اندلعت الثورات العربية فى تونس ومصر واليمن والبحرين وليبيا وسوريا على غير توقع من أجهزة الاستخبارات الداخلية والخارجية ، فما كان من تلك الأجهزة التى هى فى حقيقتها «ريش على مافيش» إلا أن تبنت نظرية «ثورة الجياع».
ولكن لما ثبت للعالم كله أن الثوار ليسوا فى معظمهم من الجياع راحت الأجهزة تتنصل من خيبتها زاعمة أنها «ربما مهدت» و«ربما أوحت» وربما «دربت» وربما «ساعدت». كل تلك المزاعم هى كذب محض لا يأتيه الصدق من بين يديه ولا من خلفه، وقد اكرمنا الله بأدلة فوق أن تحصى، أحدثها هو كتاب «من سرق الرئيس» للشاعر والقانونى عربى كمال.
كل فصول كتاب عربى تم نشرها قبل ثورة يناير بأكثر من ثلاثة أعوام ، وكلها تؤكد أن ها هنا ثورة قادمة.
يدخل عربى إلى كتابه بمقدمة قصيرة عن مشاركته فى مظاهرات يوم 25 يناير وكيف طاردته شرطة العادلى حتى لجأ إلى شقة لا يعرف سكانها.
يقول عربى: «خرج لى المالك وهو مذعور من هذا الزائر الذى يجيء فى أوقات غير مناسبة، وازاد ذعره لما رأى هيئتى ،فى سرعة وبصوت هده الهتاف رويت له ما حدث وتعقب الأمن لى. كان التردد والخوف يشكل جغرافيا وجهه الذى تجاوز الخمسين، ولكنه حسم الأمر وأدخلنى واعدت لى زوجته مشروبا ساخنا وظل يتناقش معى مصرا على عدم جدوى ما نفعله، ومع أذان الفجر نزلنا وراقب الطريق ثم اتجه بى للصلاة فى المسجد المقابل وبعدها أحضر لى تاكسى ودفع أجرته كاملة. ساعتها شعرت أن الموت من أجل هذا الوطن وناسه ثمن بخس».
بعد تلك المقدمة التى تثبت أن ثورتنا هى مصرية الأبوين والجدين ولم يلوثها «تمهيد» من هذه الدولة أو تلك ولم يدنسها «عون» من هذا الجهاز أو ذاك، يطيب لى أن أتوقف قليلا عند محور من محاور الكتاب وهو الخاص بموقف من يسمون «علما ء الدين أو رجال الدين» من الثورات والمظاهرات العربية.
يقول عربى: «ما الذى يجعل رجل الدين خادما وبوقا للنظام؟ هل هو سيف المعز أم ذهبه»؟ نشرت «جريدة المصرى اليوم»، فتوى للدكتور على جمعة قال فيها «إن المظاهرات ضد الدولة حرام لما فيها من مفاسد».
بعد هذا الاقتطاف يبدأ عربى فى استخدام سيفه الباتر، أعنى تلك السخرية المصرية التى تهلهل كلام الخصم ولا تتعدى على شخصه، يقترح عربى تكفيرا لذنوب التظاهر أن نحشد نحن المتظاهرين حشودنا ثم نهتف «يا مبارك دوس دوس/ إحنا وراك من غير فلوس «ونهتف» خلى جمال يبقى رئيس.. شرع الله هو التوريث».
إن هذا الكتاب الذى تم نشر معظم فصوله قبل ثلاث سنوات، يصلح تماما ليكون «كلمة سر الثورة».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق