع يديها على نواتها الصلبة، ثم وهذا مهم جدًا، أنا لا أتحرج من مهاتفة زينب في أي وقت من ليل ونهار لكي أقرأ عليها مطلع قصة أو بداية رواية، وقد حصلت على هذا الامتياز لأن زينب وزوجها صديقي وأخي الكاتب الصحفي عمار حامد، وضعاني في خانة المجنون، ومن المعروف أن ليس على المجنون حرج، وأنا أستغل هذه الرخصة أسوأ استغلال.
# تذكرتُ سؤالًا مهما، لماذا تكتب أصلًا؟
ـ وأنا فى ميعة الصبا "لا تنكر أن ميعة الصبا هذه جيدة وتخض" كنت أصدق أمل دنقل عندما قال: "الشعر بديل الانتحار"، وعندما أصبحت شابا يستطيع اقتناء علبة سجائر من عرق جبينه، صدقت إيزابيل الليندى وهى تقول: "أكتب لكى أتداوى"، وعندما أصبحت فى الخمسين الأولى من حياتى ـ لأنى سأعيش طويلًا ـ تأكدت أن الكتابة مصيبة يبتلى الله بها بعض عباده، عن أى كتابة نتحدث فى شعب أكثر من ثلثه أمى لا يعرف القراءة ولا الكتابة.
# كتبت مقالا منذ عام تنتقد فيه أسلوب تنظيم دخول السيارات لمعرض الكتاب.. لما استفزك هذا الأمر؟
ـ قلبك أسود، تذكر مقالًا من سنة.. المشكلة أننى مثل ابنتى مريم، برنس فى نفسى، أكره الفوضى والقبح، أريد الأشياء مرتبة نظيفة لامعة قدر الإمكان، السيارات الذاهبة للمعرض تصنع مهرجانًا من الفوضى والدمامة، وهذا عجيب جدا لأنه بالإمكان تأسيس مكان لانتظار السيارات، ولكن ما يحدث يجعله معرضًا للعذاب والتراب وليس للكتاب.
# ما استفزك كراكب ميكروباصات دعاك لإصدار كتاب بديع عنوانه "فيصل.. تحرير- أيام الديسك والميكروباص" فكيف سيكون عنوان كتابك عما تعرضت له كصاحب سيارة ملاكي؟
ـ سأضطر لمخالفة عهدي مع الفصحى، سيكون العنوان بذيئًا، من عينة "طبعًا ما أمك اللي شاريهالك" أو "العيب على الحمار اللي إداك الرخصة" أو "شممها بصلة يمكن تفوق وتجري" أو "خليك من أهل اليمين يا بهيم"
ـ سأضطر لمخالفة عهدي مع الفصحى، سيكون العنوان بذيئًا، من عينة "طبعًا ما أمك اللي شاريهالك" أو "العيب على الحمار اللي إداك الرخصة" أو "شممها بصلة يمكن تفوق وتجري" أو "خليك من أهل اليمين يا بهيم"
# قلت إن الكتاب الآن يستسهلون كتابة القصة القصيرة جدا.. اختم حوارك معنا بقصة قصيرة من استسهالك.
- منك لله ستجعلنى أؤلف على الهواء مباشرة كأننى عصام الشوالى عندما يعلق على مباراة لبرشلونة فيؤلف قائلًا: "يا البرشا الحديد، جرحت قلبى الشهيد، وجئت بالجود، فعزفت أنا على العود".
طيب نبدأ التأليف.. واحد اتنين تلاتة:
"إذا قالت لك: (أنت نور عينى)، فلا تصدقها قبل أن تتأكد أنها ليست عمياء"، تمت بحمد الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشر هذا الحوار بجريدة اليوم الجديد فى 30/1/2017
http://www.elyomnew.com/news/celebrities/2017/01/31/63142
ههههههههههههههه كويس
ردحذف