لأن الدولة المصرية (على مدى تاريخها) لا تصدق شعبها ولا تثق به ولا تراهن عليه سوى فى الأغنيات فقط، فقد وقعت يوم الثالث من يوليو الماضى فى حيص بيص، الدولة لم تشاهد عشرات الملايين الذين تدفقوا إلى الشوارع لكى يخلعوا مرسى وعصابته من فوق كرسى الحكم، لم تسمع هذا الهتاف المزلزل (ارحل) لم تشعر بحرارة وصدق الموقف الشعبى الرافض لأى مساومة مع عصابة البنا، ولأن الدولة لم تشعر بكل هذه المفردات، فقد جمعت يوم الثالث من يوليو، وفى جلسة واحدة بين الثورى الذى واجه نظام مبارك (الممتد والمتمدد لزمن مرسى) وبين الذين يكفرون الثورة ويعتبرونها خروجًا على الحاكم الشرعى.
كانت الدولة يوم الثالث من يوليو تقول للخارج هل تريد امرأة؟ معنا سكينة فؤاد. هل تريد شيخاً؟ معى شيخ الأزهر. هل تريد راهبًا؟ معى بابا الكنيسة. هل تريد شابًا؟ معى قادة حركة تمرد. هل تريد ليبراليًا؟ معى البرادعى. هل تريد ملتحيًا يرطن بكلام الإخوان؟ معى يونس مخيون.
هذه كانت صورة التحالف فى الثالث من يوليو، وهو تحالف هش، سرعان ما ستحكم بانهياره عندما تتأمل السبل التى أختارها كل فريق من مكوناته، ولكن بقى فريق واحد ذهب بعيدًا فى التمسك بمكتسباته، لمجرد أنه ظهر فى الصورة التذكارية، ذلكم هو الفريق المسمى بالسلفى، تنظر إلى هؤلاء من اليمين إلى اليسار ومن أعلى إلى أسفل فلا تجد غير رطانة عصابة حسن البنا وقد توارت خلف ابتسامة لزجة، ماذا قدم هؤلاء حتى يتم لصالحهم ولحسابهم اختراق الدستور حتى من قبل كتابته، نعم لصالحهم لم يتم حظر الأحزاب الطائفية العنصرية التى تقوم على أساس دينى، وهكذا بقى حزب النور، يعاند ويعرقل ويفرق، ويطلق كل يوم قنبلة دخان، تكثف الضباب وتعمى العيون عن رؤية الواقع، يخترعون فى كل يوم معركة، وتحت ستار أو زعم مشاركتهم فى الثلاثين من يونيو، يحتلون منابر المساجد ويقصفون من فوقها العقول والقلوب، يطلقون الفتاوى الشاذة التى لا تنير بصيرة ولا تخاطب قلبًا ولا تؤثر فى عقل ، كل شغلهم الشاغل هو الإستيلاء على أكبر قدر ممكن من الوجود الإعلامى والسياسى، ثم احتلال المساجد، ولكن من الإنصاف ألا نحملهم بمفردهم المسئولية، لأن الدولة شريك فاعل فى هذا التحالف الهش بل السام، وحسبنا هنا أن نشير إلى تصريحات الصادرة عن قيادات بوزارة الأوقاف، والقاطعة بأن ثمة اتفاق أو بروتوكول قد تم توقيعه من السلفيين، ولكن السلفيون هم الذين لم يحترموا ما تم الاتفاق عليه!!!
هذه التصريحات هى كارثة من كوارث الدولة الرخوة، التى لا تؤمن بشعبها ولا تثق به، ولذا فهى تبحث عن حلفاء حتى لو كانوا سيدمرون عاجلًا أو أجلًا كل ركائزها.
هل سألت الدولة يومًا نفسها عن حقيقة إيمان السلفيين بمعنى الوطن؟
هل سألت الدولة يومًا نفسها عن حقيقة المعتقد السلفى؟
ألم تتعلم الدولة أن هؤلاء وإن تواروا الآن خلف ابتساماتهم المصنوعة فإن لهم ثأرًا لدى الدولة العصرية؟
واحد من أكابرهم فضحهم الأسبوع الماضى عندما صرح علانية بأن تسعين بالمائة من ضحايا تجمهر رابعة الإرهابى كانوا من السلفيين.
ماذا كان يصنع السلفيون فى رابعة والنهضة، سوى صب المزيد من الزيت على نيران الفتنة المشتعلة.
متى ستتعلم الدولة الدرس، وهو أن السلفيين كالإخوان تمامًا، دعوة أممية، الوطن عندهم مجرد ولاية من الولايات أو إمارة من الإمارات، ولا يشغلهم بحال من الأحوال كلام من الذى نقوله عن استقلال القرار الوطنى أو بسط السيادة الوطنية فوق كامل التراب الوطنى، كل هذه الأمور هى بالنسبة لهم من أراجيف الغرب الكافر الذى ابتلانا بالديمقراطية الكافرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت بجريدة التحرير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق