دعا الرئيس جماعة من المصريين
شاع وصفهم بـ " المثقفين " لمقابلته في القصر الرئاسي .
ومن لحظة توجيه الدعوة وإلى
ختام المقابلة وأخطاء التعامل معها تتراكم حتى كادت تسد طرقات مواقع التواصل
الاجتماعي .
الخطأ الأول هو وصف جماعة من
الكُتّاب بالمثقفين ، هؤلاء كُتّاب يعملون بالكتابة على مختلف أنواعها وأشكالها ،
أما المثقف فهو وصف يطلق على كل صاحب رؤية يجيد التعبير عنها ومشغول بالشأن العام
، وهؤلاء أكثر من أن يمثلهم عشرة كتاب أو مائة كاتب ، وهؤلاء تجدهم في المسجد
والكنيسة والحقل والمصنع وعلى المقاهي طبعًا .
الخطأ الثاني : بعضهم ناقش
الدعوة من حيث المبدأ وقرر هو بنفسه بعيدًا عن أي حسابات : أن اللائق بالمثقفين أن
يرفضوا الدعوة !!
ما معنى أن يرفض كاتب من العالم الثالث دعوة رئيس البلاد ؟
أـ سيتم الإجهاز عليه من قبل إعلام الرئيس .
ب ـ سنفترض أن الكاتب مقاوم عنيد ولن يشغل نفسه
بحملات إعلام الرئيس ، سيظهر ساعتها في ثوب المقصر الذي قيل له هيا اطرح علمك ولكنه
كنزه لنفسه .
ت ـ سيهلل أعلام الرئيس وسيحرض الشعب على الكاتب
قليل الأدب وعديم الوطنية الذي لا يريد مد يد المساعدة لسيادة الرئيس الساهر على
حماية البلاد والعباد .
وعلى ما سبق فقبول الدعوة ليس
أسلم فحسب ولكنه طبيعي ومنطقي وإنساني ويرقى أحيانًا لمقام الواجب الوطني .
الخطأ الثالث : الذين قبلوا
الدعوة لم يجلسوا معًا ولو جلسة قصيرة للتشاور وتحديد أجندة للقاء .
الخطأ الثالث : الرئاسة لم
تحدد جدول أعمال للنقاش والحوار ، لأنها وهذا ديدنها مذ كانت تحرص على تفريغ
الأشياء من معناها بحيث تتحول كل اللقاءات إلى نوع من المكلمة وإلى مظاهرة تأييد
للرئيس أو مسابقة بين الحضور على الفوز بقلب الرئيس أو الفوز بأكبر قدر ممكن من
الكلام ، الكلام فحسب .
الخطأ الرابع : حقق الكُتّاب
بتلبيتهم الدعوة بدون جدول أعمال للرئاسة ما تصبو إليه وهو سماح الكتاب للرئيس بأن
يلعب لعبة ( الدبل كيك ) وهي معروفة جدًا في كرة القدم ،وفيها يعطي المهاجم ظهره لحارس مرمى المنافس ثم يطير
في الهواء ، ومن الوضع طائرًا يسدد الكرة في زاوية لن يتوقعها الحارس حتى لو كان آية في الموهبة
لأنه أصلًا لا يري الكرة ولا قدم المهاجم ولا تعبيرات وجهه ولا نظرات عينيه ، وهذا
ما فعله السيسي ، جاء بالكُتّاب إلى مقر نفوذه واستغل عدم اتفاقهم على منهج في
الحديث وأوسعهم نصحًا وإرشادًا يصل إلى حد التوبيخ والتقريع ، فما معنى قوله لهم :
أنتم أهل تنظير ؟.
ليس له من معني سوى التوبيخ ،
وهم يستحقونه لأنهم ذهبوا كأنهم ذاهبون إلى نزهة خلوية في القناطر الخيرية ( هل ما
تزال تصلح للتنزه ؟) .
الخطأ الرابع : هو توقف
الأغلبية عند أسماء الكُتّاب لا عند المبدأ ، مبدأ الحضور بدون أجندة وأهداف محددة
، الأسماء سنظل نختلف عليها إلى يوم الدين ولن تكون هناك قائمة مجمع عليها ، لأن
الإجماع هو وهم من أوهام أمتنا هذه .
الخطأ الخامس : هو المزايدة ،
فقد جرى سلق الدكتور محمد المخزنجي والدكتور جلال أمين والأستاذ إبراهيم عبد
المجيد بألسنة حداد ، وكأن الثلاثة هم فقط الذين حضروا اللقاء ، وكأنهم وسوسوا
للرئاسة بما يضر الوطن ، وكأن مبدأ حضورهم هو الجرم وليس حضورهم بدون أجنده .
بعض الذين شاركوا في سلق
الأساتذة السالف ذكرهم يبرر موقفه قائلًا : كنا نراهن عليهم !!!!!!!!!!!!!
على ماذا يكون الرهان ؟
ونحن أمام رئيس يؤمن أنه وحده
الفاهم وأنه وحده المحب لبلده ، وأمام جماعة من الكُتّاب ذهبت إلى المجهول بدون خريطة إرشاد.
الخطأ الخامس : وهذا نتحمل
نحن الذين على علاقة بهؤلاء الكُتاب
مسئوليته ، كان يجب علينا جميعًا أن نقدم لهم بنك معلومات أو على الأقل
نطالبهم بتحدد أهداف .
ولكن هم من ناحيتهم لم يطلبوا
رأينا ونحن من ناحيتنا لم نبادر بتقديمه لكي نكسر طوق الحصار المفروض حول مثل تلك اللقاءات
، كان يجب أن نبدأ الشوط من أوله ونلزم كُتابنا بأهداف نراها تستحق الطرح على
الرئيس وتحتاج إلى كلمة عاجلة منه ، ولو فعلنا ذلك لأصبح للقاءات قادمة أهمية وخطورة ، وما كان سيجرؤ أحدهم على الذهاب
لكي يتنزه أو يظهر في الصور الرئاسية ، كنا نحتاج هذا الموقف منا لكي يكون اللقاء
الأحدث هو اللقاء الأخير الذي يجري تنظيمه بالعشوائية المعروفة التي تجعل من كل
لقاء هو والعدم سواء .
ختامًا ولأن روحي رياضي أحب أن أقدم التهنئة للسيد الرئيس على
لعبة الدبل كيك التي أحرز منها هدفًا غاليًا في مرمى الكتابة والكُتاب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشر المقال في موقع البداية بتاريخ 24 مارس 2016