لم أصوِّت
لصالح السيسى وأعلنت مبكرًا جدًّا وقوفى مع منافسه حمدين صباحى، وأحسبنى أقف عن يسار
السيسى، لا عن يمينه، ولكننى شأن كل أولاد البلد تركت كل شىء يشغلنى ووقفت (أعنى وقفت
تمامًا) أمام شاشة التليفزيون لكى أتابع بأصفى نقطة فى دمى تدشين مشروع قناة السويس
الجديدة، هذا التليفزيون الذى لا أحبه صباحًا، كان لامعًا ومتألقًا، قدماى اللتان تؤلماننى
عندما أقف طويلًا لم تشعرا بأدنى درجة من الألم، عاد حماسى متدفقًا، والرجل يقسم بأنه
جاد وبأن حلم المصريين فى قناة عملاقة عصرية سيتحقق، من نعمه تعالى علىّ أن منحنى أنفًا
تشم الكذب والكذابين، الرجل لم يكن يكذب ولا يداهن ولا يتملق مشاعر شعب متعب مرهق،
لم يعد له من زاد سوى الحلم والأمل، وجه الرجل كان مريحًا ونبرات صوته كانت واثقة تؤكد
صدقه وعزمه الأكيد على المضى قدمًا فى إتمام مشروعه، رغم أنوف وأنوف، عندما أقسم السيسى
إن المشروع سيتم بعون الله وفضله كان يعلم، بل كان يرد على أكاذيب عصابة حسن البنا،
التى ملأت بها سماء فضائيات عدوَّة، قالت العصابة: إن المشروع هو مشروع فاشلهم مرسى.
لقد أدمنوا
الكذب والتخريب، فلا جديد لديهم يقدمونه سوى مجموعات منتقاة من الأكاذيب القديمة التى
يلبسونها فى كل مرة ثوبًا جديدًا حتى تبدو للمتعجل كأنها بنت لحظتها.
كان السيسى
يرد بقسمه على هؤلاء المراهقين الذين زعموا أن آلات الحفر العملاقة ما هى إلا ديكور
من ديكورات السينما، وما إن ينصرف حضور الحفل حتى تعود الديكورات إلى مخازنها.
عصابة
البنا لن ننتظر منها خيرًا، أى خير، ولكن العتب جائز ومشروع فى حق هؤلاء الذين لا يرون
أبعد من أطراف أنوفهم، والذين وقعوا صرعى لخصومة أو منافسة سياسية حتى سولت لهم أنفسهم
أن كل خير سيأتى على يدى السيسى ما هو إلا شر مقنّع، ولقد أحسن حمدين صباحى عندما قطع
الطريق عليهم وأصدر بيانًا يشع وطنية وشهامة بارك فيه المشروع ودعا فيه كل المصريين
إلى المساهمة فى إنجاحه.
بيان
حمدين وغيره من بيانات القوى الوطنية المخلصة لم تجد التجاوب اللازم من كل وسائل الإعلام،
التى يحق للسيسى أن يشكو منها، وذلك لأن الإعلام الآن تتحكم فيه أيادٍ معدودة، يد لا
ترى سوى مصلحتها الضيقة جدًّا والخاصة جدًّا ولا تتحرك بالمساندة والترويج إلا إذا
كانت ضامنة أن الثمرة ساقطة فى جيبها هى على وجه الحصر، ويد سقطت بحكم الظروف المحيطة
أو بحكم هشاشة مقاومتها فى جُب الكآبة والإحباط والرؤية من خلال نظارات سوداء، تطبع
سوادها وقتامتها على كل تفاصيل المشهد، وهؤلاء يجب عليهم أن يساندوا أنفسهم أولا قبل
أن نطالبهم بأن يساندوا مشروعا عملاقا مثل مشروع قناة السويس، واليد الأخيرة التى تتحكم
فى ما يبثه الإعلام، هى يد مداهنة منافقة تساند كل عصر وتروج لكل مشروع ما دام مرتبطا
باسم الرئيس، أى رئيس، وهؤلاء مساندتهم هى فى حد ذاتها عبء على مشروع وطنى كهذا الذى
نتحدث عنه.
السيسى
لا يحتاج الآن إلا لأصحاب المشروع الحقيقيين، وهم جموع الشعب المصرى، الذى برهن سابقًا
ويبرهن دائمًا على أنه متى رأى صدق قائده اندفع بكل قواه الحية لكى يسانده ويدعمه ويحميه
من كل شر، دائمًا الكرة بين قدمى السيسى ولا ننتظر منه سوى الانحياز الكامل للشعب،
بعيدًا عن جماعات المنتفعين المغرضين.
اليأس
ليس عارًا فحسب، بل هو خيانة كاملة تامة غير منقوصة، سينجز المصريون، بفضل الله، مشروعهم
وسينعم الشعب ببركة ثورته التى ستسجل انتصارها الحاسم، شاء من شاء، وأبى من أبى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت بجريدة التحريرفي 13 أغسطس 2014
لينك المقال:http://tahrirnews.com/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%B3%D9%89-%D9%88%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9%D9%87/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق