ما كشفه مقال الأستاذ وحيد يجب أن يصبح حجر زاوية فى مناقشة ومن ثم محاسبة تلك الجهات، لأن قيامها بكل هذا الإنفاق على الدعاية يثبت أنها غنية جدا ولا تحتاج إلى تبرعات فقراء المواطنين الذين «تنكد» عليهم معيشتهم بصور الأطفال المرضى بأفتك الأمراض، نعم تجب محاسبة جمعيات الخير هذه لمعرفة حقيقة ميزانياتها فلو كانت تملك كل هذه الأموال لوجب إيقاف التبرع لها، ولو كانت تأخذ أموال المتبرعين وتنفقها على الدعاية فيجب الضرب على يدها بقوة لأنها ستكون فى تلك الحالة مخالفة لبنود التعاقد «الضمنى» أو العلنى المبرم بينها وبين المتبرع، لأن المتبرع عندما قدم ماله لهذه الجمعية أو تلك لم يكن يتصور أن جزءا كبيرا منها سيتم إنفاقه على أنشطة الدعاية، هذه الجمعيات تفرض بالابتزاز العاطفى سياسة «التبرع للمليونيرات» لأنها تطارد الناس بصور الأطفال المرضى فى نوع من «الشحاذة» يذكرنا بما كان يقوم به «زيطة» صانع العاهات فى رواية نجيب محفوظ.
وعلى الناحية الأخرى هناك عشرات بل مئات الجمعيات والمؤسسات التى تقوم بعمل خارق فى رعاية ودعم الفقراء والمحتاجين ومع ذلك لا يسمع بها أحد ولا تقوم هى باستقطاع جزء مهم وفاعل من التبرعات للإعلان عن أنشطتها، إن ما يحدث الآن من تسابق على أعمال الدعاية سيؤدى إلى انصراف الناس عن هذه الجمعيات التى أدمنت الظهور فى الفضائيات، لأنه ليس من المعقول أن يتبرع الناس لجمعيات كل همها الإعلان عن نفسها وكأنها جاءت بما لم يأت به الأوائل.
الشفافية هى الحل الذى يرضى الجميع فى حالة كالتى نعيشها وعلى هذه الجمعيات أن تعلن بشكل صريح ومباشر عن ميزانياتها وأن تذكر بكل صراحة أوجه إنفاق الأموال التى تتلقاها كما عليها أن تكف عن هذه الحملات الإعلانية المزعجة حتى ولو كان هناك من يتحمل تكاليفها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ